منبــــر: الفنانة التشكيلية سنية اسماعيل في أعمال جديدة: عالـم من البهجة والروح التونسية

بقلم: شمس الدين العوني
في هذه الظروف المتواصلة التي فرضتها جائحة كورونا يظل الفعل الثقافي متفاعلا و متواصلا بأشكال متعددة منها ما تتيحه منصات التواصل الاجتماعي

وغيرها حيث تتنوع المبادرات باعتبار أن الفعل الثقافي الابداعي يرسم ثناياه و آفاقه بالكثير من شغف و دأب و حرص الفنان و المبدع.. وهنا وفي هذا السياق تحتفي الفنانة التشكيلية سنية اسماعيل بتلويناتها الفنية فقد أنجزت عددا من الأعمال الفنية من خلال التماهي مع فنيات الخط العربي و الحروفية الفنية و هي تجربة تنضاف لمسارها الفني المفتوح على الاضافة ..وفي سياق آخر و ضمن الاحتفاء بجواهر التراث التونسي و تثمين المعالم و المواقع أنجزت لوحتها الفنية المميزة عن القصر الأثري بالجم و التي لاقت اعجاب العديد من الفنانين وأحباء التشكيل الفني ..واللوحة تمت بنظرة فنية مخصوصة من قبل الفنانة سنية اسماعيل استبطنت فيها حيزا من سحر المعلم و المكان وما يحيل اليه من جمال و عراقة و موسيقى خفية برزت في اللوحة و تشير الى أجواء السمفونيات و بالخصوص ليالي المهرجان الدولي للموسيقى السمفونية بالجم والذي شهد حضور موسيقات عالمية ومجموعات فنية و فنانين و منها نذكر فرقة أوبرا فيينا و مجموعة الترافياتا والبولشوي الروسية و باربارا هاندريكس ...وغيرهم..اللوحة مثلت طقسا جماليا عن الجم القصر والمعلم والثقافة والفنون والموسيقى العالية.
هكذا هي الفنانة في تواصلها مع تجربتها...وحكاية البداية هنا تعني الكثير.. انها الرغبة في الاختلاف من المنطلق وفي مقتبل من العمر والتجربة..انها المجازفة بالدرس لأجل الرسم والخروج المغادرة لأجل التلوين ليصير الأستاذ الذي أخرج الرسامة الهاوية و الموهوبة من درس ذلك اليوم المشجع الأول و الدافع باتجاه الاكتشاف والقول بالموهبة و بما يعني ميلاد رسامة وقدومها الى كون التلوين على مهل و بذلك يصر على نشر الخربشات الأولى على صفحة الجريدة...والرسمة هي حمامة السلام التواقة للحرية نهجا وفكرة و حياة..ويحدث ذلك في أواخر ثمانينيات القرن الماضي...

انه الاعتراف و الاقرار بموهبة فهمت خربشاتها في أول الأمر على أنها تمرد و خروج عن الدرس و ضوابطه..انها لحظة حاسمة صار الرسم معها حب و هيام ومسار طويل..و المحصلة كان لا بد من حدوث ذلك لاكتشاف موهبة في سنوات الشباب حيث عالم الرسم شواسع للرغبات و الآمال و الهواجس... هي الخطى الأولى تجترج من الحياة تلويناتها و عناوينها الكبرى حيث القول بالرسم بداية و ملاذا في آن واحد...لو أن للفن بدايات و تلمسات تبتكر نظرات الكائن تجاه ذاته والعالم و هو يلهج بالنشيد و الأغنيات الضاجة بالحلم..نعم للفن حكاياته الأولى...للرسم و التلوين بدايات هي الرغبات والحنين أخذا بناصية الأمل المبثوث في الدواخل ...ومن تلوينات الأمل هذا نجد السلام .. السلام بكل عناوينه المقيمة في الانسان...هكذا كانت حكاية الحلم مع الأنامل و هي تمسك بالأقلام ترسم الأمل المفعم بالسلم وما يعنيه ذلك من هيئة حمامة باذخة ترمز للحرية..هي حرية منشودة في أرجاء الكون تناغما مع الأغاني العالية...تلك الأغاني التي تقولها البراءة في عنفوان بهائها الوجداني و الفكري..انها لعبة الرسم الأولى بما يشبه الخربشات التي كانت بمثابة الحلم المتحدي و المكلف... و هكذا ندخل عوالم الشغف بالفن التشكيلي ...عوالم التلوين في هذه المساحة من حالات الابداع و الامتاع.. عوالم الفنانة التشكيلية سنية اسماعيل التي قدمت خلال السنوات الأخيرة عددا من لوحاتها من خلال المعارض و منها المعارض الجماعية و آخرها في رواق السعدي بضاحية قرطاج و ضمن معرض « نساء 2020 « ...انها فسحة أخرى في عالم التلوين حيث تقول الرسامة سنية» ... بالنسبة لي الرسم هو القدرة على ابراز مشاعري وافكاري الفنية بطريقة لا يمكن تفسيرها في حيز مجرد من الكلمات. أرى جمال الفن في الفرح و النشوة والحزن والظلام ...

ولو كان بإمكاني ان أرسم رؤيتي للفن لرسمت آلاف اللوحات لأنه ببساطة مزيج من العواطف والرؤى و المشاعر والتخيلات و الإلهام ...»... هكذا كانت بداياتها لتظل وفية لها في هذه العلاقة بالرسم الذي تعتبره ترجمان حالات و أحاسيس و أشواق تجاه الذات و الآخرين و العالم ..هناك وجوه ترسمها الفنانة سنية اسماعيل لتبرز تفاصيلها التي هي عبارات لونية تشير للحالات في تنوع أحاسيسها واعتمالاتها...هناك لوحات فيها وجوه نساء باللباس التقليدي و بشيء من الزخرف قولا بالتراث و الجمال و بالأنثى عنوان تلوين و احتفاء...الطبال..لوحة بها تلوين لمشهدية فلكلورية حيث يبرز العلم التونسي فكأن الرسامة سنية اسماعيل تأخذنا الى عالم من البهجة المفعمة بالنشيد في مساحة من الوجد والقول بالحالة التونسية في ضرب من الاحتفاء بالهوية و الخصوصية.عدد ىخر من اللوحات فيها الألوان بمثابة سمفونيات يجمع بين ولع الفنانة سنية بممكنات اللون و ما يحيل اليه لحظة التعاطي مع القماشة..لحظة الرسم بما هو عبارات في دواخل الذات تذهب بها الفنانة الى العالم قولا و كشفا..انها لعبة التلوين كمجال للتعبير والافصاح والذهاب الى ما يشبه الغناء.انها و هي ترسم تحرص الفنانة سنية اسماعيل الى أخذنا الى حيز من عالمها الملون لتبرز وفاءها لحادثة البدايات ...

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115