الترفيع فيها أربع مرات خلال نحو سنة: توقعات ببلوغ نسبة الفائدة في السوق النقدية 7.75 % وتخوفات من تأثر عملية تمويل الاقتصاد

بعد قيام البنك المركزي بالتّرفيع في نسبة الفائدة المديرية للبنك المركزي بـ 100 نقطة

أساسية لتنتقل من 5.75 % إلى 6.75 % سنويا يكون مجموع الزيادة في ظرف سنة تقريبا 4 مرات، وقد ارجع البنك المركزي اتخاذه هذا الإجراء إلى أن استمرار الضغوط التضخمية يشكل خطرا على الانتعاشة التي يشهدها الاقتصاد والمقدرة الشرائية.
هذا الإجراء أصبح الخيار الذي يعتمده البنك المركزي في فترات متواترة ووجيزة في الفترة نفسها تقريبا في السنتين الأخيرتين 2017 و2018. ففي العام الفارط قام البنك المركزي في شهري افريل وماي بالترفيع في نسبة الفائدة ويتكرر الأمر هذا العام في شهري مارس وجوان نظرا لارتفاع نسبة التضخم في الشهرين الماضيين خاصة ببلوغه 7.7 %. وبحسب البنك المركزي فانه من المرجح أن يعرف التضخم مسارا تصاعديا ليناهز 8 % خلال كامل سنة 2018 علما وان توقعات سابقة تم الاعلان عنها خلال ندوة صحفية للبنك المركزي قدرت نسبة التضخم لكامل سنة 2018 بـ 7.2 %.

إجراء البنك المركزي غير كاف
يستعرض عز الدين سعيدان الخبير الاقتصادي في تصريح لـ«المغرب» الأهداف من التّرفيع في نسبة الفائدة وأوّلها محاولة التحكم في التضخم المالي لافتا إلى انه لم يتم التوفق إلى حد الآن حيث استقرت النسبة في شهر ماي المنقضي في حدود 7.7 %، الهدف الثاني حسب رأيه محاولة ترميم وضعية الادخار الذي نزل من 22 % من الناتج المحلي الإجمالي إلى مادون 8 % اليوم. ويطرح سعيدان تساؤلا حول كيفية تمويل الاستثمار وإنقاذ الاقتصاد باعتبار أن القدرة على الاقتراض أصبحت محدودة؟

الهدف الثالث هو محاولة إرضاء صندوق النقد الدولي الذي يؤكد دائما تشديد السياسة النقدية ويعني الزيادة في نسبة الفائدة ومزيد المرونة في سعر الصرف مبينا أن ما يحصل اليوم على مستوى البنك المركزي هو إدارة عملية انزلاق الدينار قصد التحكم فيها قدر الإمكان. أما عن تبعات الزيادة فيقول سعيدان انه من المنتظر أن يتم تسجيل زيادة في كلفة تمويل النشاط الاقتصادي وهذا يعني ارتفاع كلفة الإنتاج وهذا ما يؤدي آليا إلى ارتفاع الأسعار الأمر الذي يغذي بدوره التضخم المالي وهذا ما يحيل إلى دوامة من التضخم. كما أن الاستثمار سترتفع كلفته أيضا. السبب الرئيسي للتضخم حسب ما يصرح به سعيدان ليس نقد فقط بل أيضا اقتصادي فإجراءات البنك المركزي تبقى معزولة مادامت لم تصاحبها إصلاحات اقتصادية عميقة.

ضرورة تقييم الزيادات السابقة
كما أثار هذا التّرفيع عديد ردود الأفعال الأخرى وتعددت التحاليل المقدمة من طرف الخبراء حيث يؤكد العديد من الخبراء وأساتذة المالية أن شحّ السيولة المسجلة يعد عاملا ضاغطا على نسبة الفائدة فمن المتوقع أن تصل إلى أكثر من 7.7 % حيث ستتراوح النسبة بين 5.75 % الحدّ الأدنى و7.75 % الحد الأقصى، وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى أنه حين قام البنك المركزي بالتّرفيع في نسبة الفائدة ب 75 نقطة في شهر مارس لتصبح 5.75 % فانه في شهر افريل تم تسجيل رقم قياسي لنسبة الفائدة ببلوغها 6.54 % وفق ما ينشره البنك المركزي من مؤشرات محيّنة. والسؤال الذي يطرح نفسه حسب عديد الملاحظين هو كيف كان تأثير الزيادات السابقة لنسبة الفائدة في نسبة التضخم؟ الأمر الذي يستوجب دراسات تقييمية للوقوف عند نتائج الإجراءات التي تم اتخاذها. الخطر الذي يمكن أن ينجر عن هذا الإجراء هو أن المستثمر سيقيم المردود حسب نسبة الفائدة ولن يقدم على مغامرة قد يكون فيها الفارق بين الأرباح والكلفة سلبي أما بالنسبة إلى المواطن فان كلفة تسديد الدين ستتسع وسيكون هناك ضغط على المقدرة الشرائية، كما ان هناك احتمالا لتوجه أصحاب المؤسسات إلى الضغط

على كتلة الأجور أو التّرفيع في الأسعار والخيار الثاني مطروح أكثر لدى المؤسسات الموجهة إلى السوق المحلية وليس المؤسسات المصدرة كليا.

كنفدراليــة المؤسسـات المواطنــة التونسيــة:
الحل في المضي في الإصلاحات الكبرى
عبرت «كونكت» عن انشغالها من انعكاسات الترفيع في نسبة الفائدة المديرية على مناخ الاستثمار تبعا لقرار البنك المركزي التونسي الترفيع في نسبة الفائدة المديرية ب100 نقطة من %5.75 الى %6.75 بالمائة
معتبرة أن هذه الزيادة سيكون لها تداعيات على تمويل المؤسسات وعلى قدرتها التنافسية على الصعيد الوطني والدولي خاصة ان المنافسين الأجانب يتمتعون بتكلفة اقل وتسهيلات تمويلية كبرى بحسب البيان.
وأكدت ان اتخاذ هذا الاجراء يأتي في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد الى دفع الاستثمار والتصدير لمعالجة اختلال التوازنات المالية والاقتصادية والاستجابة للحاجيات المتأكدة لدفع التشغيل من خلال خلق فرص عمل جديدة لا يمكن إلا ان يزيد من تعميق الازمة الحالية. وتعتبر كونكت ان هذا الإجراء و ان يستجيب لاعتبارات مكافحة تفاقم التضخم إلا ان الحل يكمن في المضي في الإصلاحات الكبرى والإستراتيجية وتحسين مناخ الاستثمار ومقاومة الاقتصاد الموازي بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من تقهقر الدينار والترفيع في القدرة الإنتاجية والتنافسية للمؤسسات التونسية. وتدعو كونكت الحكومة والأطراف المعنية والمتدخلة الى مشاورات واسعة مع الفاعلين في المجال الاقتصادي بهدف التوصل الى الاجراءات الضرورية والإصلاحات الحقيقية التي يحتاجها الاقتصاد الوطني في اطار مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار مختلف التحديات الاستراتيجية التي تواجهها تونس في علاقة بوضعها الاقتصادي ومحيطها الدولي.

الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية :
قرار سيزيد من مصاعب المؤسسة
اعرب الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية عن استيائه الشديد من إعلان البنك المركزي التونسي يوم الأربعاء 13 جوان 2018 التّرفيع في نسبة الفائدة المديرية بـ 100 نقطة أساسية لتنتقل من 5.75 % إلى 6.75 % سنويا مؤكدا أن هذا القرار ستكون له انعكاسات سلبية على تنافسية المؤسسة الاقتصادية وعلى تمويل الاستثمار بسبب ارتفاع كلفة التمويل في وقت تحتاج فيه البلاد إلى إجراءات لدفع الاستثمار وتشجيع بعث المشاريع وخلق فرص العمل . معتبرا أن هذا القرار سيزيد من المصاعب التي تواجهها المؤسسة الاقتصادية التي تعاني من تزايد الضغط الجبائي وارتفاع الأداءات الجمركية ومن انهيار قيمة الدينار فضلا عن ازدياد تفشي التجارة الموازية والتهريب . داعيا الجهات المعنية إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لدفع الاستثمار وإلى التشاور مع الاتحاد حول الملفات التي لها علاقة مباشرة بنشاط المؤسسة الاقتصادية .

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115