مبادرة حكومة الوحدة الوطنية: المعضلة في الاختيارات والبرامج و ليس فقط في الأشخاص

عبد المجيد المسلمي (عضو المجلس المركزي للجبهة الشعبية)
الرسالة الأساسية لمبادرة رئيس الجمهورية السيد الباجي قائد السبسي هي ان حكومة السيد الحبيب الصيد لم تنجح في إخراج البلاد من وضعها الاقتصادي و الإجتماعي المتردي و أنه وجب تغييرها و استبدالها بحكومة وحدة وطنية. هذا التشخيص الذي لطالما قدمته الجبهة

الشعبية يعبر حقا عن الوضعية الصعبة التي تعيشها بلادنا. فنسبة النمو ضعيفة جدا تقارب الصفر و الدينار التونسي في أسوء حالاته و الإستثمار الداخلي و الخارجي لا يزال ضعيفا ولا يلبي حاجيات سوق الشغل و الوضع الإجتماعي محتقن كما برز خلال انتفاضة المعطلين في شهر جانفي الماضي.

والمشكل الجوهري المطروح هو ما هو برنامج هذه الحكومة الجديدة ( و ليست فقط تركيبتها) حتى تتمكن من إخراج البلاد من أزمتها. لأن حكومة الحبيب الصيد التي تطلب تشكيلها ما يقارب 30 يوما لم يكن لها أي برنامج واضح. و قد قضت أحزاب الرباعي الحاكم تلك الفترة الطويلة التي استنفدت أعصاب التونسيين لا في نقاش حلول للمعضلات التي تشهدها البلاد بل في عراك و خصومات على تقسيم الكعكة و اتوزيع الوزارات و هو ما أثار آنذاك حفيظة الجبهة الشعبية التي انسحبت من المشاورات.
أي خطة لانطلاقة جديدة للإقتصاد؟؟؟؟

المعضلة الأساسية التي تواجهة البلاد هي كيف يتمكن الإقتصاد التونسي من تحقيق انطلاقة جديدة une relance économique على ضوء المتغيرات الإقليمية و الدولية وبروز الإرهاب كظاهرة عالمية. فحكومة السيد الحبيب الصيد لم تجد حلا لهذه المعضلة والحال أنه هو نفسه و مستشاروه و البعض الأخر من الوزراء المنتمين للإدارة التونسية هم من إطارات النظام القديم و حافظوا على السياسات البالية للنظام السابق و التي أثبت التاريخ فشلها علاوة على عدم انسجامها مع المتغيرات الجديدة. فالدرس الذي يجب أن يستوعبه الجميع و خاصة أولئك الذين يفكرون في شخصية من العهد السابق أنه لا يمكن صياغة سياسة جديدة بوجوه قديمة. إن التعويل أساسا على الإستثمار الخاص الداخلي و الإستثمار الأجنبي من أجل اتطلاقة جديدة للاقتصاد الوطني قد أظهر محدوديته. فالطبقة الرأسمالية في تونس هي من

الضعف و الهشاشة التي تجعلها عاجزة عن النهوض بأعباء الإقتصاد الوطني. أما الاستثمار الاجنبي فهو أمر غير مضمون نظرا للأزمة الاقتصادية العالمية من جهة و نظرا للأوضاع الأمنية وهشاشة الإستقرار السياسي و الإجتماعي الذي يميز المرحلة المابعد ثورية. ما العمل إذن؟؟؟ هذا ما يجب أن تجيب عليه الأحزاب التي ستشكل الحكومة الجديدة. ويعتبر بعض الخبراء في الاقتصاد أن مثل هذا الوضع يتطلب أن تكون الدولة هي المستثمر الرئيسي في هذه المرحلة عبر انجاز الأشغال الكبرى وبعث المشاريع سواء في البنية التحتية أو حتى في المجالات التنافسية نظرا لعزوف الاستثمار الخاص عنها. ويمكن أن تكون هذه الإستثمارات في إطار الشراكة بين القطاع العام والخاص.

أي قاطرات للإقتصاد الوطني؟؟؟
هنالك قاطرات locomotives أساسية للإقتصاد التونسي: المناجم و الطاقة و السياحة والصناعة والفلاحة وقطاع الخدمات..و قد أصبح واضحا أن هذه القاطرات مصابه بعاهات عديدة تجعلها غير قادرة على جر عربات الإقتصاد الوطني كما يجب و بالسرعة المطلوبة. لقد أبقت حكومة السيد الحبيب الصيد على نفس السياسات القديمة تجاه هذه القطاعات غير عابئة بالمتغيرات الوطنية والإقليمية والدولية و دون أن...

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115