Print this page

فيما يتواصل الخرق الصهيوني للهدنة اجتماع ميامي وتحديات الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة

جاء الاجتماع الذي عُقد في مدينة ميامي الأمريكية

بين ممثلين عن الولايات المتحدة ومصر وقطر وتركيا ليعكس تصاعد الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى إنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، في ظل تعثر الانتقال إلى مرحلته الثانية واستمرار الخروقات الإسرائيلية على الأرض. ويُعد هذا اللقاء، وفق مصادر مطلعة، الأعلى مستوى بين واشنطن والوسطاء منذ توقيع الاتفاق في أكتوبر الماضي.
وفي بيان مشترك أصدره المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، أُعلن أن الاجتماع خُصص لمراجعة الخطوات المقبلة ضمن مراحل تنفيذ خطة وقف إطلاق النار، حيث جاء فيه: "راجعنا الخطوات التالية في مراحل تنفيذ خطة السلام الشاملة المتعلقة بغزة... وستتواصل المشاورات في الأسابيع المقبلة للمضي قدما نحو تنفيذ المرحلة الثانية". ويعكس هذا التصريح إدراكا دوليا لحساسية المرحلة الحالية، دون تقديم جدول زمني واضح للانتقال المنتظر.
وكان موقع أكسيوس الإخباري قد أشار في وقت سابق إلى أن اللقاء يهدف إلى "الاتفاق على الخطوات التالية للضغط على اسرائيل تنفيذ التزاماتها"، في محاولة لإعادة ضبط مسار الاتفاق الذي بات مهددا بفعل الانتهاكات الصهيونية المتكررة.
وفي السياق ذاته، أعلن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن الوسطاء سيعقدون اجتماعا اخر لوضع تصور للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك خلال تصريحات متلفزة أدلى بها أثناء زيارة غير محددة المدة لواشنطن. وأكد أن المباحثات مع الجانب الأمريكي تناولت أهمية مضاعفة الجهود لضمان الانتقال السلس إلى المرحلة المقبلة من الاتفاق.
وأوضح رئيس الوزراء القطري أن التحضير جار لاجتماع يضم جميع الوسطاء، مشددًا على ضرورة الإسراع في تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة، محذرا من أن "الوضع الحالي يعرّض الاتفاق للخطر كل يوم"، في إشارة إلى هشاشة التهدئة القائمة.
وخلال مؤتمر صحافي عقد عقب مباحثاته مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، قال محمد بن عبد الرحمن إن الخروقات الإسرائيلية المتواصلة لاتفاق وقف إطلاق النار "تضع الوسطاء في مواقف محرجة"، مؤكدا أن قطر أثارت قضية استمرار عمليات القصف والاغتيالات الإسرائيلية في قطاع غزة. كما شدد على ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية دون أي شروط، وعلى رفض بلاده أن تكون قوة الاستقرار في غزة مخصصة لحماية طرف دون آخر.
لقاء ترامب ونتنياهو
على صعيد متصل ذكرت مصادر مطلعة أن الرئيس ترامب من المتوقع أن يعرض على نتنياهو، ، آلية الإدارة الأمريكية لدفع هذه الخطوة قدما، إلى جانب القرارات المرتبطة بها. واتفقت واشنطن وقطر ومصر وتركيا التي تتوسط المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الاسلامية حماس، على تواصل المشاورات خلال الأسابيع المقبلة لدفع تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب بشأن غزة.
من جهته قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إن انتهاكات إسرائيل لوقف إطلاق النار في غزة تجعل العملية أكثر صعوبة بشكل لا يُصدق، وإن جميع الأطراف متفقة على ذلك.
جاء ذلك في تصريحات أدلى لها للصحفيين، حول مباحثاته بمدينة ميامي الأمريكية بشأن خطة السلام في غزة.
وأشار فيدان إلى أن "النقاشات التي جرت والتفاهمات التي تم التوصل إليها تبعث على الأمل".
وحول خطة السلام في غزة، قال فيدان: "بما أن المرحلة الأولى قد اكتملت بالفعل، فقد بدأ الآن الحديث عن معايير الانتقال إلى المرحلة الثانية".
وأضاف: "انتهاكات إسرائيل لوقف إطلاق النار تجعل العملية أكثر صعوبة بشكل لا يُصدق، وجميع الأطراف متفقة على ذلك".
وذكر أن "هناك دراسة أولية بشأن إعادة إعمار غزة، وقد تم تقديمها، وأجرينا على أساسها نقاشا تمهيديا".
وأردف: "يجب أن تحكم غزة من قبل سكانها. ولا ينبغي تقسيم أراضيها بأي شكل من الأشكال. وأي شيء سيتم القيام به في غزة يجب أن يكون من أجل سكانها".
وتابع: "ناقشنا كيف يمكن وضع جدول زمني لنقل إدارة غزة إلى لجنة مكوّنة من تكنوقراط".
مصر: نرفض محاولات تهجير الفلسطينيين
جدد وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي، رفض بلاده أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، مشددا على "ضرورة البدء العاجل بإعادة إعمار" قطاع غزة.
جاء ذلك في كلمة عبد العاطي في افتتاح أعمال المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة الروسية-الإفريقية المنعقد في العاصمة القاهرة، نيابة عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وفق بيان للخارجية المصرية.
وفي كلمته بالمؤتمر، قال وزير الخارجية إن "مصر لعبت دورا مؤثرا في التوصل إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة".
وشدد على "ضرورة البدء العاجل في جهود إعادة الإعمار وتقديم الدعم الإنساني للشعب الفلسطيني الشقيق".
وأكد عب العاطي على "رفض أية محاولات لفرض حلول أحادية أو تغيير الواقع الديموغرافي والجغرافي للأراضي الفلسطينية أو تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه".
ويتحدث إعلام عبري من وقت لآخر عن خطط إسرائيلية لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
وتسعى مصر إلى تفعيل خطة اعتمدتها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في مارس الماضي، لإعادة الإعمار في غزة دون تهجير الفلسطينيين، وتستغرق 5 سنوات بتكلفة نحو 53 مليار دولار.
وفي سياق الدور الإفريقي العالمي، قال وزير الخارجية المصري إن "صوت إفريقيا، بما تمثله من ثقل بشري واقتصادي وسياسي وديمغرافي، يجب أن يكون حاضرًا ومؤثرًا في صياغة القرارات الدولية الكبرى، ولا سيما في هياكل التمويل الدولية وفي إطار إصلاح مجلس الأمن".
وجدد الوزير "رفض مصر لأي إجراءات أحادية في منطقة القرن الأفريقي أو البحر الأحمر من شأنها المساس بسيادة دول المنطقة أو زيادة حدة التوتر الإقليمي والدولي".
وشدد على أن "مصر تبذل جهودًا حثيثة لتعزيز التعاون مع دول حوض النيل، مؤكدا في الوقت ذاته على احتفاظها بحقها في اتخاذ ما يكفله القانون الدولي من إجراءات لحماية أمنها المائي".

عراقيل مستمرة
ميدانيا، بدأت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر الماضي، إلا أنها تواجه منذ ذلك الحين انتهاكات يومية من الجانب الإسرائيلي، ما أسفر عن سقوط مئات الشهداء. وفي الوقت نفسه، تماطل إسرائيل في الدخول في مفاوضات المرحلة الثانية، متذرعة بوجود جثة لأسير إسرائيلي داخل القطاع، رغم استمرار عمليات البحث عنها في ظروف بالغة التعقيد فرضها الدمار الواسع الذي طال البنية المدنية وغيّر معالم الأحياء والمدن بفعل الحرب.
ويشير مراقبون إلى أن استمرار هذا التعثر يضع اتفاق غزة أمام مفترق طرق حاسم، في ظل غياب ضمانات حقيقية لوقف الانتهاكات، ما يثير تساؤلات حول قدرة الوسطاء على تحويل التعهدات السياسية إلى التزامات ميدانية قابلة للتنفيذ.

اعتداءات متكررة لمستوطنين إسرائيليين
نفذ مستوطنون إسرائيليون، سلسلة اعتداءات استهدفت فلسطينيين وممتلكاتهم بمناطق متفرقة من الضفة الغربية.
ففي مدينة الخليل جنوبي الضفة، اقتحم مستوطنون مسلحون منطقة خلة النتشة، جنوب المدينة.
ووسط الضفة، ذكرت إذاعة صوت فلسطين (حكومية) إن مستوطنين اقتحموا ملعبا رياضيا ومنزلا مجاورا له في بلدة شُقبا غرب مدينة رام الله، دون الإشارة لوقوع إصابات أو أضرار.
وشمالي الضفة، ذكرت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية "وفا" أن مستوطنين اقتحموا قرية بورين جنوب مدينة نابلس "وأجروا جولة استفزازية بين منازل المواطنين" دون أن تشير إلى وقوع احتكاك.
وجنوب مدينة الخليل، قال الناشط في متابعة الانتهاكات الإسرائيلية أسامة مخامرة، في إيجاز وزعه على الصحفيين، إن مستوطنين اقتحموا مسكنا فلسطينيا في منطقة فاتح سِدره بمنطقة مسافر يطا.
واستشهد فلسطيني،أمس الأحد، بقنبلة ألقتها مسيرة إسرائيلية على مجموعة من المواطنين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، داخل منطقة انسحب منها الجيش الإسرائيلي بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
يأتي ذلك في خرق جديد للاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي.
ومنذ سريان الاتفاق، ارتكبت إسرائيل مئات الخروقات ما أسفر عن مقتل 401 فلسطيني وإصابة 1108 آخرين، وفق أحدث معطيات وزارة الصحة
وبالتزامن مع عامي حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة، صعّد جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة الغربية ما أسفر عن مقتل أكثر من 1102 من الفلسطينيين، وإصابة نحو 11 ألفا، إضافة لاعتقال ما يزيد على 21 ألفا.

المشاركة في هذا المقال