غير أن ما تحتاجه البلاد هو قبل كل شيء وجود مشروع ورؤية للمستقبل. وقد ظل حتى الآن البحث المستمر عن التوافق قبل الفعل هو الحافز بل المحرك والدافع نحو التدهور الاقتصادي والاجتماعي الذي نشهده.
فالبحث عن التوافق قبل الفعل هو في نفس الوقت بمثابة العودة إلى منظومة الحزب الواحد، وتنكّر للديمقراطية، وضمان للعجز عن اتخاذ أي فعل وكذلك انعدام الكفاءة بشأن بناء رؤية محددة للمستقبل.
قد يكون هذا من قبيل التفكير المكرّر والمبتذل، ولكنه يبقى شرطا أساسيا لأنه في غياب المشروع يمكننا مواصلة جلد الذات إلى ما لا نهاية بحثا في التفاصيل.
إن ما هو مطلوب هو حكومة قوية بتصميمها، أي على العكس تماما من برنامج وحدة وطنية، حكومة قادرة على إبراز بعض الأولويات والتوجّه بعدد صغير منها نحو المواطنين. فتعبئة المواطنين حول مشروع محدد من شأنه أن يسحب البساط من تحت أقدام الساسة المترددين ويحمّلهم أمام المواطنين مسؤولية الجمود والشلل.
ومع اقتراب موعد الانتخابات القادمة، أيّ حزب بإمكانه المخاطرة بمعارضة برنامجٍ لمكافحة الفساد دون هوادة ؟
أي حزب سيخاطر بمعارضة تعبئةٍ مكثّفة من قبل جامعاتنا لاحتضان - كل حسب قطاعها - العاطلين عن العمل من خريجيها ومساعدتهم على القيام بالخطوة الأولى في سوق الشغل.
أي حزب سيجرؤ على معارضة سياسةٍ مالية تثمِر العدالة الاجتماعية وتُخضِع للضريبة وبالقدر الكافي الدخلَ المرتفع جدا والأملاكَ الكبيرة جدا بما يسهم في توفير موارد جديدة للدولة، وتمويل التغطية الصحية الشاملة على سبيل المثال ؟
أي حزب سيجرؤ على معارضة اتخاذ خطوة جريئة ......