بعد سبات طويل: تكساس تنتفض وتتحدى بايدن

أكثر من سنة من الحرب على غزة هدفت السيطرة على غزة

وإغراقها في صراعات وهمية مخطط لها مسبقاً، واليوم ظهرت تداعيات الفشل وبدأت تتكشف الأقنعة عن أمريكا وحلفاؤها، وأدركت فيه واشنطن أن رهاناتها على العملاء والمرتزقة رهان خاسر ولم يحقق أي تقدم على الأرض، وكل ما تستطيع أن تفعله هو محاولة الحفاظ على بقايا من ماء الوجه إذا تبقى عبر أكاذيب وهدنة ومزاعم إعلامية فاشلة، فالذي يجري في غزة هو نتيجة متوقعة وأن إستراتيجية بايدن ونتنياهو في غزة قد فشلت.

منذ اليوم الأول للحرب على غزة والجميع يدرك جيداً أن أمريكا هي من تقود هذه الحرب، وهي من تخطط وتنفذ عبر أدواتها المعروفه " الكيان الصهيوني"، والكل يعلم أن أجهزة أمريكا قامت بعمليات مشبوهة كثيرة لزعزعة الأمن والاستقرار هناك، عن طريق دعم الإرهاب الممنهج، ليس في فلسطين وحسب، بل على مستوى العالم، وهذا ما يؤكده قيام واشنطن بتزويد الإرهابيين بالسلاح والدعم اللوجيستي ، وإعتمادها سياسة الإشغال والإستنزاف في المنطقة، فما أن تهدأ جبهة مواجهة حتى يفتحوا له أخرى، كي تنصرف عن الإهتمام بالتطور وإمتلاك القوة.

تواجه واشنطن تحديات كبيرة في المنطقة حيث تجري حرب متعددة الأطراف، فهي مترددة في القيام بتدخل عسكري مباشر بسبب صمود المقاومة ومن خلفها الجيش العربي السوري وخشية السقوط في مستنقع مواجهة جديدة كالذي تعرفه في العراق منذ سنة 2003 وفي أفغانستان منذ سنة 2001 ، ومن أجل تمرير مشاريع ومخططات لها في المنطقة أوجدت التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها" داعش"، وهذا السم الذي تنشره أمريكا وتسقيه للعالم.

الأبرز من كل ذلك هو هبوط مكانة الرئيس بايدن على كافة المستويات الداخلية والإقليمية والعالمية، ونفور المجتمع الدولي المتصاعد من سياساته، خاصة بعد أن تكشّف للعالم أجمع تحالفه مع الكيان الصهيوني التي يمثل رأس الحربة التي يستخدمها بايدن لتخريب وتقسيم المنطقة بأكملها.
وبعد سبات طويل تكساس تنتفض وتتحدى بايدن وترفع العلم الفلسطيني وتطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة ورفع الحصار عن فلسطين من أجل تخفيف العبء عليها، بالإضافة الى تسهيل دخول المساعدات الإنسانية ومواد البناء اللازمة إلى هذا البلد، الأمر الذي قد يسهل عودة النازحين مع إصلاح البنية التحتية في غزة.
هذا التحدي سبب هيستريا وفزعاً مخيفاً لإسرائيل، لأن الهدف منه هو محاسبة قادة الإحتلال الإسرائيلي على الجرائم التي إرتكبوها بحق الشعب الفلسطيني، التي خرقت كل المواثيق والأعراف الدولية ذات الصلة.

وعلى خط مواز، إن سياسة الاعتماد على أمريكا لم تعد سياسة نافعة وفعالة، بل وقد تبين انها سياسة مدمرة لكل شعوب المنطقة، وهو الشيء الذي بدأ الغرب في استيعابه، لذلك يتجه العالم اليوم نحو تنظيم نظام عالمي جديد متعدد الأطراف يقوم على التكامل الاقتصادي وتبادل العملات الداخلية.

من الطبيعي أن يعيش البيت الأبيض في هذه المرحلة بين مطرقة أخطائه وسندان تمويله للكيان الصهيوني من خلال الدعم المالي والقتالي، الذي ساهم بإرتباك دول المنطقة، وإنعكاس ذلك على الداخل الأمريكي، الذي يعاني من أزمات مثل، أزمة عجز الموازنة العامة، وتفاقم الديون، وانهيار الدولار الأمريكي كعملة احتياطي عالمي، وفي المقابل، تبدو أمريكا اليوم نموذجاً لمجتمع منقسم ممزق، حافل بالتناقضات والتوترات والتعصب وتضارب المصالح، ومليء بالعنف والتوحش السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ومن هنا باتت أمريكا مهددة بفقدانها مكانتها كأكبر اقتصاد في العالم، وربما تخسر معه تفوقها التكنولوجي أيضاً.

بذلك تمر أمريكا في مرحلة مفصليّة من إعادة رسم تحالفاتها في المنطقة، بما في ذلك سورية الذي يبدو أنّها لم تعد تملك قدرتها وخبرتها على فهم تطورات الأحداث فيها، بعدما كانت صانعة لأحداث المشهد في سورية، و تعيش في الوقت الراهن أسوأ مراحلها من حيث خسارتها لأكبر شبكة تحالف صنعتها لعقود طويلة تفقد حلفائها هناك والذي شكل ورطة لأمريكا مقابل بروز الحلف الروسي الإيراني.
بذلك فرض محور المقاومة موازين قوى جديدة ومعادلات غير مسبوقة تبشر بعالم متعدد الأقطاب ترتسم معالمه من سورية ، بذلك نجحت المقاومة في فرض نفسها بشكلٍ أكبر، لنجد أن وضعها اليوم بات أقوى وأهم مما كان عليه، لتكون مُنعطفاً جديداً في المنطقة يُعزَّز من دور فلسطين ويهدد وجود أعداءها، وأن الإنجازات العسكرية الهامة التي تحققت في الأيام الأخيرة في غزة كفيلة بإقناع أميركا وأعوانها ان خطتهم لن تمر ولن تمس وحدة فلسطين وسيادتها، والمأمول آن تدرك القيادة الأمريكية الإسرائيلية حجم مغامراتهم اليائسة في فلسطين، ويبادروا الى مراجعة حساباتهم، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع الفلسطيني.

 

المشاركة في هذا المقال

تعليق1

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115