الذي ورد في الاستجواب الذي نقلته وكالة الأنباء الفرنسية، جاء في صلفه و مغالطته في مستوى إنتظارات التونسيين و لم يخيب آمال الرأي العام.
جزرة ثم عصى لمن عصى: أما الجزرة فهي إعلانه عن إستعداد حزب النهضة لتقديم تنازلات! و العصى دعوة التونسيين للنزول للشارع للدفاع عن الديمقراطية! خفة الدم ليست من مآثر الشيخ (بمعنى المُسن) وإلا قلنا أن الأمر يتعلق بنكتة مضاعفة.
حديثه عن التنازلات تغريد ناشز. لم يصله ، و هو المُتمترس في سيارته الفخمة، حديث التونسيين الذي لا يدور إلا على المحاسبة لحزب النهضة ونوابها و أحلافها وتقديم المجرمين و المحتالين منهم للقضاء و فرض القانون و حماية مؤسسات الدولة من ممارسات النهضة و زبائنها وإنقاذ البلاد من الهاوية التي هيأها حزب النهضة و أغلبيته في البرلمان لفرط تمسكه بالحكم بأي ثمن و مواصلة التغول و الإستقواء بالفاسدين و المُتملقين المُغرضين.
أما تهديده بدعوة التونسيين للنزول للدفاع عن ديمقراطيتهم (أتصوَر أن ضمير الهم هنا يعود على زبائن النهضة و مأجوريها) فلم يع الغنوشي أن التونسيين نزلوا بأعداد غفيرة و غير مسبوقة مساء 25 جويلية للشارع في محاولة تلقائية لحماية الديمقراطية من حزب النهضة و أحلافه و ارتاح الشارع التونسي لقرارات التجميد عسى أن تخلص البلاد من الاستعمار الجديد الذي انقض على تونس و استقوى على دولتها بالفساد و على شعبها بالإيديولوجيا الإخوانية السلفية المُدمِرة.
الإسلاموية تُصِر دائما على مصطلحاتها الخاصة. واضح أننا لا نتحدث عن نفس المصطلح. نقصد ديمقراطية في حين يقصدون دينْ مُقراطية! وفي الآخر لم يفلح حزب النهضة في الإقناع بجدواه في العمل من أجل الدين ولا من أجل المُقراطية!
لم يبق للنهضة من أصول تجارية تبرر بها وجودها. حماية الدين خدعة لم تعد منذ زمان تنطلي على التونسيين الغافلين كما لم يعد الدين حجابا يستر تلاعب هذا الحزب الذي برهن على استعداده للتحالف مع الشيطان في سبيل البقاء والذي يبجل خدمة مصالح الإسلاموية المنهارة في العالم على مصلحة التونسيين. شرعية الانتخابات ذات النزاهة الاحتيالية التي يستند إليها الرئيس المُجَمد والشخصية المكروهة رقم واحد في تونس، حسب استطلاعات الرأي، لم تعد تكفي لكي يستمع التونسيون لنصحه.
التأكد من أن تفضي التحركات الحالية لتحرير الدولة والبلاد صعب في الوقت الراهن لأن الإصلاح يصعب عند تفشي الفوضى، وأمام القدرة الفائقة للفاسدين على التغلغل والصمود. ولكن المتأكد أنَ قيام شرائح عريضة جدا لأول مرة ضد الوضع الذي خلفه حكم النهضة هو صفعة مهينة لهذا الحزب و سياساته و أحلافه لن تمَحي و لن تخيب حتى و إن احتاجت إلى ارتدادات أخرى. مساء الخامس والعشرين من جويلية هو بكل تأكيد يوم أسود في تاريخ الإسلام السياسي محليا وإقليميا وعلى الغنوشي وأتباعه أن يضعوا ذلك في حسابهم.
ما يجري هو خطوة عريضة لمحاصرة الداء فإن شاء الله "تونس تبرى من داء الاستعمار".
كلثوم السعفي