من أجل السلام ووحدة الشعوب لا يمكن أن تكون سوى مبادرة مشبعة بالشجاعة بدأها العمدة La Pira «جورجيو لا بيرا « عمدة فلورنسا السابق ، بتشجيعه منذ الخمسينيات على الحوار بين الثقافات والأديان بين كلّ المدن ولا سيما بين مدن البحر الأبيض المتوسّط .ولا تزال هذه الفكرة الرائدة مستمرّة باجتماع الأساقفة ورؤساء البلديات أيّام 23 إلى 27 فيفري 2022 من أجل السلام والعدالة والتعايش الأخوي.
اجتمعوا يلفّهم إيمان ثابت بقدرتهم على جني عديد المغانم وهم يكثّفون من آليات التعاون التي توصل إلى الحفاظ على العدالة وتعزيز الأخوة والاحترام بين جميع النّاس كمواطنين وكجماعات مدنيّة وثقافية ودينية الموجودة فيها.اجتمعوا في أيّام معدودات وأدركوا جملة من التوصيات التي اتّفقوا على متابعة تحقيقها
من ذلك :
• رسم معالم المثل والقيم التي تخطّ مسالك المستقبل بالحدّ من التمييز والعنف وفتح آفاق الأمل للأجيال الشابة.
• توظيف حضن البحر الأبيض المتوسط نظرا لموقعه التاريخي كجسر يربط بين ثقافات أوروبا و إفريقيا وغرب آسيا ، ونصف الكرة الأرضيّة الجنوبي والشمالي ، ليواصل لعب دورًا حاسمًا في السلام وتنمية الدول من خلال استثمار صور التعاون بعيدا عن الصراع بين القوى الخارجية,
• تقويّة الاستراتيجيات والمشاريع المشتركة لتحقيق السلام وحماية الكوكب وضمان الرخاء وتعزيز احترام الحقوق الأساسية لكلّ فرد وكرامته عبر تعزيز فرص العمل النوعية للفئات المحرومة وعبر الاعتراف بالحقّ في الصحّة والحماية الاجتماعية ولا سيما في أعقاب وباء COVID 19,
• الاشتغال على متابعة كلّ ضمانات تحقيق التنمية المستدامة في ظلّ التحدّيات العديدة التي تواجه منطقة البحر الأبيض المتوسط على غرار تغّير المناخ وتدفّقات الهجرة بمختلف صورها والصراعات والفقر.
• الاقتناع بأنّ السلام في حوض البحر الأبيض المتوسّط لابدّ أن يؤسّس على الترابط الوثيق بين التراث الحضاري المادي واللامادي وتنوّع التقاليد كمصادر للحوار والوحدة بين شعوبنا تحتاج حماية وترويجا لدى الأجيال الحالية والمقبلة وبين تطوير المنظومات التربوية والتعليمية وبين الرؤى الإعلامية الملتزمة
والهادفة وبين البرامج الجامعية المشتركة من أجل تعريف الطلبة من جميع أنحاء منطقة البحر الأبيض المتوسط بدورهم الطلائعي كبناة المستقبل وبين الدبلوماسية وإسهامها في تعزيز التنمية البشرية المتكاملة المقامة على احترام الكرامة والحقوق الأساسية لكلّ إنسان على وجه الكرة الأرضيّة.
والخلاصة أنّ هذه التوصيات وغيرها ترمي إلى ترسيخ ثقافة السلام كشعار وعنوان أصيل لا محيد عنه وخاصة حين تنبت جملة من الأشكال الجديدة من التعاون بين صنّاع القرار السياسي والعلماء والقادة الروحيين والثقافيين ورجال الأعمال والاقتصاد والمنضويين في المجتمع المدني وغير هؤلاء ولعلّ ضرورة التحرّك اليوم بشكل مشترك في تبنّي مواقف صادقة محايدة دون اصطفاف ودعوات لوقف العنف والاقتتال بين روسيا و أوكرانيا تجنّبا لكلّ معاناة تنتجها الحرب والانتقال إلى المفاوضات التّي تعيد بناء السلام.
ويظلّ الأمل قائما على استمرار هذا المجهود المشترك طوال سنة 2022 فبعد مدينة «فلورنس» ونجاح هذا الملتقى لم لا تكون مدينة «بالارمو» باعتبارها أبرز جسور الربط بين شمال إفريقيا وأوروبا حاضنة ملتقى «السلام والبحر البيض المتوسّط» لسنة 2023 ؟