الأقل تأثرا مقارنة بباقي القطاعات الأكثر عرضة للاضطرابات اللوجستية وضعف الطلب مثل أسواق السفر والتصنيع والطاقة ،فقد أفاد تقرير حديث عن المنظمة بصمود التجارة العالمية للمنتجات الغذائية خلال الجائحة.
قالت دراسة حديثة لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة أن التجارة العالمية بالمنتجات الغذائية قد أثبتت قدرتها على الصمود بشكل ملحوظ خلال هذه الجائحة، في حين تمكنّت البلدان النامية من زيادة عائدات الصادرات وأوضح التقرير نصف السنوي لتوقعات الأغذية والذي صدر خلال شهر نوفمبر في مقالة خاصة عن الاتجاهات الأخيرة لتكاليف الواردات الغذائية وعائدات الصادرات إلى أنّ البيانات المتاحة حتى شهر جويلية تبيّن «قدرة قوية لأسواق الأغذية العالمية على الصمود أمام الصدمات الناشئة عن جائحة كوفيد-19 حتى وإن لم تكن تتمتع بهذه القدرة بشكل كامل».
ووفقًا للتقرير فقد أظهرت البلدان النامية «نشاطًا» ملحوظًا في إنقاذ تدفقات التجارة العالمية بالأغذية فقد ارتفعت عائدات صادراتها خلال النصف الأول من عام 2020 بنسبة 4.6 ٪ بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، في حين انخفضت تلك العائدات في البلدان المتقدمة. ويعزى السبب جزئيًا إلى الانخفاض الحاد في استهلاك المشروبات والأسماك واللحوم، بما أن الطلب على هذه المنتجات يتأثر بشكل أكبر بانخفاض دخل الأسر المعيشية جراء الانكماش الاقتصادي على المستوى العالمي.
وقال التقرير إن البلدان النامية قد أظهرت إلى حد بعيد مرونة أكبر في مواجهة COVID-19 بالحفاظ على التدفقات التجارية الوافدة و تحديدا لسبع من المجموعات الغذائية الإحدى عشرة ، حيث ازداد حجم الواردات في النصف الأول من عام 2020 مقارنة بالنصف الأول من عام 2019 ، بالنسبة للحوم والسكر والبذور الزيتية كما توسعت التجارة من حيث النسبة المئوية بنقاط مضاعفة .
وتعد تونس من الدول التي استفادت صادراتها الغذائية ،فقد ذكرالمرصد الوطني للفلاحة في نشرية له حول «تبعات جائحة كوفيد 19 على صادرات المنتوجات الفلاحية» أن تأثير جائحة الكورونا قد انعكس إيجابا على أغلب صادرات المنتجات الفلاحية والغذائية ،فقد ارتفعت صادرات المنتجات الغذائية إلى غاية موفى أوت 2020 ارتفاعا بنسبة 10.5 %بما يعادل 339 مليون دينار ، فإلى جانب ارتفاع صادرات زيت الزيتون ، سجلت صادرات الخضر خلال أشهر جوان و جويلية وأوت نموا طفيفا بحوالي 1900 طن مع انتعاشه بنسبة 23 % مقارنة بنفس الأشهر من سنة 2019 ،ما يعادل زيادة بـ13.2 مليون دينار.
وكانت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة «الفاو» قد أبدت تخوفها من حدوث أزمة غذائية في العالم ما لم يقع إتخاذ إجراءات سريعة لحماية الفئات الضعيفة وللحفاظ على استمرار سلاسل إمدادات الغذاء العالمية التي تضررت جراء انتشار فيروس كورونا منذ بداية السنة.
كما توقعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن تشهد إمدادات المواد الغذائية اضطرابا خلال شهري أفريل وماي،وفسرت المنظمة بأن عمليات الإغلاق الحدودية والحجر الصحي والخلل في السوق وسلسلة التوريد والتجارة إلى تقييد وصول الناس إلى مصادر غذائية كافية ومتنوعة ومغذية ، خاصة في البلدان التي تضررت بشدة من الفيروس ستؤدي إلى
إرتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي .
أما في ما يتعلق باتجاهات أسواق السلع الأساسية،فقد كانت الإمدادات في أسواق الحبوب خلال الفترة 2020 /2021 جيدة، وقد تأثرت الأسعار بانكماش العرض في أسواق القمح والطلب الدولي القوي على الحبوب الخشنة والأرزّ، أما عن السكر فقد ذكرت المنظمة أن الإنتاج العالمي للسكر قد ارتفع في عام 2020 وإن كان بوتيرة أقل من وتيرة الاستهلاك المتصاعدة، وهو ما يتوقف على إمكانية فرض تدابير إغلاق إضافية متصلة بجائحة كوفيد-19، أم لا وتشير توقعات الفاو إلى انتعاش محتمل بنسبة 1.5 في المائة ومن المتوقع أن يقل الإنتاج قليلاً عن الاستهلاك العالمي .
كما توقعت الفاو أن ينخفض الإنتاج العالمي للحوم في عام 2020 للسنة الثانية على التوالي، في ظلّ توقعات التجارة والطلب الخافتة.
ومن المتوقع أيضًا أن يشهد الإنتاج العالمي للحليب في عام 2020 توسّعًا، مدعومًا بمواسم أمطار مواتية وقدرة شبكات التعاونيات القروية على الصمود من خلال جمع الحليب في ظل العقبات اللوجستية في الهند، إلى جانب المساعدة الحكومية لتحقيق الاستقرار في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.
أما بالنسبة إلى قطاع منتجات الصيد البحري ، الذي عانى على النحو المشار إليه أعلاه من انخفاض كبير في التدفقات التجارية، فمن المتوقع أن ينخفض الإنتاج في هذا القطاع في عام 2020 نتيجة تأثيرات الجائحة على الطلب والترتيبات اللوجستية والأسعار والعمالة وتخطيط الأعمال التجارية. ومن المرجّح أن ينخفض حجم إنتاج المصايد الطبيعية بشكل طفيف، في حين يتوقع أن ينخفض إنتاج تربية الأحياء المائية للمرة الأولى منذ سنوات عديدة. ويشير التقرير إلى أن تأثير الجائحة على أسواق الأسماك - ولا سيما انخفاض الطلب على الأسماك الطازجة بسبب تفادي الأسواق والمطاعم - قد أدّى إلى «تغييرات بعيدة المدى» من المرجح أن تستمر في الأجل البعيد، وإلى دعم الابتكار في المنتجات، واختصار سلاسل القيمة وإنشاء قنوات توزيع جديدة وفقا لما ورد في التقرير.