ترتفع حصيلة ضحايا الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال إلى 65 ألفا و283 شهيدا .وقالت وزارة الصحة في بيانها الإحصائي اليومي، إن مستشفيات القطاع استقبلت خلال الـ24 ساعة الماضية "75 شهيدا (و304 مصابين" جراء استمرار الهجمات الإسرائيلية. وأكدت وجود عدد من الضحايا تحت ركام المنازل والمنشآت المدمرة وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم بسبب خطورة الأوضاع الأمنية.
وأوضحت أن حصيلة الضحايا من منتظري المساعدات الإنسانية ارتفعت إلى "ألفين و523 شهيدا وأكثر من 18 ألفا و473 مصابا" منذ 27 ماي الماضي.
وفي خضم هذا الدمار الصهيوني ، تتجه أنظار العالم اليوم الاثنين إلى نيويورك حيث تبدأ أعمال الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا العام لن تكون ملفات الاقتصاد والمناخ في صدارة المشهد، بل سيهيمن ملف حرب الابادة على غزة وما تمثله من تهديد مباشر للأمن الاقليمي والدولي ، وسط إدراك متزايد بأن استمرار الاحتلال دون محاسبة يفاقم الأزمات ويطيل معاناة الشعب الفلسطيني.
وعلى هامش الاجتماعات التي تنطلق اليوم الاثنين، يعقد مؤتمر برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا يتوقع وفق مراقبين أن يكون محطة مفصلية في مسار الاعتراف الدولي بدولة فلسطين. ومن المنتظر أن يعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من هناك اعتراف بلاده رسميا بدولة فلسطين، حيث أكد في تصريحاته أن ذلك يمثل السبيل لإنقاذ حل الدولتين وإعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة. ماكرون لن يكون وحيدا في هذا التحرك، إذ ستنضم عشر دول غربية أخرى، بينها بريطانيا وأستراليا وكندا وبلجيكا والبرتغال ومالطا، إلى جانب فرنسا في هذا الموقف الذي يضع لأول مرة قوى غربية كبرى في مواجهة مباشرة مع سياسات الاحتلال الإسرائيلي.
وحتى الآن اعترفت 149 دولة من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة بدولة فلسطين. لكن الجديد في هذا العام هو التحاق دول أوروبية وكاريبية بالركب في ربيع 2024، بينها إيرلندا والنرويج وإسبانيا وجامايكا وبربادوس، ما يشير إلى تصاعد الدعم الدولي للقضية الفلسطينية. ومع دخول فرنسا وبريطانيا وأستراليا وكندا على الخط، لم يعد الاعتراف مجرد موقف رمزي، بل أصبح خطوة عملية تحمل في طياتها ضغوطا سياسية ودبلوماسية على الاحتلال الإسرائيلي.
من جانبه شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عشية الاجتماعات على أن العالم لا يجب أن يخشى ردود الفعل الإسرائيلية، مؤكدا أن "إسرائيل" ماضية في مسار واضح لتدمير غزة وضم الضفة الغربية، سواء اعترف المجتمع الدولي أم لم يعترف.ووفق متابعين تحمل تصريحات غوتيريش رسالة واضحة بأن حماية "اسرائيل" من المحاسبة لم تعد ممكنة، وأن صبر المجتمع الدولي بدأ ينفد، ما يعكس تحولا في موازين القوى السياسية على الساحة الدولية.
ويأتي هذا الحراك الدولي بعد أن أقرت الجمعية العامة قبل أيام "إعلان نيويورك"، لإحياء حل الدولتين. ويرى مراقبون أن الإعلان يمثل اعترافا من أعلى منبر دولي بأن حق الفلسطينيين في دولة مستقلة لم يعد مجرد شعار، بل التزام سياسي وحقوقي يجب تطبيقه على الأرض.
تأتي هذه التطورات في وقت يدخل فيه كيان "إسرائيل" مرحلة عزلة سياسية غير مسبوقة. فبينما كانت تلجأ لعقود إلى الغطاء الغربي، تجد نفسها اليوم في مواجهة مباشرة مع فرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا، وهي دول لم يكن أحد يتوقع أن تتوجه نحو الاعتراف بدولة فلسطين في ظل استمرار الحرب. ولم تفلح التهديدات الإسرائيلية بالرد عبر ضم الضفة أو إغلاق القنصلية الفرنسية في القدس في ثني باريس وحلفائها، بل دفعتهم إلى التمسك أكثر، ما يعكس بداية انهيار سياسة الحصانة التي اعتادت عليها تل أبيب.
ترقب حذر
من المتوقع أن تشهد اجتماعات الجمعية العامة زخما غير عادي، حيث قد تصدر بيانات سياسية قوية تضع الاحتلال أمام إدانة جماعية واضحة. كما قد يطالب المؤتمر الدولي على هامش الاجتماعات بخطوات عملية تشمل دعوة مجلس الأمن للتصويت على عضوية كاملة لدولة فلسطين، وتشكيل لجنة دولية لمتابعة تنفيذ "إعلان نيويورك"، والبحث في آليات لمساءلة "إسرائيل" عن جرائم الحرب في غزة أمام المحكمة الجنائية الدولية، إلى جانب توسيع دائرة الضغط الاقتصادي والدبلوماسي على تل أبيب إذا استمرت في تهديداتها بضم الضفة.
اجتماع الجمعية العامة اليون ليس حدثا عاديا، بل لحظة فاصلة في سياق القضية الفلسطينية. فلأول مرة منذ عقود، يضع المجتمع الدولي الاحتلال دون حصانة، ورغم أن الاعتراف وحده لا يكفي لوقف الجرائم اليومية ولا لإزالة المستوطنات، لكنه يشكل بداية مسار يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية ويعطي زخما لصمود غزة والضفة في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية.فبعد أن دفع الشعب الفلسطيني ثمنا باهظا منذ النكبة وحتى اليوم ، فهو يرى في هذه اللحظة السياسية نصرا جديدا يضاف إلى معركة الوجود التي يخوضها على الأرض، ويؤكد أن الاحتلال مهما طال فإنه يترنح تحت ضغط المقاومة الميدانية والعزلة الدولية المتنامية.
رد صهيوني متوقع
من جهة أخرى ذكرت صحيفة بوليتيكو الأمريكية أن "اسرائيل" تدرس عدة خيارات للرد على اعتراف فرنسا ودول أخرى بدولة فلسطين، من بينها تسريع إجراءات ضم الضفة الغربية المحتلة، وإغلاق القنصلية الفرنسية في القدس المحتلة.
وردا على ذلك، نقلت صحيفة لوفيغارو عن دبلوماسي فرنسي أن باريس قد ترد بالمثل إذا أغلق الاحتلال قنصليتها بالقدس. وبما أن فرض عقوبات على "اسرائيل" يواجه اعتراضات من دول أوروبية كألمانيا والمجر، فإن إحدى الخيارات المطروحة في باريس هي طرد الدبلوماسيين الإسرائيليين من فرنسا.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن في نهاية جويلية الماضي عن اعتزام بلاده الاعتراف بدولة فلسطينية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة .
ويأتي هذا التطور في سياق استمرار الحرب في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، حيث تشن إسرائيل -بدعم أمريكي- عمليات عسكرية واسعة على القطاع، شملت القتل والتهجير القسري والتدمير، رغم النداءات الدولية المتكررة لوقف العمليات وأوامر محكمة العدل الدولية.
مشاركة فلسطينية
في الاثناء تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة، قبل يومين ، قرارا يسمح للرئيس الفلسطيني محمود عباس بالمشاركة في اجتماعاتها رفيعة المستوى في نيويورك الأسبوع القادم عن بعد (تقنية الفيديو)، بعدما قررت الولايات المتحدة الأمريكية عدم منحه وبقية الوفد الفلسطيني تأشيرات دخول لحضور اجتماعات الجمعية العامة في دورتها الثمانين على الرغم من أن ذلك يخالف اتفاقية الولايات المتحدة، بوصفها دولة مضيفة، مع الأمم المتحدة. وحصل القرار على تأييد 145 دولة ومعارضة 5 دول وامتناع 6 دول عن التصويت.
ومن أبرز ما جاء في نص القرار أنه "يجوز لدولة فلسطين أن تقدم بياناً لرئيسها مسجلاً سلفاً، يذاع في قاعة الجمعية العامة أثناء المناقشة العامة للجمعية في دورتها الثمانين"، وأنه "يجوز لدولة فلسطين أن تلقي بياناً عبر الفيديو أو تقدم بياناً مسجلاً سلفاً في جلسات المؤتمر الدولي رفيع المستوى لتسوية قضية فلسطين بالوسائل السلمية وتنفيذ حل الدولتين". كما ينص على أنه "يجوز لدولة فلسطين أن تقدم بياناً مسجلاً سلفاً لرئيسها أو ممثل آخر رفيع المستوى في أي اجتماع رفيع المستوى أو مؤتمر للأمم المتحدة وفي المؤتمرات والاجتماعات الدولية التي تعقد تحت رعاية الجمعية العامة أو، حسب الاقتضاء، تحت رعاية الأجهزة الأخرى التابعة للأمم المتحدة، إذا منع ممثلو دولة فلسطين من المشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة".
وتحدث عدد من مندوبي الدول عن أن الولايات المتحدة ملزمة بموجب عدد من الاتفاقيات بإصدار تأشيرات تسمح للوفد الفلسطيني بالمشاركة في أعمال الجمعية العامة، حتى لو كان هناك خلاف مع البلد المضيف. وقال نائب السفير الصيني غينغ شوانغ في مداخلته بعد التصويت: "يحق لدولة فلسطين أن تشارك بصفتها دولة مراقبة بشكل كامل وفعال في مؤتمرات الأمم المتحدة والمؤتمرات الدولية التي تنعقد تحت إشراف الجمعية العامة. وقد ورد ذلك بشكل واضح في قرار الجمعية العامة في إطار الدورة الاستثنائية الخاصة في السنة الماضية، البلد المضيف يقع عليه إلزام قانوني دولي بإصدار التأشيرات التي تسمح لدولة فلسطين بالمشاركة في أعمالنا، وهذه مسؤولية لا يمكن التهرب منها تحت أي عذر كان".
من جهتها صرحت وزيرة الخارجية الفلسطينية، فارسين أغابكيان، بأن الاعتراف بدولة فلسطين لن ينهي الحرب، لكنه يمثل خطوة مهمة على الطريق الصحيح نحو السلام والاستقرار.
ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه المملكة المتحدة للاعتراف بدولة فلسطين الأحد، في حين أعلنت نحو 11 دولة حول العالم عزمها الاعتراف بالدولة يومي الأحد والاثنين، تزامنا مع الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
إسرائيل تواصل تفجير المنازل بغزة
ميدانيا قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي 15 فلسطينيا وأصاب آخرين منذ فجر امس الأحد، في هجمات متفرقة على قطاع غزة، تزامنا مع تفجير منازل بروبوتات مفخخة في الأحياء الشمالية والجنوبية لمدينة غزة.
يأتي ذلك مع استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الجيش الإسرائيلي منذ نحو سنتين على القطاع، ومساعيه لاحتلال مدينة غزة وتهجير الفلسطينيين منها.
وبحسب شهود عيان ومصادر طبية وفق الأناضول استهدفت الهجمات الإسرائيلية بالقصف وإطلاق النار منازل وتجمعات مدنيين بمناطق القطاع.
وفي أحدث الهجمات، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي 8 فلسطينيين بينهم أطفال، وأصاب العشرات، بقصف تجمع لمدنيين قرب مسجد حمزة بحي الدرج وسط مدينة غزة.
فيما قتل جيش الاحتلاا، فلسطينية وأصاب آخرين باستهداف تجمع مدنيين في حي تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة.
وفي وسط مدينة غزة، استشهد 5 فلسطينيين وأصيب آخرون بقصف إسرائيلي استهدف منزلا لعائلة "الحداد" قرب مفترق الشعبية.
وفي حي التفاح شرقي المدينة، أطلقت طائرات مسيّرة من نوع "كواد كابتر" نيرانها باتجاه منازل المدنيين قرب مسجد الأيبكي، فيما قصفت طائرة مُسيّرة مناطق أخرى شرق غزة، دون الإبلاغ عن ضحايا.
إلى الشمال الغربي للمدينة، نفذ جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليات نسف لمبانٍ سكنية في محيط أبراج المخابرات وحي الشيخ رضوان، وألقى قنابل إنارة بكثافة في أجواء المنطقة.
وتشهد الأطراف الجنوبية لحي تل الهوى جنوبي مدينة غزة أوضاعا ميدانية صعبة، مع تحركات للآليات العسكرية الإسرائيلية شرق دوار الدحدوح، تحت غطاء ناري كثيف لتقدم الروبوتات المفخخة.
فيما تحلق الطائرات الاستطلاعية والمُسيّرة على علو منخفض، مطلقة نيرانها بشكل متواصل، في وقت يتعرض فيه الحي لقصف مدفعي عنيف على مدار الساعة وعمليات تفجير واسعة لمنازل ومنشآت سكنية.
وأفاد شهود عيان بأن عمليات النزوح ما تزال مستمرة وتراجع أعداد المتبقين في المنطقة الغربية، مع ازدياد دموية القصف الإسرائيلي.
في بلدة المغراقة شمال مخيم النصيرات، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي فلسطينيا، إثر استهدافه تجمعا لمدنيين.
وفي البلدة ذاتها، نفذ الجيش عمليات نسف لمبان سكنية، دون الإبلاغ عن وقوع ضحايا.فيما أطلقت آليات عسكرية إسرائيلية النار في محيط جسر وادي غزة.
إغلاق معبر الكرامة بين الضفة والأردن
على صعيد آخر أعلنت الهيئة الفلسطينية العامة للمعابر والحدود، ومديرية الأمن العام الأردني،أمس الأحد، أن إسرائيل أعادت إغلاق معبر الكرامة الرابط بين الضفة الغربية المحتلة والأردن بشكل مفاجئ.وقالت الهيئة (رسمية)، في بيان، إن "الجانب الإسرائيلي أغلق، وبشكل مفاجئ، معبر الكرامة (جسر الملك حسين) في كلا الاتجاهين"، أي أنها منعت الخروج من الضفة والدخول من الأردن.
وأضافت الهيئة: "بناءً عليه فإن المعبر مغلق لهذا اليوم الأحد، ونرجو من المسافرين متابعة منصات الهيئة الرسمية للاطلاع على أي مستجدات".
وكانت الهيئة أعلنت صباح امس إعادة فتح معبر الكرامة، بعد إغلاقه منذ الخميس، إثر مقتل جنديين إسرائيليين، بعملية إطلاق نار على المعبر.
من جهتها، أفادت مديرية العام الأردني (تتبع لوزارة الداخلية) في بيان مقتضب، بـ"إعادة ايقاف حركة المسافرين عبر جسر الملك حسين من الجانب الآخر".