لكن وبالرغم من هذه القرارات والتعبئة الكبيرة للخروج من هذا الوضع المتردي فإن دار لقمان بقيت على حالها وبقي الاقتصاد العالمي يدور في حلقة مفرغة. وقد أصبحت حالة التريث والانتظار التي يعزفها الاقتصاد العالمي محل تخوف وذعر من قبل كبار المسؤولين السياسيين والاقتصاديين فعالم اليوم هو عالم التردد والهدوء الذي يعرفه قد يكون من النوع الذي يسبق العاصفة وقد يتحول إلى أزمة مفتوحة.
لقد شكلت الأزمة المالية لسنوات 2008 /2009 والتي شبهها عديد المحللين الاقتصاديين بأزمة 1929 نظرا لحدتها وخطورتها، نقطة تحول كبرى في الاقتصاد العالمي وبروز واقع جديد يختلف عما عرفناه في السابق ويعتبر ضعف النمو العالمي إحدى أهم مميزات هذا الواقع الجديد فالنمو العالمي الذي كان في حدود 4,2 % كمعدل سنوي طوال الفترة الفاصلة بين 1998 و2007 نزل بصفة كبيرة ولن يتجاوز في هذه السنة نسبة 3 % وهذه النسبة بالنسبة للدول المتقدمة هي أضعف بكثير وستكون في مستوى 1,9 % هذه السنة بعد أن كانت بمستوى 2,8 % خلال السنوات الممتدة بين 1998 و2007. والجديد في هذا المجال هو تراجع نسب نمو البلدان الصاعدة خلال السنتين الأخيرتين بعد أن كانت هذه البلدان قاطرة النمو العالمي أثناء أزمة 2008 /2009. فقد كانت نسبة نمو البلدان الصاعدة سنة 2010 تجاوزت 7 % إلا أنها ستكون بمستوى 4 % هذه السنة. وقد عرفت أهم البلدان الصاعدة كالصين والبرازيل التي عرفت أزمة سياسية خانقة وروسيا وجنوب إفريقيا تراجعا كبيرا في النمو بعد أن وصلت مستويات كبيرة في السنوات الأخيرة ولم تنج إلا الهند من هذا التراجع وستسجل هذه السنة أكبر نسبة بين البلدان الصاعدة.
إذن تعتبر هشاشة النمو وضعفه إحدى أهم سمات الاقتصاد العالمي الجديد وقد أخذت هذه المسألة اهتماما كبيرا لدى المحللين والمسؤولين الاقتصاديين فلاري سمارس (Larry Summers) وزير المالية الأسبق للرئيس كلينتون يشير أننا دخلنا إلى مرحلة جديدة في تاريخ الاقتصاد العالمي أطلق عليها اسم «الركود المتجدد» (transition séculaire) ويجب علينا أن نتكيف مع هذه الفترة ونعد العدة لمجابهة تحدياتها وبصفة خاصة الاجتماعية منها وبقاء البطالة على مستويات عالية أما كرستين لاغارد المديرة التنفيذية لصندوق النقد فهي تؤكد أن رداءة النمو وضعفه هو اهم تحدي لبلادنا. كما أشار الخبير الاقتصادي المصري محمد العريان إلى أن بطء النمو وضعفه هما السمة الأساسية للفترة الحالية.
إذن ولئن اختلفت التسميات فإن هناك إجماعا بين الخبراء والاقتصاديين والمؤسسات الدولية أن الاقتصاد الدولي مريض ولم تقدر كل السياسات المسطرة على إعادة عافيته.
وقد قدم عديد الخبراء قراءات وتحاليل لأسباب هذا الوضع فأشار summers أن ضعف الطلب العالمي هو الذي يفسّر تراجع النمو وضعفه. ويشير المحللون أن هذا الضعف في......