Print this page

فيما الاحتلال يعرقل الانتقال للمرحلة الثانية من الهدنة دلالات تغير الموقف الفرنسي من غزة

يشهد الموقف الفرنسي تغيرا لافتا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية

خاصة بعد انضمام باريس في سبتمبر الماضي الى لائحة الدول التي تعترف بفلسطين كدولة، في خطوة أثارت حفيظة الكيان الصهيوني وحليفه الأمريكي .

وتأتي زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى باريس وما تخللها من مباحثات ومواقف لتؤكد مضي باريس في الاتجاه نفسه لدعم قيام دولة فلسطينية . فقد أعلن كلا الرئيسين عن التوجه لتشكيل لجنة قانونية ودستورية لدعم الدولة الفلسطينية.
رفض مشاريع الضم
ودعا ماكرون الى ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى جميع أنحاء قطاع غزة، تحت رعاية الأمم المتحدة، مع الامتثال الكامل للقانون الإنساني الدولي". كما أعلن رفضه لمشاريع الضم في الضفة الغربية. فجرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال دفعت فرنسا ودولا أخرى الى اتخاذ مجموعة من الإجراءات على غرار رفض مشاركة شركات إسرائيلية في معارض عسكرية دولية.
ويمكن القول بأن حرب غزة بكل نزيفها فإنها غيرت أكثر في سياسات عديد الدول التي كانت حتى الأمس القريب حليفة لكيان الاحتلال . كما غيرت توجهات الرأي العام الغربي الذي كان يصدق الرواية الصهيونية . فخروج المسيرات الأسبوعية في كبرى عواصم العالم دعما لغزة ورفع العلم الفلسطيني في الشوارع وكبرى المدن كلها مؤشرات على هذا التغير. ويرى البعض ان كل هذه التحولات ساهمت في الضغط الأمريكي لإنهاء الحرب ولتوقيع الهدنة رغم هشاشتها .
ولكن اليوم السياسات الصهيونية ومشاريع الضم وتقسيم غزة تساهم في عرقلة حل الدولتين وبالتالي قيام دولة فلسطينية موحدة . فهدف الاحتلال هو انهاء أي نفس فلسطيني من الوجود وتأسيس " إسرائيل الكبرى " . واليوم يواصل مجرم الحرب نتنياهو سياسة التملص من التعهدات الدولية لوقف الجرائم العسكرية فعليا ويعطل الانتقال الى المرحلة الثانية من الهدنة.
كما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على ضرورة إرساء دعائم السلام الدائم ووقف كل ما يقوض حل الدولتين. جاء ذلك خلال لقائه رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية (الغرفة الأولى للبرلمان) يائيل براون بيفيه، وعدد من النواب، وممثلي الأحزاب المختلفة، في باريس، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
دعوة أممية
بموازاة ذلك ، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن وقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة لا يزال يحافظ على سريانه رغم انتهاكه مرارا، داعيا إلى الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق لترسيخ وقف النار.
جاء ذلك في تصريحات صحفية مع رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمود علي يوسف في نيويورك،. وأضاف غوتيريش: "أدعو إلى فتح الطريق أمام المرحلة الثانية من المفاوضات التي ستؤدي إلى الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار، وتهيئة الظروف اللازمة لتقرير مصير الشعب الفلسطيني وتنفيذ حل الدولتين".
وأكد أن هناك عقبات وتحديات لا تزال قائمة أمام تدفق المساعدات الإنسانية، ولفت إلى أن الأمم المتحدة زادت بشكل كبير من المساعدات الإنسانية في غزة، وأن الخطوات التالية للمنظمة سيحددها مجلس الأمن الدولي.
يشار الى ان المرحلة الثانية من الهدنة تنصّ على عدة بنود وخطوات من بينها ، نشر قوة استقرار دولية في غزة، وهو أمر طرحته الولايات المتحدة في مشروع قرار بمجلس الأمن الدولي.

 

تسليم رفات رهينة إسرائيلي
وأعلنت حركتا حماس والجهاد الإسلامي امس الخميس أنهما ستسلمان رفات رهينة إسرائيلي في غزة بموجب اتفاق وقف اطلاق النار مع الدولة العبرية.
وقالت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، في بيان "ستقوم سرايا القدس وكتائب الشهيد عز الدين القسام بتسليم جثة أحد أسرى الاحتلال التي تم العثور عليها اليوم في منطقة موراج جنوب مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة ".
ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر، أعادت حماس جميع الرهائن العشرين الأحياء الذين كانوا محتجزين منذ هجوم السابع من أكتوبر 2023. كما اعادت 24 جثة من أصل 28 وفق بنود الاتفاق الذي أبرم بضغوط أمريكية.
في المقابل، أطلقت "إسرائيل" سراح نحو ألفي معتقل فلسطيني من سجونها، وأعادت جثث مئات الفلسطينيين إلى غزة.
مشروع قرار أممي
وبالتزامن اعتمدت لجنة أممية، مشروع قرار يؤكد سيادة الشعب الفلسطيني على موارده الطبيعية، ويطالب إسرائيل بالكف عن استغلالها.
وفق وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، فإن القرار مقدم من قبل مجموعة ال 77 والصين، وحظي بأغلبية 152 صوتا، بما في ذلك كافة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وكندا.
فيما عارض القرار 8 دول وهي الولايات المتحدة الأميركية، وإسرائيل، ونيرو، وميكرونيزيا، وبابوا غينيا الجديدة، وبالاو، وباراغواي والأرجنتين، وامتنعت عن التصويت 12 دولة.
وذكرت "وفا" أن لجنة الأمم المتحدة المعنية بالمسائل الاقتصادية والمالية (اللجنة الثانية)، اعتمدت مشروع القرار المعنون "السيادة الدائمة للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل على مواردهم الطبيعية".
ويؤكد القرار على مجموعة من المبادئ والأسس المتعلقة بالموارد الطبيعية الفلسطينية كانطباق اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب على الأرض الفلسطينية المحتلة، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كما يشير إلى الفتوى الصادرة عن محكمة العدل الدولية في 19 جويلية 2024 بشأن الآثار القانونية الناشئة عن سياسات إسرائيل وممارساتها في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية، وعدم قانونية استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة. ويستنكر كذلك فتوى محكمة العدل الدولية بشأن جدار الفصل والتوسع العنصري.
وفي عام 2004، أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي، رأيا استشاريا بعدم قانونية الجدار، نظرا لتشييده على أراض فلسطينية محتلة.
ويُعرب مشروع القرار أيضا عن "القلق البالغ إزاء استغلال إسرائيل للموارد الطبيعية الفلسطينية والدمار الذي تلحقه بالأرض والزراعة الفلسطينية والتدمير واسع النطاق للهياكل والبنى التحتية الزراعية وبالأخص المتعلق منها بإمدادات المياه والكهرباء سيما في قطاع غزة".
كما أعربت عن قلقها البالغ فيما يتعلق بالآثار الضارة للمستوطنات غير الشرعية على كافة أشكال الحياة الفلسطينية.
الحقوق المائية للفلسطينيين
ويؤكد مشروع القرار على الحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني في موارده الطبيعية، ويطالب إسرائيل بالكف عن استغلالها.
ويشدد أيضا على حق الشعب الفلسطيني في المطالبة بالتعويض عن استغلال إسرائيل لهذه الموارد، مستنكرا جملة من الأمور من بينها أن ما تقوم به إسرائيل من تشييد للمستوطنات والجدار وغيرها من الأعمال هي أعمال مضرة بالبيئة الفلسطينية.
ويعيد القرار التأكيد على النداء الموجه من قبل مجلس الأمن في قراره 2334 والذي دعا فيه الدول للتمييز بين إقليم دولة إسرائيل والأراضي المحتلة منذ عام 1967.
ونقلت "وفا" عن المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، قوله إن "هذا التصويت الكاسح لصالح القرار يؤكد مرة أخرى دعم المجتمع الدولي لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما فيها حقه السيادي على موارده الطبيعية"، معبرا عن عميق شكره للدول التي صوتت لصالح هذا القرار المهم. والقرار المتعلق بالموارد الطبيعية، واحد من مجموعة من قرارات تتعلق بالقضية الفلسطينية والأوضاع في الشرق الأوسط يتم التصويت عليها سنويا.
اعتداءات صهيونية في الضفة
في الأثناء، أحرق مستوطنون إسرائيليون متطرفون، الخميس، أجزاء من مسجد في بلدة دير استيا بمحافظة سلفيت شمالي الضفة الغربية، وخطوا شعارات عنصرية باللغة العبرية على جدرانه.
واستنكرت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية الفلسطينية، في بيان "الجريمة النكراء" التي استهدفت المسجد. اعتبرت الوزارة أن "إحراق المسجد يعكس الهمجية التي بلغتها آلة التحريض الإسرائيلية تجاه المقدسات الإسلامية والمسيحية في فلسطين". وأكدت أنه "لم تعد هناك أماكن عبادة آمنة في ظل الاعتداءات المتكررة من الاحتلال ومستوطنيه".
ويأتي الاعتداء في ظل تصاعد هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، تحت حماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، وفق مصادر محلية.
ويعد إحراق المسجد حلقة في سلسلة اعتداءات متكررة طالت دور العبادة والمقدسات الإسلامية خلال العام الجاري، حيث وثقت مؤسسات حقوقية فلسطينية عشرات الحوادث التي شملت حرق مساجد وتدنيس مصاحف وخطّ شعارات تدعو إلى طرد الفلسطينيين أو قتلهم. ونفذ المستوطنون 7154 اعتداء في الضفة خلال عامي حرب الإبادة على غزة، أسفرت عن مقتل 33 فلسطينيا وتهجير 33 تجمعا سكانيا، وفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الحكومية.
بينما أدت اعتداءات الجيش والمستوطنين معا إلى مقتل ما لا يقل عن 1070 فلسطينيا، وإصابة نحو 10 و700 إضافة إلى اعتقال أكثر من 20 ألف و500 آخرين.

المشاركة في هذا المقال