وقالت لوبوبيلار:
«تريد الجمهورية التونسية ضمان النجاح لمشروعها الثلاثي وهي في هذا السبيل لا تهمل شيئا فقد دفعت الشعب بإشارة حازمة من رئيسها إلى الانطلاق في وثبة جماعية». وبالطبع فان الحزب الحر الدستوري الجديد يضطلع في الطليعة بدور الممرن في خضم تعبئة للطاقة وهو يؤدي هذا الدور أداء رائعا وناجعا بلا شك. فقد جمع أخيرا مدة أربعة أيام مجلسه الملي وبعبارة أخرى إطارات البلاد وكان التخطيط في طليعة أبواب جدول الأعمال وعندما انعقد المجلس الملي شارك كل أعضاء الحكومة في المداولات التي فتحت في العشرين من مارس وقد اختير هذا اليوم عن قصد لأنه يرمز إلى الذكرى السادسة لإبرام الوثيقة التي مكّنت تونس من الاستقلال والتي وقعها كريستيان بينو فني حكومة غني موللي بباريس. وفي المجلس الملي للحزب تقدم فخامة الرئيس الحبيب بورقيبة والوزيران الباهي الادغم الأمين العام للحزب واحمد بن صالح صاحب الوحي في إعداد المشروع فأوضح جميعهم السمات الحقيقية للثورة الاقتصادية الناشئة وابرزوا المبادئ والتفاصيل الهامة في تنفيذ المشروع.
فما أعظم الإيمان المشع من خطبهم ومن يا ترى لا يؤثر عليه هذا الإيمان البراق؟
وأضافت الصحيفة تقول:
«وفيما يخص الاشتراكية الدستورية فقد أكد فخامة الرئيس بورقيبة شروحه السابقة فصورها بان الحافز في إعدادها هو الحرص على نيل المقدار الكافي من كل شيء مع احترام الدقة في اعتبار الواقع السياسي والاقتصادي التونسي أن هذا المذهب الذي أقيمت أركانه يجعل حقوق الفرد وسط الدولة في انسجام تام ولا تذكير البتة في فرض هذا المذهب بطريقة الإكراه أو حشو الأدمغة بل ينبغي أن تنبع الثقة فيه من التماس نتائج التجربة ذاتها».
وستفرض الاشتراكية الدستورية البورقيبية أو التونسية نفسها لا بالقوة ولكن بنجاحها في الجمهورية التونسية.
تلك هي خلاصة غنية بتفاؤل جميل عم البلاد فبات يبشر بالخير كل الخير كيف لا وقد قيل أن الإيمان ببلوغ الغاية هو بمثابة توفير حظ إضافي لأدراك هذه الغاية وفاز رئيس الدولة ووزراؤه بمصادقة المجلس الملي على المخطط وهي مصادقة تضمنتها لوائح تم التصويت عليها.
وقد ورد في أحداها ما يلي: «يؤكد المجلس الملي أن الشعب عازم على مواصلة الكفاح حتى يتم جلاء القوات الأجنبية المرابطة بالتراب التونسي وورد في لائحة أخرى «يسجل المجلس الملي بكل فخر الانتصار الذي حققه الشعب الجزائري في كفاحه البطولي المجيد من اجل التحرير الوطني».
وصادق المجلس الملي على لائحة ثالثة ضمنتها تبني الحزب الحر الدستوري الجديد للاشتراكية التي نادى بها فخامة الرئيس بورقيبة.
واليك الفقرتين اللتين عبر فيهما المجلس الملي عن هذا العزم وعن دواعي الاختيار.
«يعلن المجلس الملي أن الاشتراكية الدستورية مذهب سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي مستمد من الواقع التونسي العميق وهو واقع امة حديثة العهد بالاستقلال شاعرة بإمكانياتها وتعوّل قبل كل شيء على مجهوداتها وتسير نحو التقدم والتطور».
ويعلن المجلس الملي أن الاشتراكية الدستورية ثورة وطنية تشمل في جميع الميادين كل بنى الوطن في امة تسعى إلى إقرار العدالة على أسس ثابتة في البلاد وضمان حرية ينظمها الجميع ويعلن أن الاشتراكية الدستورية هي أيضا ثورة ديمقراطية واجتماعية لكل المواطنين وإقرار الضمان الاجتماعي لكل المواطنين بحيث يكون الشعب قادرا على بلوغ مستوى يضمن له الكرامة مع كل ما توفره في ميدان الشغل والوقاية الصحية والتعليم والحياة الكريمة هكذا تندفع الجمهورية التونسية في طرق جديد سطرته بنفسها وهي تتطلع إلى مستقبلها بعمل أساسه الحكمة قديما باليا وتقفز في خطوات عملاقة نحو أهدافها بجد وإقدام. ولكن أليس باب الرزق مفتوحا في وجه أصحاب الجرأة والثبات ؟
ثم قالت الصحيفة:
«لقد وضعنا المخطط بكيفية تجعله ثمرة لعمل الأمة وتحفز الشعب على تركيز حماسه في تنفذه».
هذه الجملة في خطاب فخامة الرئيس الحبيب بورقيبة تبرهن لوحدها على التفاني الكبير الذي يبذله لإقناع الشعب وانه يريد إقناعهم ليقرروا الاندفاع معه بحكمة وثبات في طريق التقدم ومن ثم قارن فخامته بين المنهج الاقتصادي الارتجالي والمتبع بالأمس وبين الاقتصادي المعتمد على التخطيط والذي سيقام غدا فبالأمس كانت الأنانية والتفكير في النفس أما غدا فستكون المصلحة العامة.
وعضد فخانة الرئيس بفكرة عن العالم ظنها خطأ ذات صلة بالدين فكرة ركزت على تصور ضيق للفردية وتنادي بجعل الإنسان وحده في حد ذاته له غاياته الخاصة به فأصبح الفرد لا يشغل باله إلا الحصول على القوت اليومي وحصاد الآخرة وأصبح غير مكترث بأخيه يتملص في هذه الدنيا ولا يعمل إلا للنجاة من عذاب الآخرة . واستشهد بمثل كل شاه معلقة من رجلها.
كما أعاد إلى الأذهان ما كان يقال بالأمس هذا هو الناموس الأكبر وهو في هذه الدنيا مثلما هو في الآخرة فالنجاة النجاة في هذه الأرض فالنجاة النجاة في الدار الآخرة والله وخده هو كفيل النساء والأطفال والعشيرة.