Print this page

للحديث بقية الوعد الصادق 3 يغيّر المعادلات

تأتي المشاهد القادمة من تل ابيب لتبين حجم الدمار الذي أصاب عمق

الكيان الإسرائيلي وهي مشاهد غير مسبوقة في كل مراحل الصراع الصهيوني في المنطقة . فصواريخ الفتاح 1 التي تصفها طهران بأنها "أسرع من الصوت"- ويصل مداها إلى 1400 كلم، وقادرة على التخفي واجتياز أنظمة الرادار، هزّت "إسرائيل" التي تصاعدت خسائرها البشرية والمادية. اذ تعرض مبنى البورصة في منطقة "رمات غان" لإصابة مباشرة بصاروخ إيراني. ولا يستثني بنك الأهداف الاستراتيجية التي وضعتها الجمهورية الإسلامية الإيرانية شيئا من القواعد العسكرية الصهيونية ومقرات الموساد وغيرها من المؤسسات التي صنعت أسطورة الاحتلال الذي لا يهزم لعقود ولكنها مدمرة اليوم أمام أنظار العالم.

وأكّد الحرس الثوري الإيراني نجاح الدفعة الرابعة عشرة التي استهدفت مركز القيادة والمعلومات التابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وشدّد على أن الأجواء الإسرائيلية مكشوفة بالكامل وأنه لم يعُد هناك أي موقع آمن داخل "إسرائيل".
ويبحث الإيرانيون كذلك عن ورقات أخرى للضغط على الصهاينة والغرب في حال قرر ترامب المشاركة في الحرب . فقد لوح بهنام سعيدي عضو لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني لوكالة مهر للأنباء امس الخميس بأن إغلاق مضيق هرمز، هو أحد الخيارات التي ربما تتخذها طهران للرد على أعداء البلاد، رغم أن برلمانيا ثانيا قال إن هذا لن يحدث إلا إذا تعرضت المصالح الحيوية لطهران للخطر. وسبق أن هددت إيران بإغلاق مضيق هرمز أمام حركة الملاحة ردا على الضغوط الغربية. وأضافت "إذا دخلت الولايات المتحدة الحرب رسميا وعمليا دعما للصهاينة، فهذا حق مشروع لإيران في إطار الضغط على الولايات المتحدة والدول الغربية بعرقلة مرور تجارتهم النفطية".
وفي الحقيقة فان ايران تجاوزت صدمة العدوان الصهيوني الأول الذي باغتها وأصاب قيادات الصف الأولى وكبار علمائها، فأعادت طهران ترتيب مؤسساتها فورا مع تعيينات جديدة لسد الفراغ. ويبدو ان الولايات المتحدة تخشى من ان يدخل حزب الله اللبناني على خط الأحداث لدعم طهران، فقد نبّه السفير الأمريكي إلى تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توماس باراك من بيروت امس الخميس، الى أن تدخّل حزب الله في الحرب الإيرانية-الإسرائيلية سيكون "قرارا سيئا للغاية". فالحزب ندد بالعدوان الصهيوني ولكنه لم يعلن استعداده الدخول في الحرب خاصة انه مقيد باتفاقية الهدنة الهشة مع كيان الاحتلال بعد حرب خاضها انتهت بوقف لإطلاق النار في 27 نوفمبر الماضي.
وفي خضم ذلك تخيم حالة ترقب وتوجس عالميين لمشاركة ترامب من عدمها خاصة ان هناك انقسام داخل الولايات المتحدة بشأن المشاركة المباشرة في العدوان على إيران أو الإكتفاء بالدعم المخابراتي والعسكري لدولة الاحتلال من وراء الكواليس . فهناك اجماع من قبل اللوبي الصهيوني الأمريكي على الإطاحة بالنظام الإيراني خدمة لتل ابيب، ولكن التباين الداخلي هو حول الوسائل التي تحقق هذا الهدف بأقل تكلفة ممكنة بالنسبة للبيت الأبيض .
فهذه الحرب التي تواصل في يومها الثامن صفع كيان الاحتلال بصواريخ ثقيلة المدى ستكون حاسمة في رسم المشهد القادم ليس في المنطقة فحسب بل في العالم بأكمله حيث يعاد ترتيب الأقطاب والأولويات والقوى . فزمن العدوان الصهيوني بدعم امريكي ومطالبة الدول المستهدفة بضبط النفس قد انتهى . والتفوق العسكري الصهيوني بأن بالكاشف بانه لن يحمي أمن المستوطنين الصهاينة وهم يعيشون على أرض مسروقة وبأن هناك معادلات عسكرية وجيوسياسية وأمنية جديدة ترسمها ايران اليوم وتلقى زخما واسعا من الشعوب التي تؤمن بالنصر حتى آخر نقطة شهادة وآخر قطرة دم.

المشاركة في هذا المقال