من سينتج الحليب في تونس؟ المنتجون يتخلون عن تربية الأبقار و 85 % من بقية المربين لا يملكون أكثر من 5 رؤوس

لا تعد الأزمة التي تعيشها منظومة الألبان حديثة العهد إذ تعود الى سنوات ماضية تم التحذير فيها من انهيار المنظومة نتيجة سياسة الدولة تجاهها

وعدم ايلائها الاهتمام لضمان ديمومتها وتعد منظومة الألبان في السنوات الماضية من انجح المنظومات حيث كانت تونس تحقق اكتفاءها الذاتي من الحليب الا ان الالتجاء الى التوريد في مناسبات عديدة أثار الشكوك حول قدرتها وصمودها امام هذه الخطوات التي يعتبرها المنتجون غير محسوبة.
تعد كلفة الانتاج وارتفاعها المتواصل ابرز العوامل التي تدفع نحو ضعف منظومة الألبان في تونس ذلك أن حلقة الإنتاج تمر منذ 2020 بوضعية خطيرة حذر الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري من انهيارها يل حذر من انهيار كامل لجميع حلقات المنظومة إنتاجا وتجميعا وتصنيعا، وترجع أسباب هذه الوضعية الحرجة إلى ارتفاع كلفة الإنتاج الناتجة عن ارتفاع تكلفة الأعلاف بجميع أنواعها.

انهيار منظومة الأعلاف لا يعد ذا تكلفة اقتصادية فقط بل ان التكلفة الاجتماعية باهظة ايضا فقد تخلى عدد كبير من المنتجين عن نشاطهم المتمثل في تربية الأبقار لينضموا الى صفوف العاطلين عن العمل. ويبلغ عدد المربين 112 ألف مربي أبقار 84 % منهم صغار يملكون أقل من 5 رؤوس ابقار انثوية.
وتساهم منظومة الالبان بنحو 11 % من الانتاج الفلاحي و 25 % الإنتاج الحيواني كما تكتسي اهمية في الصناعات الغذائيةة بنسبة 7 % وتساهم بـ 2.8 % في التصدير علما وان من اهداف الخطة التي وضعت للقطاع في افق 2025 بلوغ تصدير 60 مليون لتر سنويا والارتقاء بالاستهلاك الفردي 122 لتر .
وتشهد منظومة الالبان انهيارا كبيرا حيث تراجعت مردودية نشاط تربية الابقار بعد الارتفاع المشط لكلفة الإنتاج والتي يقدرها اهل المهنة ب 1600 مليم للتر الواحد إنتاجا دون هامش ربح في حين تستقر أسعار الحليب في حدود 1140 مليم للتر.
وما يزيد من الصعوبات اكثر تأخير خلاص مستحقات مركزيات الحليب ومراكز التجميع المتخلدة لدى الدولة بعنوان التجميع والاستغلال والتخزين والتي تجاوزت 300 مليون دينار.
وبشهد القطاع تراجع الإنتاج بأكثر من 20 % وتدهور جودة الحليب. الى جانب عزوف المربين عن النشاط وتنامي تهريب الأبقار وذبح الإناث المنتجة.

ومن المنتظر ان يسجل مخزون الحليب المعقم عجز هام في تزويد السوق مع نهاية سنة 2022، إضافة إلى تواصل صعوبات تزويد السوق خلال سنة 2023 كما ان التوقعات تشير إلى صعوبة رجوع المنظومة الى نسقها العادي. وتبعا للازمة تراجع عرض اللحم البقري المحلي وسط توقعات باللجوء الى التوريد وما له من انعكاسات على الميزان التجاري الذي يسجل عجزا بأكثر من 19 مليار دولار الى جانب تآكل الموجودات الصافية من العملات الأجنبية.

وانقاذ المنظومة يكون بعديد المقترحات تنطلق بالزيادة في سعر الحليب على مستوى الإنتاج بقيمة 800 مليم للتر الواحد، إلى جانب مراجعة منحة التجميع والسعر على مستوى التصنيع الى جانب مزيد الدعم للمواد العلفية ولترفيع في منحة نقل الأعلاف اما على المدى المتوسط فالمقترحات المقدمة لانقاذ منظومة الألبان تتمثل في الاهتمام بالزراعات العلفية والاهتمام بالصحة الحيوانية ببعث صندوق للصحة الحيوانية.

ورغم التأكيد على النقص في الإنتاج بنسبة تصل الى 30 % الا انه لا يوجد تاكيد على وجهة القطيع ما اذا كان نحو التهريب أونحو الذبح او الإصابة بالأمراض.

وقد راجت العديد من الصور التي يتم تداولها بخصوص تهريب الابقار الى الجزائر إلا أن أهل المهنة لا يؤكدون او ينفون الامر. على الرغم انه في العام 2019 تم الحديث الى جريدة «المغرب» والتاكيد انه بين 2016 و2019 هناك نقص بـ 50 الف راس بقر وهو ما نتج عنه تراجع في الانتاج.
وكانت وزارة الفلاحة والصيد البحري والموارد المائية قد اتخذت جملة من الإجراءات لفائدة منظومة الألبان في 2018 من ضمنها التصدي لتهريب الأبقار للمحافظة على الثروة الحيوانية بتشديد الرقابة على نقل الحيوانات خاصة بالولايات الحدودية الخمسة (جندوبة والكاف والقصرين وقفصة وتوزر) وإعداد منشور مشترك بين الوزارات المعنية لمحاربة ظاهرة تهريب الحيوانات خاصة الأبقار منها.

وتبقى كلها مجرد اجراءات وليس القطاع الوحيد الذي تسن لأجله إجراءات ثم بتغيير رأس السلطة يتم التخلي عنها ولهذا فان منظومة الألبان هي عينة على بقية المنظومات المهددة بالانهيار

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115