1,3 ملايين نازح وسط ظروف إنسانية ومعيشية يائسة في رفح جولة بلينكن تصطدم بتوغل عسكري إسرائيلي في رفح ... وتحذيرات أممية من حصيلة كارثية

يتواصل القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة في قطاع غزة

حيث طالت ضربات جوية وقصف مدفعي أمس منطقتي رفح بالإضافة إلى خان يونس في جنوب القطاع، وسط تحذيرات من حدوث جرائم إبادة جديدة بعد أن امتد التوغل العسكري الإسرائيلي إلى مدينة رفح . يأتي ذلك فيما يواصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن جولته في الشرق الأوسط سعيا للتوصل إلى هدنة في الحرب بين ''إسرائيل'' وحركة حماس.وكان بلينكن وصل أمس الثلاثاء إلى مصر قبل التوجه مساءا إلى قطر باعتبار أنهما تقومان إلى جانب واشنطن بجهود وساطة من أجل وقف الحرب، على أن يتوجه بعد ذلك إلى ''إسرائيل'' والضفة الغربية المحتلة.وفي استمرار للتعنت الإسرائيلي استهدفت الضربات الإسرائيلية خلال الساعات الأربع والعشرين ساعة الماضية مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع على الحدود مع مصر، حيث يتكدس أكثر من 1,3 ملايين نازح وسط ظروف إنسانية ومعيشية يائسة، بحسب الأمم المتحدة.

وشدد متحدث مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة ينس لاركيه، أن القصف العشوائي للمناطق المكتظة بالسكان يمكن أن يرقى إلى "جريمة حرب" وفقًا للقانون الإنساني الدولي، محذرًا من النتائج السلبية التي قد تحدث نتيجة للهجمات البرية الإسرائيلية المحتملة على رفح.وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قال خلال مؤتمر صحفي في تل أبيب مساء الاثنين، إن رفح هي الهدف التالي بعد مدينة خانيونس التي تتعرض لهجوم بري منذ أكثر من شهرين.
رفح الهدف القادم

وكانت العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية والأممية حذرت في الأيام الماضية، من أن عملية إسرائيلية في رفح ستؤدي إلى سقوط الكثير من الضحايا.وأضاف لاركيه: "في هذه الحالة، فإن اشتداد الاشتباكات في رفح يمكن أن يؤدي إلى وقوع عدد قتلى كبير في صفوف المدنيين، ويجب علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لمنع ذلك".
وتسببت الهجمات الإسرائيلية بتهجير نحو 1.9 مليون فلسطيني قسراً في قطاع غزة، لجأ معظمهم إلى مدينة رفح الواقعة جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر.وزاد عدد سكان رفح أكثر من 4 مرات ليتجاوز 1.2 مليون نسمة، ونظرًا لعدم توفر السكن الكافي، فإن أغلب النازحين يكافحون من أجل البقاء في مخيمات مؤقتة.
وأعلن جيش الإحتلال الإسرائيلي أنه يخوض "معارك عن قرب" في خان يونس، كبرى مدن جنوب قطاع غزة ، في خطوة قد تصعب التوصل إلى اتفاق هدنة في القطاع الذي تدخل الحرب فيه شهرها الخامس . وقامت إسرائيل منذ أيام بإجلاء حوالي ثمانية آلاف نازح من مستشفى الأمل ومقرّ الجمعية في خان يونس. وبقي في المستشفى الذي تطوقه القوات الإسرائيلية "40 نازحا من كبار السن إضافة إلى حوالى 80 مريضًا وجريحًا و100 من الطواقم الإدارية والطبية، وحياتهم مهددة بخطر الموت في ظل استمرار الحصار".
وأفاد مصدر في حركة حماس بأن الاقتراح الذي يناقشه بلينكن في جولته والذي تمخض عن اجتماع باريس يشمل ثلاث مراحل وينصّ في المرحلة الأولى على هدنة تمتدّ على ستة أسابيع تطلق خلالها إسرائيل سراح ما بين 200 إلى 300 أسير فلسطيني، في مقابل الإفراج عن 35 إلى 40 رهينة محتجزين في غزة، على أن يتسنّى دخول ما بين 200 إلى 300 شاحنة مساعدات يوميا إلى غزة.إلا أن حركة حماس أعلنت أنها لم تتخذ أي قرار بشأن المقترح، وهي تطالب بوقف إطلاق نار وليس هدنة جديدة.وتشدّد إسرائيل في المقابل على أنها لن توقف نهائيا حربها على غزة إلا بعد "القضاء" على حركة حماس وتحرير كلّ الرهائن وتلقّي ضمانات بشأن الأمن في أراضيها.
قصف من جنوب لبنان
ميدانيا أعلن الجيش الإسرائيلي ، أمس الثلاثاء، إصابة اثنين من جنوده بجروح طفيفة جراء قذائف أُطلقت من جنوب لبنان ، وفق ''د ب ا''. وهي أحدث تطور في سياق توسع رقعة حرب غزة إلى دول المنطقة في لبنان والعراق وسوريا واليمن .
وقال الجيش الإسرائيلي ، في بيان صحفي أوردته قناة "أي 24 نيوز" الإسرائيلية ، إنّ " عدة قذائف أطلقت باتجاه مارجاليوت في الشمال. وبعد الهجوم، انطلقت صفارات الإنذار لتحذير الناس من التهديد الوشيك،وردت مدفعية الجيش الإسرائيلي وأصابت مصادر النيران" .وتابع البيان"نتيجة للهجوم، أصيب جنديان من الجيش الإسرائيلي بجروح طفيفة وتم نقلهما إلى المستشفى لتلقي العلاج الطبي وقد تم إخطار عائلاتهم".
وكان حزب الله أعلن استهداف " ثكنة راميم " الإسرائيلية بصاروخي بركان، ومحيط موقع "جل العلام" الإسرائيلي بصاروخ فلق واحد.وأفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" بأن "الطيران المعادي أغار فجرا، على منزل مؤلف من طابقين في منطقة طوفا جنوب شرق بلدة ميس الجبل، ما أدى إلى تدميره بشكل كامل، من دون تسجيل اصابات".
صفقة باريس..أمريكا وإسرائيل بعد هزة أكتوبر
من جهته قال فراس ياغي المحلل السياسي المختص في الشؤون الإسرائيلية لـ''المغرب'' بخصوص صفقة باريس أنّ التقديرات الأولية تشير إلى أن صفقة تبادل الأسرى، أو ما يعرف بِ "إتفاقية الإطار" في باريس، تواجه صعوبات جمة، وتعقيدات ترتبط بالأساس في الواقع الإسرائيلي أولاً وقبل كل شيء.
وتابع ''يبدو أن الاحتياج الأمريكي والدولي والإقليمي، والإنساني الغزاوي، وضغوط أهالي الأسرى في الداخل الإسرائيلي، عوامل لها وزن الريشة لدى صانع القرار الأول في إسرائيل "نتنياهو"، وفي نفس الوقت فما توصل إليه الوسطاء "قطر ومصر" في باريس مع "الأمريكي" و "الإسرائيلي" يصب في خانة إستمرار العدوان على قطاع غزة ''. وأضاف ''إن كل التسريبات التي تناولتها وسائل الإعلام حول "إتفاقية الإطار" ومن خلال مراحلها الثلاث توحي بعدم وجود صفقة شاملة، بقدر ما هي ثلاث صفقات في إطار واحد، وكل واحدة من الثلاث بحاجة لمفاوضات لكي يتم التوافق عليها، وبما يؤشر ذلك إلى أن إمتداد الهدنة لفترة طويلة مشكوك فيه، ومثلا، لنفترض انه تم التوافق على المرحلة الأولى من تلك التي تسمى "صفقة"، فهذا لا يعني مطلقا أنها سوف تمتد للمرحلة الثانية، لأنه وفق ذاك "الإطار الباريسي"، ففي آخر اسبوع مما قبل إنتهاء المرحلة الأولى تبدأ المفاوضات على المرحلة الثانية، بما يعني أن لا شيء مؤكد بخصوص كل مرحلة، فقد يقوم "نتنياهو" وبسبب الضغوط الأمريكية بالمضي قدما في الأولى وهو يضع بين عينيه تعطيل الثانية والثالثة '' وفق تعبيره.
وأكد محدثنا ''في إتفاقية "الإطار" لا شيء ملزم لإسرائيل النتنياهوهية، فلا أتفاق شامل على وقف إطلاق النار، ولا إتفاق على عودة النازحين وإيواءهم، ولا أتفاق على الإنسحاب الشامل من كل القطاع، ولا إتفاق على ما بعد الحرب والإعمار، وكل ما هناك فقط الحديث عن زيادة المساعدات وتبادل أسرى دون تحديد للعدد والنوعية، وأيضا موافقة على عموميات تتعلق بإعمار المستشفيات وزيادة المساعدات...الخ، وحتى إخراج الجرحى للعلاج عبر معبر رفح له تعقيداته التي ترتبط بالموافقة الإسرائيلية، أي لن يخرج أي جريح من معبر رفح دون ختم الموافقة الإسرائيلية ،وإذا أردنا عمل مقاربات لما يحدث على الواقع، فعلينا قراءة المشهد من زوايا كل طرف، واحتياجاته، وهل هناك إمكانية لأن يحقق كل طرف مبتغاه؟، رغم أن مشهد الإطار في قراءته الأولية هو يحاكي الحد الأدنى الإسرائيلي الذي قد تقبل فيه، أي أن لا غبار لديها على مجمل اتفاقية "الإطار" ولكن تفاصيل الاتفاق سيحدث فيه عواصف رملية وبما يشمل كل البنود المطروحة وبالذات عدد الأسرى الفلسطينيين ونوعيتهم ومكان الإفراج عنهم، والمواضيع الإنسانية من علاج ونقل جرحى ومساعدات وغيرها ''.
وأضاف ياغي ''ولكي نتوسع أكثر فلا بُدّ أن نشير للإحتياجات العاجلة لكل الأطراف المتعددة المشاركة في "إتفاقية الإطار" الباريسي، ونشير أيضا لاحقا لمكامن الخطورة، وماذا يمكن تحقيقه؟ ، أولا الاحتياج الأمريكي العاجل وهذا يتمثل في رؤيتين ترتبطان ببعضهما البعض من حيث انهما جزء من إستراتيجية سابقة للسابع من اكتوبر، وأصبحت أكثر أهمية بعده، بل أنهما أصبحا جزء لا يتجزأ من السياسة الأمريكية في المنطقة، لذلك نرى التالي: أولا أمريكا لا تريد تصعيد يشمل المنطقة ككل وترى أن الحل لمنع ذلك هو في غزة وبما يستدعي توقيف المعركة او بالحد الأدنى تخفيف حدتها ، ثانيا إدارة بايدن وجدت أن طرح التطبيع بين إسرائيل والسعودية أصبح أكثر أهمية من السابق ولدرجة ربطه بوقف إطلاق النار وبحيث يؤدي ذلك لتحقيق الخطط السياسية المتعلقة بمحاربة المقاومة وبالذات "حماس"، أي إنهاء المقاومة وحكم "حماس" عبر خطة التطبيع والدولتين وضمن شروط تتحق فيها الأولى "التطبيع" وتصبح الثانية "وهم الدولتين" جزء من عملية سياسية وتفاوضية لا تنتهي، ولكن يحدث إعمار لغزة مقابل سلطة تسيطر على الأمن في القطاع وبطريقة الضفة، أي أمن مجزوء فيه اليد العليا لجيش وأمن الإحتلال ، وثالثا التطبيع مقابل وقف إطلاق نار وتبادل اسرى وحديث مزعوم بلا أدوات فاعلة وضمانات واضحة لحل الدولتين، لتشكيل محور قادر على مواجهة المحور الإيراني، وأساسه وفق "توماس فريدمان" سحب الورقة الفلسطينية من الأيدي "الإيرانية" وفق قوله .
وتابع ''رابعا معضلة أمريكا في ما اسماه "فريدمان" بِـ "عقيدة بايدن الإستراتيجية" للشرق الأوسط هي في "نتنياهو" وحكومة الإئتلاف الصهيو-ديني التوراتي، لذلك نرى الغضب الذي ينتاب الرئيس "بايدن" من "نتنياهو" مع عدم القدرة على فعل شيء، سوى إرسال "اليهودي الصهيوني" وزير الخارجية الأمريكي "بلينكن" للضغط عليه ليحصل على موافقته والتي تعني بالنسبة إلى "نتنياهو" نهايته الشخصية والسياسية، وهذا ما لا يمكن أن يوافق عليه "نتنياهو". خماسا الرئيس بايدن يحاول ان يحقق إنجاز يستخدمه في حملته الإنتخابية من حيث التطبيع والإستراتيجية الجديدة لمنطقة الشرق الاوسط وما تعنيه من مواجهة مع "الصين" و "روسيا"، لأن السيطرة على منطقة المشرق العربي "غرب آسيا" ككل وبما تحويه من ثروات وممرات برية ومائية ستعطي ميزة كبرى لأمريكا في مواجهة المنافسين.
وشدد محدثنا على ان " الدول الإقليمية- وهنا نشير إلى أن هذه الدول تنقسم لمحورين، الأول وهو الغالبية ويدور في الفلك الأمريكي، والثاني هو الداعم للمقاومة في غزة وفي المنطقة وبما يسمى "محور المقاومة" أو "إيران وحركات المقاومة في المنطقة- أذرع إيران ، المحور الأول يعمل لتطبيق الرؤيا الأمريكية ويحاول جهده خاصة "الوسطاء" تقليب كل الأحجار للوصول لصيغ توافق عليها الإدارة الأمريكية، وتحدد من خلال ذلك مقاربات تؤدي لنزع سلاح المقاومة في النهاية عبر خطط غامضة وغير واضحة، خاصة وأن الإسرائيلي حدد أهدافه، والأمريكي يريد تحقيقها مقابل إستراتيجية جديدة في المنطقة أساسها التطبيع بين السعودية وإسرائيل، وما يعني ذلك من تحولات إستراتيجية للمنطقة ككل ، المحور المقاوم المشتبك مع الإسرائيلي والأمريكي يحاول أن يحقق بالحد الأدنى دور مركزي ويعمل لإستغلال ما يحدث لطرد الأمريكي من العراق وسوريا، وتثبيت المقاومة في غزة حتى لو انزلق ذلك للمنطقة ككل .

المشاركة في هذا المقال

Leave a comment

Make sure you enter the (*) required information where indicated. HTML code is not allowed.

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115