من 100 الف شهيد من الفلسطينيين ، تصاعدت المؤشرات بإمكانية استئناف المفاوضات غير المباشرة برعاية الوسطاء بين دولة الاحتلال وحركة حماس . وبالتوازي مع إبادة غزة، صعد الاحتلال والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 986 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وفق معطيات فلسطينية. وطالبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، امس الأحد، بإجراءات دولية رادعة لوقف الجرائم المتصاعدة للمستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية المحتلة.
تقدم في المفاوضات
وفي تطور مفاجئ على مسار الحرب في غزة، أفادت مصادر سياسية وإعلامية بتحقيق "تقدّم جزئي" في المفاوضات غير المباشرة الجارية لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن. وسط تحركات دبلوماسية مكثّفة تقودها الولايات المتحدة، ووساطات قطرية ومصرية لم تفلح بعد في كسر جمود الشروط المتبادلة بين تل أبيب وحركة المقاومة الاسلامية حماس.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشهد غزة عمليات عسكرية إجرامية إسرائيلية بدعم أمريكي تسببت في استشهاد وإصابة مئات الآلاف من الفلسطينيين.
بحسب مراقبين، فإن ما تحقق حتى اللحظة لا يتعدى كونه "تقدما تمهيديا"، إذ لم تصل المفاوضات إلى درجة إرسال وفد رسمي. اذ تؤكد مصادر ان العقبة الجوهرية تظل كما هي وهي وجود شروط إنهاء الحرب وضمانات تطالب بها حماس مقابل إطلاق سراح الرهائن، في مقابل إصرار إسرائيلي على نزع سلاح المقاومة.
في هذا السياق، نقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤول أمريكي أن واشنطن لن تحدد موعد زيارة نتنياهو قبل الاطلاع على نتائج المحادثات التي سيجريها ديرمر، مؤكدة أن إدارة ترمب ستضغط باتجاه وقف شامل للحرب، مع إعطاء أولوية لإنقاذ الرهائن.
لكن اللافت أن البيت الأبيض لا يزال مترددا في كشف حجم الضغط الممكن ممارسته على "إسرائيل"، ما يعكس تضارباا بين الدعم التقليدي للحليف الإسرائيلي، ورغبة إدارة ترامب في تحقيق إنجاز دبلوماسي قبل الانتخابات.
تصريحات ترامب
هذا وفي تطور لافت على الساحة الدولية، أطلق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب تصريحات مثيرة للجدل خلال مؤتمر صحفي مقتضب على هامش قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" في لاهاي، حيث أعلن أن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب المدمّرة في قطاع غزة "بات وشيكاً جداً". تصريحات ترمب، التي جاءت وسط تصعيد إقليمي حاد وتوترات متشابكة بين أطراف إقليمية ودولية، تعكس محاولته استثمار التدخل العسكري الأمريكي الأخير في إيران كورقة ضغط سياسي في مسار الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023.
يأتي هذا في وقت تؤكد فيه حركة المقاومة الإسلامية حماس أن الاتصالات مع الوسطاء، وخاصة من مصر وقطر، قد تكثفت بشكل ملحوظ في الساعات الأخيرة، في محاولة لإحياء الجهود المتعثرة للتوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار في غزة، وإنجاز صفقة تبادل أسرى. إلا أن الحركة اتهمت الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة التلكؤ والمماطلة في التفاعل مع هذه الجهود، رغم ما وصفته بالمرونة الكافية التي أبدتها حماس في مفاوضاتها، وتمسكها بثوابت تشمل وقفا دائما للحرب، وانسحابا كاملا من القطاع، وإدخال المساعدات الإنسانية دون قيود.
وتزامنت تصريحات ترامب مع تصاعد الانتقادات الدولية للسياسات الإسرائيلية في القطاع، في ظل ماترتكبه إسرائيل من جرائم ترقى إلى "إبادة جماعية ممنهجة"، راح ضحيتها أكثر من 188 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، أغلبهم من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى آلاف المفقودين، ومئات آلاف النازحين الذين يواجهون مجاعة قاتلة وانعداماً شبه تام لمقومات الحياة.
ورغم الوساطات المتواصلة من قبل الولايات المتحدة ومصر وقطر، لا تزال جهود التوصل إلى اتفاق شامل تصطدم بتعنت الحكومة الإسرائيلية التي يتزعمها بنيامين نتنياهو، الذي يواجه ضغوطا متزايدة من داخل ائتلافه اليميني المتطرف، ما أدى إلى تعطيل تنفيذ المراحل اللاحقة من الاتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه في جانفي الماضي، وجرى تطبيق مرحلته الأولى فقط.
ويرى البعض أن التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مؤخرا عن "اقتراب التوصل إلى اتفاق" خلال أسبوع أثارت دهشة في الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية. مسؤولون تحدثوا إلى صحيفة يديعوت أحرونوت وصفوا تصريحات ترمب بأنها "أمنيات سياسية لا أكثر"، في ظل عدم وجود مؤشرات ملموسة على ليونة من جانب نتنياهو أو تغيّر في موقف حماس.
وفي المقابل، يرى محللون أن نتنياهو يناور سياسيا لكسب الوقت، ويربط إنهاء الحرب بمصالحه الشخصية وسعيه للبقاء في السلطة، خاصة في ظل تراجع شعبيته وضغوط دولية متزايدة.
وبحسب تقارير إعلامية، فإن المقترح الذي طرحه مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، يتضمن خطة مرحلية تبدأ بإطلاق نصف الرهائن الأحياء ونصف جثامين القتلى خلال سبعة أيام، مقابل هدنة تستمر 60 يومًا يتم خلالها التفاوض على وقف دائم لإطلاق النار.
لكن مسؤولين إسرائيليين نفوا وجود أي تقدم نوعي في هذا الاتجاه، مؤكدين أن المفاوضات لم تتجاوز بعد مرحلة "التمهيد"، وأن الوساطة القطرية والمصرية لا تزال تواجه تعنّتا من الطرفين.
وفي تطور لافت، كشفت مصادر عسكرية إسرائيلية أن العملية البرية في غزة تقترب من نهايتها، وأن استمرارها قد يُهدد حياة الأسرى الإسرائيليين. هذه المعطيات، إلى جانب الضغط الأمريكي، تضيف مزيدا من التعقيد على حسابات نتنياهو في الميدان والسياسة.
وفي تصريحات جديدة أدلى بها يوم أمس الأحد، قال ترمب إن محادثات تجرى حاليًا بين نتنياهو وحماس عبر وسطاء، مشيرا إلى إمكانية تقليص الخطة الأمريكية بما يحقق وقفا سريعا لإطلاق النار. كما ألمح إلى تفاهمات تم التوصل إليها خلال مكالمة هاتفية جمعته بنتنياهو وديرمر، قد تُفضي إلى نهاية الحرب خلال "أسبوعين على الأكثر".
غموض مستمر
رغم المؤشرات على تحرك ما في المسار السياسي، إلا أن المشهد العام لا يزال يتسم بالغموض والتردد. فإدارة ترامب تسعى إلى تحقيق اختراق يحسب لها، بينما يتلكأ نتنياهو في اتخاذ قرارات جذرية قد تُكلّفه ثمنًا سياسيًا باهظًا.
أما حماس، فتقف عند سقف سياسي ثابت يرفض إنهاء الحرب دون انسحاب كامل ورفع الحصار. وفي غياب اتفاق متوازن أو ضغوط حاسمة من اللاعبين الدوليين، فإن شبح استمرار الحرب لا يزال قائما، حتى وإن خفت صوت المدافع لبعض الوقت.
فلسطين تطالب بإجراءات دولية
في الاثناء طالبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، امس الأحد، بإجراءات دولية رادعة لوقف الجرائم المتصاعدة للمستوطنين الإسرائيليين بالضفة الغربية المحتلة.
وفي بيان لها، دعت الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي إلى "تحمل مسؤولياته التي يفرضها القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، لوقف جرائم المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين، وتنفيذ القرارات الأممية ذات الصلة".
وبوقت سابق اقتحم مستوطنون إسرائيليون تجمعا فلسطينيا شرقي الضفة، فيما احتجز آخرون قطيع أبقار في الأغوار الشمالية، وفق منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو.
وطالبت الوزارة باتخاذ "ما يلزم من الإجراءات الرادعة لضمان وضع حد لهجمات عصابات المستوطنين وعناصرهم الإرهابية، ضد أبناء شعبنا وأرضهم وممتلكاتهم ومقدساتهم".
وأضافت أن "طبيعة هجمات المستوطنين الجماعية الأخيرة على البلدات والقرى الفلسطينية، تعكس تقاسم أدوار واضح بين ميليشيات المستوطنين المسلحة والمنظمة وجيش الاحتلال، لممارسة أبشع أشكال القمع والتنكيل بالمواطنين الفلسطينيين".
ووفق معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية (حكومية)، تسببت اعتداءات المستوطنين وجرائمهم في تهجير 30 تجمعاً بدوياً فلسطينيا كان يسكنها 323 عائلة من أماكن سكنها إلى أماكن أخرى، وذلك منذ 7 أكتوبر2023 وحتى نهاية ماي 2025.
وخلال ماي الماضي، ارتكب مستوطنون إسرائيليون 415 اعتداء بالضفة الغربية المحتلة، وفق معطيات الهيئة.
ومنذ بدء حرب الإبادة بقطاع غزة، أعلن مسؤولون إسرائيليون، في مقدمتهم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، رفضهم إقامة دولة فلسطينية واعتزامهم ضم الضفة الغربية رسميا.
وبالتوازي مع إبادة غزة، صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أدى إلى مقتل 986 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وفق معطيات فلسطينية.
أوامر بإخلاء مناطق بشمال غزة
ميدانيا أمر جيش الاحتلال الإسرائيلي الفلسطينيين بإخلاء مناطق في شمال قطاع غزة امس الأحد قبل تكثيف القتال ضد حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)، في الوقت الذي دعا فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى إنهاء الحرب وسط تجدد لجهود التوسط لوقف إطلاق النار.
ونشر ترامب على موقعه للتواصل الاجتماعي (تروث سوشيال) في وقت مبكر امس الأحد "أبرموا اتفاق غزة، واستعيدوا الرهائن".
ومن المقرر أن يجري رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محادثات في وقت لاحق من بشأن تقدم الحملة العسكرية. وقال مسؤول أمني كبير إن الجيش سيبلغه بأن الحملة العسكرية تقترب من تحقيق أهدافها، وسيحذر من أن توسيع نطاق القتال ليشمل مناطق جديدة في قطاع غزة قد يعرض الرهائن المتبقين هناك للخطر.
لكن في بيان نشر على منصة إكس ورسائل نصية أرسلت إلى العديد من السكان، حث جيش الاحتلال الإسرائيلي سكان الأجزاء الشمالية من القطاع على التوجه جنوبا نحو منطقة المواصي في خان يونس.
ويقول مسؤولون فلسطينيون ومسؤولون من الأمم المتحدة إن ليس هناك أي مكان آمن في غزة.
وشمل أمر الإخلاء منطقة جباليا ومعظم أحياء مدينة غزة. وقال مسعفون وسكان إن القصف الإسرائيلي تصاعد في الساعات الأولى من الصباح في جباليا، مما أدى إلى تدمير عدة منازل ومقتل ستة أشخاص على الأقل.
وفي خان يونس بجنوب القطاع، قال مسعفون إن خمسة قتلوا في غارة جوية على مخيم بالقرب من المواصي.
مسعى جديد لوقف إطلاق النار
يأتي هذا التصعيد في الوقت الذي بدأ فيه البلدان الوسيطان مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة، جهودا جديدة لوقف إطلاق النار لإنهاء الصراع المستمر منذ 20 شهرا وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والأجانب الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس.
وزادت الرغبة في حل الصراع في غزة في أعقاب القصف الأمريكي والإسرائيلي للمنشآت النووية الإيرانية.
وقال مسؤول في حماس وفق رويترز إن الحركة أبلغت الوسطاء باستعدادها لاستئناف محادثات وقف إطلاق النار، لكنه أكد مجددا على مطالب الحركة بوجوب أن ينهي أي اتفاق الحرب ويضمن انسحاب إسرائيل من القطاع الساحلي.
وأبدت حماس استعدادها لإطلاق سراح الرهائن المتبقين في غزة، والذين يعتقد أن 20 منهم ما زالوا على قيد الحياة، فقط في إطار اتفاق ينهي الحرب.
وتقول إسرائيل إنها لا يمكن أن تنهي الحرب إلا بنزع سلاح حماس وتفكيكها. وترفض الحركة إلقاء سلاحها.
اندلعت أحدث موجة عنف في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود في أكتوبر 2023 عندما هاجمت حماس إسرائيل مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة، وفقا للإحصاءات الإسرائيلية.
وقتل الهجوم العسكري الإسرائيلي اللاحق ما يربو على 56 ألف فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة في غزة. ودفعت الحملة العسكرية جميع سكان القطاع تقريبا، الذين يبلغ عددهم 2.3 مليون، على النزوح وأغرقت القطاع في أزمة إنسانية ودمرت معظم مناطقه.
"اسرائيل" تنشر الفرقة 96 على الحدود مع الأردن
في الاثناء نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأحد، "الفرقة 96" على الحدود الشرقية مع الأردن.
وزادت إسرائيل حضورها على الحدود مع الأردن بالتزامن مع بدء عدوانها على قطاع غزة، حيث تعتمد تل أبيب على تقنيات الذكاء الاصطناعي والطيران المسير والمستشعرات الليلية والنهارية في مراقبتها، وفق وسائل إعلام عبرية.
وفي 13 أوت 2024، دعا وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إلى الإسراع في بناء جدار على طول الحدود مع الأردن، زاعما أن "وحدات الحرس الثوري الإيراني تتعاون مع حركة حماس في لبنان لتهريب الأسلحة والأموال إلى الأردن، ومنها إلى الضفة الغربية" وفق الاناضول.
الاعتراف بدولة فلسطين
على صعيد متصل قال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، إن بلاده "مصممة على الاعتراف بدولة فلسطين". جاء ذلك في تصريحاته لقناة "إل سي آي" الفرنسية، في تقييمه للتطورات بالشرق الأوسط.
وأشار بارو إلى مقتل 500 فلسطيني وإصابة حوالي 4 آلاف آخرين أثناء توزيع الغذاء في قطاع غزة خلال ماي الماضي.
ووصف فقدان الفلسطينيين بغزة لأرواحهم أثناء توزيع الغذاء بأنه "عار ويمس كرامة الإنسان".
وأضاف الوزير بارو: "فرنسا وأوروبا مستعدتان للمساهمة في ضمان توزيع الغذاء (في غزة)".
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تنفذ تل أبيب وواشنطن منذ 27 ماي الماضي خطة لتوزيع مساعدات محدودة، حيث يقوم الجيش الإسرائيلي بإطلاق النار على الفلسطينيين المصطفين لتلقي المساعدات ويجبرهم على المفاضلة بين الموت جوعا أو رميا بالرصاص.
وحتى الأربعاء، قالت وزارة الصحة بغزة إن حصيلة الفلسطينيين الذين قتلوا أثناء محاولتهم الحصول على "المساعدات الأمريكية الإسرائيلية" قرب مراكز التوزيع منذ 27 ماي الماضي، بلغ نحو 549 قتيلا وأكثر من 4 آلاف و66 مصابا.
وأكد بارو أنه لا مبرر لاستمرار الهجمات الإسرائيلية على غزة، قائلا: "مصممون على الاعتراف بدولة فلسطين؛ سيحدث هذا في إطار عمل مشترك يشجع كافة الأطراف على تهيئة الظروف التي تُمكّن من قيام هذه الدولة".
وفي 22 ماي 2024، أعلنت كل من النرويج وإيرلندا وإسبانيا، اعترافها رسميا بدولة فلسطين اعتبارا من 28 من الشهر نفسه.
وقبل هذا التطور، اعترفت 8 بلدان أعضاء في الاتحاد الأوروبي بدولة فلسطين، وهي: بلغاريا وبولونيا وتشيكيا ورومانيا وسلوفاكيا والمجر وإدارة جنوب قبرص الرومية والسويد.
وتعترف 149 دولة بفلسطين من أصل 193 دولة عضوا بالأمم المتحدة.