مسرحية "اصدقاء البحر" اخراج جلال حمودي ابناء البير الاحمر يتميزون في مهرجان قرطاج ويبهرون جمهورهم

يمتزج الواقعي بالخيال في مسرح العرائس المحرك مع دميته او عروسته

التي يرى نشأتها منذ كانت مجرد فكرة في مخيلة صانع العرائس حدّ ان تصبح لها روح المحرك والممثل، ثنائية عجيبة ونشوة مميزة يعيشها محرك العرائس، فللدمية سحرها وطيلة الاسبوع استمتع الاطفال بمهرجان ايام قرطاج لفن العرائس وتعرّفوا على جميع انواع العرائس وكيفية صنعها وبعث الحياة فيها.

ومن الاطفال الذين كانوا عنوان للتالق في العروض والورشات رواد نادي المسرح بدار الثقافة البئر الاحمر الذين قدموا ثلاث عروض بالإضافة الى تفاعلهم مع ورشات صنع العرائس، فكانت الجمالية ثنائية وأمام الجمهور قدموا مسرحية "اصدقاء البحر نص واخراج جلال حمودي وصناعة الدمى حبيب غرابي وتحريك محمد مالك حمادي وامين حمداوي ونيروز الحاذقي وسيف الحانمدي ومحمد الحمداوي.

في انسجام المحرك مع عروسته تولد طاقة الحب

يلعبون بحّب، يحركون العرائس الصغيرة كأنهم يعيشون اجمل لحظات الفرحة، يسكنهم حبّ تلك القطعة الخشبية والقماشية لتكون صوتهم وروحهم امام الاطفال من متلقي عرض "اصدقاء البحر" لكل منهم روحه وطريقته في التعامل مع دميتهم وقطعة منه يحركها فوق الطاولة، المحركين استمتعوا باللعب وأمتعوا جمهورهم في قاعة مسرح الجيب، تلك الاغرة الصغيرة من حيث الحجم لكنها جد كبيرة تقنيا مقارنة بالفضاءات التي تعودوا عليها في دور الثقافة.
امام جمهور قرطاج تميز ابناء نادي دار الثقافة البئر الاحمر في تعاملهم مع العروسة ونص المسرحية، من شخصية كونية يحبها الاطفال انطلقت فكرة العمل "سبونجبوب" الاصفر اللون صديق الاطفال والقادر على الغوص في البحار والتجوال فيها سيكون صديق المهرجين وثلاثتهم يقدم عروض تنشيطية وأعياد الميلاد، شخصية "سبونجبوب" ستكون نقطة انطلاق نص مسرحي وعرائسي سينقد فكرة تلوث مياه البحر ومدى تأثير النفايات والغازات السامة على الحيوانات البحرية.
"اصدقاء البحر" هو عنوان العرض، مسرحية عرائسية تقوم على عرائس الطاولة، بطلاها مهرجين يقومان بعروض تنشيطية مبهجة، بين العروسة ومحركها طاقة من الحب وهي اساس نجاح العرض، كما وظفت موسيقى تنسجم مع ايقاع الحكاية وحركات الشخصيات فوق الخشبة، والعمل ينقد موضوع التلوث وهناك تفاعل بين الجمهور والمحركين لنقاش محور المسرحية.
على الخشبة قدم المحركين العديد من الرسائل النقدية مثل رمي الفضلات داخل البحر "ماذا تفعلون ايها البشريون في اعماق البحر، لوثتم المياه بغازاتكم السامة وألان تريجون قناع للمرور" كما يقول نص الخطاب بين الاخطبوط الاحمر والمهرجين، فالتلوث وكل اضراره على الهواء والماء هو التيمة الاساسية التي انطلق منها نص العمل وترك المخرج لأطفاله مساحة من الحرية في تحريك العرائس والتماهي معها ليتميز الثنائي مالك حمادي وامين حمداوي في الحوارات الثنائية ويصنعا عالم من اللعب والشغب وجمالية ويوفقا بين النص المنطوق وتحريك العرائس.
فن العرائس غني بالاطروحات الفكرية والجماليات، وعرض "اصدقاء البحر" مزج العديد من الفنون في عرض واحد فحضر فن النحت من خلال طريقة صنع العروسة التي ابدع في تشكيل ملامحها السينوغراف الفنان حبيب غرابي وحضرت الفنون التشكيلية عبر تمازج الالوان الموظفة في العروسة وكذلك في تقنيات الاضاءة والألوان الممزوجة بحرفية لتقديم جمالية بصرية تقنع الطفل وتشد انتباهه للمسرحية، فمسرح العرائس ثري بالجماليات والرسائل التربوية التي ستصل الى المتلقي بسلاسة وتترسخ في لاوعيه وللجانب التربوي حضوره الفاعل في مسرح العرائس.

محركي عرائس "اصدقاء البحر" هواة يلعبون بحرفية وصدق

تميز ابناء نادي المسرح دار الثقافة البير الاحمر في مشاركتهم الدولية الاولى، توزعوا على الورشات واتقنوا تحريك عرائسهم اليدوية، واختار كل منهم ورشة او نص يريد تطبيقه، وقدموا ثلاث عروض لعمل "اصدقاء البحر" وهي مسرحية عرائسية باستمال تقنيتي خيال الظل وعرائس الطاولة في اطار ورشة مع الاستاذ حبيب غرابي.
وعن المجموعة يقول المخرج جلال حمودي للمغرب " نادي المسرح بدار الثقافة البير الاحمر تاسس منذ 2016، المحركين انخرطوا في النادي في عمر الاحدى عشرة عاما واليوم هم محركين متوجين ومحترفين ، فالاستمرارية جد مهمة بالنسبة للاولاد وكذلك لدار الثقافة البير الاحمر. وتوجنا وطنيا مرتين".
ويضيف محدثنا انطلقت تجربتي في فن العرائس مع المبدع حبيب الزرافي في فضاء الزندالة سوسة، الزرافي يشتغل على الماريونات بشكل دوري، كل مسرحياته بها عرائس، عرائسه حاملة افكار ومشاريع من هناك تغيرت نظرتي للمسرح وأصبحت اعتمدت تقنية العرائس، والتحريك اصبح له صورة اخرى، جربت مع رواد النادي تجربة مسرح العرائس بعد التمثيل، كنا دائما نبحث عن ذلك التماهي بين روح الممثل وروح العروسة ونجحنا في ذلك بعد التتويج الجهوي والمشاركات الوطنية.
ويؤكد حمودي على صعوبة التجربة في بداياتها اذ وجدنا صعوبات: فالعمل ثلاثي اولا تحضير الممثل للشخصية، ثم الممثل يبث روحه ومشاعره الى الدمية، كما ان عملية اقناع طفل بإخفاء شخصه وإخفاء حركاته الجسدية وانفعالات وجهه وإبراز فقط العروسة وهي "شيء" وليس بشر كانت صعبة في البداية، لكن مع التدريبات احب ابنائي هذا العالم و وولدت علاقة الحب بين المحرك والعروسة ووجودهم في اعرق مهرجان لفن العرائس تتويج لكل مجهوداتهم واحلامهم.
ومحركي العرائس رواد النادي عددهم8 وتعلموا تقنيات تحريك العرائس ونجحوا في الوصول الى جماهير مختلفة ويتمثل نظام العمل في شكل ورشات وعددها 6حصص في الاسبوع بمعدل ساعتين لكل حصة وينتهي الموسم بانجاز عمل عرائن وسبق لهم الترشح للجهوي، ثم الاقليمي والوطني واكتسبوا الثقة من مشاركاتهم الدائمة لذلك يلعبون امام الجمهور بتلقائية وهدوء.
وعن التجربة حضور نادي مسرح بدار ثقافة تبعد عن المركز ب500كلم يقول جلال حمودي مؤطر النادي ومخرج العمل "وجودنا في المهرجان الدولي اليوم فرصة اخرى، ابنائي كانوا منحصرين في المشاركات المحلية ودور الثقافة وهي جد ضيقة مقارنة بما يوجد في العالم من عرائس، لان من شروط المسابقات المحلية "العمل لا يتجاوز 30دقيقة، الماريونات لا تكون محترفة جدا لانها تنجز في النادي" لكن حين شاركوا في المهرجان العرائس وتعرفوا على عرائس اخرى من تونس او العالم وكيف تنجز بحرفية وأساليب التحريك المختلفة وجدوا الفرق في شكل العروسة فقط لكن الروح نفسها لانهم تعلموا بحرفية حب الدمية وتحريكها والانسجام معها لكن الفوارق التقنيىة في القاعات كانت بمثابة الفجوة الرقمية وستكون العروض القادمة صعبة عليهم بعد (الدلال) الذي وجدوه تقنيا في قاعات مدينة الثقافة".

 

 

 

 

 

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115