«المدينة المدمجة»: هل لتونس فيها نصيب؟

يعيش حاليا أكثر من نصف سكان العالم في المدن ، وسوف تستمر هذه النسبة في الارتفاع، وفقا للتوقعات، حتى في دول منظمة التعاون الاقتصادي. إن الرزنامات السياسية الوطنية تمنح أهمية متزايدة لقضايا التخطيط العمراني فالمدن والمناطق الحضرية تساهم بشكل كبير في الاقتصادات

الوطنية وتلعب دورا رئيسيا كمراكز للأسواق والإستثمارات الدولية، إضافة إلى ذلك، فإنه بتسارع العولمة وزيادة المنافسة على الاستثمار الدولي، أصبحت المناطق الحضرية هدفا لمجموعة واسعة من التدخلات العمومية. بالتالي، فإن سياسات التنمية الحضرية في دول منظمة التعاون الاقتصادي تواجه مجموعة متنوعة من القضايا مثل التوسع والازدحام في المناطق الحضرية، القدرة التنافسية، الابتكار، والإدماج الاجتماعي والاستدامة البيئية.
و في إطار مواضيع التدخل في المدن تطرح العديد من الأسئلة و منها:

• ما هي الطرق الأنجع للمدن في فهم تغير المناخ و تحقيق نمو أكثر «اخضرارا»؟

• كيف يمكن للمواني أن تساهم في التنمية الحضارية؟

• ما هي الروابط التي يجب تطويرها بين المناطق الريفية والحضرية حتى يقع دعم الإمكانات الإقتصادية لجهة ما؟

• كيف يمكن للمدن أن تتماشى مع التغير الديمغرافي؟
إن منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية تقوم بدراسات في هذه الإتجاهات و تطرح كل هذه الأسئلة إضافة إلى:

• ماهية السياسات العمومية التي من شأنها أن تساعد المدن و المناطق الحضرية حتى تصبح أكثر منافسة و استدامة و اندماجا على المدى الطويل؟
إن منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية، تقوم بتحاليل عميقة للسياسات الوطنية في إطار»التخطيط العمراني الحضاري» والتدقيق في المدن والمناطق الحضرية، وتقوم بتقييم السياسات الحالية وتقترح استراتيجيات لتحفيزالنمو، وتحسين النجاعة البيئية و الإندماج الإجتماعي. من هنا يأتي مفهوم المدينة المدمجة، إذ في عام 2050، سوف يعيش 70 ٪، من سكان العالم، أي أكثر من 5.5 مليار نسمة في المدن.

هذا الانفجار السكاني إضافة إلى ظاهرة الاحتباس الحراري الذي يهدد العالم مع ارتفاع أسعار الطاقة والضغوطات على الماليات العامة، يحث بقوة على تخطيط المدن بأكثر فعالية.
وفي مواجهة النمو السكاني وتزايد ندرة الموارد الطبيعية، تواجه الحكومات خيارين: السماح للتخطيط وامتداد المدن على حساب الأراضي الزراعية، أو خطة تطوير «المدن المدمجة» المتماشية مع ضرورات إقتصاد وبيئة مستديمة.

واستنادا إلى أمثلة من «ملبورن، باريس»، بورتلاند، توياما وفانكوفر تؤكد نشريات منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية المعنونة «سياسات المدينة المدمجة، مقارنة تقييمية»، ترتكز على الأمثلة حتى يتبين أنه بإمكان المدن المدمجة، أن تساهم في سياسات التخطيط المناسبة، وتساعد في حماية البيئة، وتعزيز النمو الاقتصادي الإقليمي وتحسين نوعية الحياة.على سبيل المثال، في مدينة باريس، تتم مناقشة اقتراح، يدعو إلى زيادة بنسبة 30 ٪ على الأقل من مساحة المناطق المشجرة، وهذا من شأنه احتواء موجات الحرارة.

إن وجود الأراضي الزراعية في جوارالمدن، يشجع الاستهلاك ويقلل من النقل لمسافات المواد الغذائية المنتجة محليا مع الحفاظ على التنوع البيولوجي والحد من الإنحباس الحراري، وبالنسبة للمقيمين، سوف يتم تعويض ارتفاع تكاليف الطاقة عن طريق تقليل وقت النقل، وتحسين فرص الحصول على خدمات النقل العام وتوفير فرص العمل المحلية. في المدينة المدمجة أيضا، تهتم الحكومات بالبحث عن الادخار، لتحسين كفاءة الاستثمارات في البنية التحتية والتقليل من تكاليف صيانة شبكات نقل وتوزيع الطاقة والمياه، والتخلص من النفايات.
ويعرض المنشورالمشارإليه سابقا ما يحصل في ثلاثين بلدا، ويقترح 18 مؤشرا بخصوص المدينة المدمجة لمساعدة السلطات على مقارنة النتائج وتحسين عملها. ويوصي الإدارات الوطنية والإقليمية بالتعاون مع المستثمرين وغيرهم من الهيئات لتشجيع الكثافة المعمارية، وخاصة في الأحياء الجديدة، ومزامنة سياسات الهيئة العمرانية والحضرية والريفية. وتشجيع تجديد المباني القائمة، مع استخدام الأراضي المتنوعة، وتحسين نوعية الحياة من خلال مزيج من المناطق التجارية والمناطق السكنية.

ويتم تشجيع الحكومات لاحتواء الآثار السلبية في المناطق الحضرية عن طريق الحد من الازدحام المروري من خلال فرض الضرائب على المركبات أو الوقود، وتعزيز المعروض من المساكن بأسعار معقولة، وأخيرا تشجيع وجود المساحات الخضراء في الأماكن العامة والمناطق المبنية.

فمتى ستقوم تونس برسم استراتيجياتها وتخطيطاتها بخصوص مدنها و أريافها ؟ متى ستتوضح الأمور في بلدنا بالقدر الممكن؟ ليس المهم أن نشارك في المؤتمرات العالمية و نرفع شعارات طنانة رنانة في الإستدامة و المحافظة على البيئة والإدعاء بسياسات عالمية ضد الإحتباس الحراري ولكن المهم أن نضع حجر الأساس و نبدأ في خطط تضع ركائزصحيحة ودقيقة مرتبطة بواقعنا و نعرف تعليلها والدفاع عنها و الإقناع بها عبر دراسات محكمة و مدعمة بالأرقام الواقعية، تعمل على مصالح الوطن والمواطن.

• الإستدامة شرط من شروط الإستمرار
فكونوا معنا في مهرجان حكايات البحر، للسينما والإستدامة 1 - 4 سبتمبر2016 لنستمر سويا..

بقلم جودة بوعتور: مدرسة جامعية باحثة ونائبة رئاسة جمعية أوزيريس العلمية

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115