لا يتردد جل الناس في الإقرار بفضل الكشافة ، والعرفان بدورها في تشييد شخصية رجال الغد ومواطني المجتمع الراقي المتوازن والمسؤول,,ولكن,,يبقى سؤال..
هل نعرف حقا الحركة الكشفية ، وهل ندرك جميعا حقيقة مناهجها وآثار وظيفتها في النشء والمجتمع؟
سؤال طرح يوم الاحتفال بعيد الحركة الكشفية السنوي، وقد اعترى الكثيرين شعور بالفخر لما حققته المنظمة التونسية من تألق وحضور دولي، ومن توسع في التأثير والإشعاع بتأطيرها لنحو مائة ألف كشاف من مختلف الاختصاصات والجهات..
وبقية الشباب التونسي غير المنظم؟
وجموع المستضعفين وقوافل المهمشين واليائسين و,,,من شبابنا المساكين؟؟
وجيل يعلو جبهات الكثير من منتسبيه التشاؤم والعبوس,,وحشود لامبالية بالشأن العام، أو غير عابئة بمصلحة المجموعة، ويبدون أحيانا تصرفات مخلة ومستفزة وأحيانا أخرى عدوانية تجاه البيئة والمكتسبات المشتركة؟
اين الحركة الكشفية من مقومات التنشئة ومؤثرات بناء شخصيات الشباب؟
سؤال إنكاري يطرحه العارفون بالكشافة وأبناؤها وهم كثير بحرقة، وهم يعلمون جيدا ما يمكن أن يصل له الجيل إذا تعممت قيم الكشفية وتوسعت دوائر تأثيرها التربوي..
فمنذ تأسست الحركة الكشفية في عام 1907م، وهي تولي عنايتها الفائقة للفتية والشباب ليكونوا مواطنين قادرين على إحداث تغيير اجتماعي في مجتمعاتهم بالشراكة مع المؤسسات المجتمعية، باعتبارها حركة تربوية تطوعية وتعمل على إعداد النشء والشباب في مختلف مناحي الحياة السياسية والعامة، وبحسب القدرات والإمكانات المتاحة وعلى ضوء احتياجات المجتمع، وانطلاقاً من كونها من أفضل الوسائل لتنشئة الفرد اجتماعياً؛ لأنها تنمي لديه الشعور بالمسؤولية تجاه مجتمعه، وتوجه طاقاته في برامج هادفة للفرد والمجتمع،
ويكتسب من خلالها مهارات وخبرات جديدة تجعله قادراً على ممارسة المهارات اللازمة لتلبية متطلبات الشراكة مع المؤسسات التربوية والاجتماعية الأخرى، بحيث تتكامل الجهود في دراسة قضايا المجتمع ومشكلاته من خلال تبنّي أنشطة تطوعية يقوم بها أفراد الكشافة لما فيه تحقيق ذاته في خدمة مجتمعه.
فللكشافة قوة تأثير في تحديد ملامح الشخصية والتنشئة على أنبل القيم والتأسيس للمواطنة الإيجابية المتزنة والمبدعة,,وهو ما أثبتته دراسات علمية منها بحث لعبد الخالق الزاهي، مما يؤكد حتمية تعزيز نسق تنمية المنظمة الكشفية وتعزيز بناها الاساسية وتكثيف جسور شراكاتها وأوجه تعاون بقية الفاعلين معها حتى تستجيب لحاجيات تأطير مئات الآلاف من الشباب من مختلف المراحل من الأشبال والزهرات والقادة والدليلات والمرشدين والمرشدات وصولا للقدماء والأحباء
للكشافة كل هذا الزخم من الفعل والتأثير ومع ذلك ما يزال مدى تأثيرها نسبيا محدودا..
بلغت كشفيتنا التونسية في حضورها الدولي كل مدى..
وأدركت في نشاطها الصيفي الأخير رقما قياسيا,,ومع ذلك يبقى هناك أمل..
كل منجز المنظمة، البيئية بامتياز، يحرض لا فقط على الاحتفاء والتكريم المتبادل، وإنما على طرح أسئلة متجددة حول الممكن المأمول,,عشية الاحتفال بعيد الشجرة, ماذا لو أقر برنامج يتم خلاله توزيع مائة ألف كشاف مع المربين والجنود وفاعلي الجمعيات النشيطة في أوساط التلاميذ لقيادة حركة مليونية ترمي لغراسة مليون شجرة يوميا وعلى امتداد شهر أو أكثر,
لتكون واحدة من بوادر الكشافة.
إنها تربية بالممارسة، وتنشئة على قواعد الكشفية التي تعني الانضباط وتقرن القول بالفعل,, تحتاجها ملايين العقول والسواعد الفتية حتى تنشأ على حب التطوع، وتعيد لتونسنا ألق الأمل ورونق الخضرة وبريق الاحتفاء.