إضاءة: مجمع سيدي عمر.. درّة الإيكولوجيا المتفرّدة

بعضهم رافق لبيب في دهشته لمفخرة القرية البيئية التي استحقت أكثر من تتويج، ولفتت الانتباه مرتين في شهر واحد،

أحدها خلال الأسبوع الغابي المنتظم مطلع نوفمبر المنقضي بمدينة العلوم، والثاني بمساهمة مميزة في احتفالية للبنك الوطني للجينات في عيد ميلاده العاشر..
لا ضجيج حول القرية المتاخمة لمدينة اريانة، الهاربة من حمى البناء والتعمير والتوسع الحضري المسعور..

لا حديث عن منجزات فرق تعمل كخلايا نحل خلف أسوار ضيعة كبرى تمتد على سبع هكتارات تم إنقاذها لفائدة المجمع التنموي الفلاحي البيئي بسيدي عمر قبل فوات الأوان، ولا أصداء في حصص الذروة وبرامج الـ«بوز» ومواعيد الأخبار والمنوعات و..
وقصة القرية، الشبيهة بحكايا مشوقة أقرب للخيال، بدأت قبل اثنتي عشرة سنة، مع فريق من أجوار الأرض يقودها طبيب هو الدكتور الطيب بن ميلاد، شدهم ثراء المكان، وهزتهم هواجس التهامها الوشيك بين فكي النمو المتسارع للمدن المجاورة، فتحركوا ينفضون عن شجر الزيتون غبار العربات وعوادمها، وينقون مياه الصرف الصحي المنسكبة ، ويروون من عرقهم تربة، يفلحونها لحماية الغابة وتكثيف الزراعات، وإنشاء البساتين والتي يضم أحدها أكثر من ثلاثمائة صنف من الورود والزهور ، من بينها ورد اريانة (الحقيقي) الذي أوشك على الانقراض.

والأهم، أن طاقم القرية المتناغم، على تنوعه الأكاديمي والفني والمهني ،لا يزعجه جهل-تجاهل البعض بنفائس الورشة، ولا يؤذي نفوسهم، سلبية بعض الواقفين على الروابي، واللامبالين بمتاعب المتيمين بالبيئة المهددة بالانحسار والاضمحلال.

واستمرت وتيرة الحركة متصاعدة، بشراكة مع الهياكل المعنية، وبانضمام عشرات العملة والكوادر والفنيين والجامعيين والطلبة والباحثين، والتحاق شركاء دوليين، بهرتهم طرافة الفكرة، وروح المشروع المواطني الجمعياتي الايكولوجي، الذي زاوج بين الزراعة والتنمية وصون الموارد والمنظومات، وبعث موارد الشغل الخضراء، ومصالحة الفضاء مع محيطه.
وما يشد في مسار تطور مشروع القرية، تجاوز مقاربة حماية الطبيعة، إلى تثمينها، والتركيز على الأنسان كمحور وفاعل وقطب للمشاريع، والشراكة المفتوحة مع مختلف المتدخلين لتجاوز الأنشطة التقليدية، وافتتاح مبادرات مجددة، ومشاريع استراتيجية على غرار تثمين المياه المعالجة، واستصلاح الأراضي، وإنجاز برامج تنمية سوسيو- إقتصادية مشغلة وذات مردودية عالية.

ومع الديناميكية التي أنشأتها القرية، يشكل التفاف الكثير من الداعمين والشركاء والهياكل والهيئات الجمعياتية حاضنة أخرى تعزز همم الفريق القائد للمشروع الايكولوجي والتنموي المندمج المتفرد، الذي يدعو للدرس، ويحرض على التعميم والاستنساخ.
لمن فاتته المحطات السابقة، ومع عسر النفاذ في أي وقت وبلا سابق ميعاد والولوج للفضاء الراقي والشائق، سيتاح قريبا (في غرة فيفري تحديدا بفضاء القرية)، مجال لاكتشاف عينات من فعل المجمع، ومساره المتفرد في تثمينه الفضاء الطبيعي وتحويله الأراضي المهددة بالتدهور والانجراف والتعمير، إلى مجال غني بالاخضرار وبالتنوع البيولوجي «الوردي» وغيره من مشاريع البناء والانتاج البيولوجي وتثمين مختلف الموارد الطبيعية وتطوير أنشطة البحث وغيرها ضمن منظومة فلاحة مستدامة وتنمية خضراء.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115