من المهاجرين غير الشرعيين نحو أوروبا التي وإن سارعت إلى استقبالهم فقد عجزت عن التصرف في الكم الهائل من الوافدين الذين وقفت وراءهم عديد المنظمات الإجرامية غنمت موارد ضخمة جراء المتاجرة بهم بكل ما في العملية من خطر مهدد لحياة المقدمين على الإبحار في مراكب الموت سواء من جنوب البحر أو من شرقه.
لم تسلم تونس من هذا الشبح بشكليه المغادر والقادم لكنها استطاعت بشكل محدود مواجهة الوضع بقدر كبير من المرونة حيث شددت ممثلة منظمة العمل الدولية بتونس «سامية كازوول» في كلمتها بمناسبة اليوم الدراسي الذي انعقد أمس بالعاصمة حول الإستراتيجية الوطنية للهجرة على أن حجم الهجرة اليوم في العالم يبلغ 244 مليون نسمة منها 65 % هجرة من أجل العمل. وأضافت أن تعقد الوضع لا تختص به تونس وحدها بل هو عام نظرا لطابعه الإنساني وهو ما يتطلب حوارا جديا وحوكمة منصفة لهؤلاء المهاجرين خاصة من أجل العمل والذين يستهدفهم الاستغلال داعية إلى وضع اتفاقية دولية للهجرة .
من جانبها أكدت مديرة مكتب تونس للمنظمة الدولية للهجرة بتونس «لورينا لاندو» أن قضية الهجرة اليوم هي صلب مشاغل المجتمع الدولي مبرزة تشعب الأوضاع بحكم تشعب المجتمعات التي ينحدر منها المهاجرون ودول الاستقبال داعية إلى بلورة سياسة شاملة تراعي هذه الخصائص وتحترم كرامة المهاجر بعيدا عن الاستغلال والمتاجرة به.
أما محمد الطرابلسي وزير الشؤون الاجتماعية فإنه شدد على موضوع الهجرة باعتباره أولوية وطنية اليوم ذلك أن 12 % من التونسيين يوجدون اليوم في المهجر وهذا ما حتم التعامل معها وفق منظور تنموي خاصة بعد الأوضاع التي مرت منها بعض دول المنطقة منذ 2011. وشدد على أن الهجرة هي من عوامل التقارب بين الشعوب.مبرزا في ذات السياق ما تقوم به وزارته من جهود لتوحيد الرؤى وترشيد الموارد ودعم الهياكل عبر تمتين عرى المهاجر والوافد، بوطنه والمحافظة على حقوقه عبر المشاركة في القرار في الداخل والخارج، عبر وضع سياسات شاملة لتنظيم تدفق الهجرة واستيعابها.
الجديـر بالملاحظـــة أن الإستراتيجية الوطنية للهجرة التي انطلق الإعداد لها من سنة 2012 والتي تم عرضها أمس تهدف إلى توحيد الرؤى وترشيد الموارد ودعم التنسيق بين مختلف المبادرات والاستفادة من الفرص المتاحة في هذا المجال عبر جملة من الاستشارات والحوارات مع الشركاء الوطنيين والدوليين ذات العلاقة بالهجرة من خلال تنظيم عدد من اللقاءات لبلورة رؤية مشتركة منطلقها مشاركة فاعلة و واسعة لكامل المنظومة بما في ذلك المجتمع المدني خاصة في بلاد المهجر . وقد تمت إعادة النظر في الوثيقة سنة 2015 بعرضها على الجهات الوطنية المعنية لمزيد التعمق في مضمونها بما في ذلك مكونات المجتمع المدني والمنظمات الوطنية. وتمخض عن جملة الاستشارات صياغة نسخة محينة للإستراتيجية تتضمن عدة محاور أساسية على غرار وضع سياسة اتصالية وإنشاء لجنة وطنية مشتركة بين كل الأطراف المتدخلة في الإستراتيجية خاصة الوزارات المعنية .
سيتم على هامش المنتدى السنوي للتونسيين بالخارج، عرض الصيغة النهائية للإستراتيجية قبل إحالتها على مجلس الوزراء للمصادقة عليها واعتمادها كوثيقة مرجعية للهياكل الوطنية العاملة في المجال.