أربع فقرات إلى الثلاثة رؤساء

بقلم: أحمد صواب
1 - الأكبر نال من الشتائم و الترذيل ما يعجز متوسط الأنفة و الكرامة قبول ثلثه، و عند هذا الحدّ لكان قد إستقال

من الرئاسة و العضوية، بعد أن نال المجلس بالتبعية ما ناله، مع التشديد أن البدر لما رجع الينا وعدنا بعدم الترشح لأي منصب عامّ.
و مهما كانت الحالة، فهل يقبل المنطق بأن ينجح الأكبر في الإنتقال الديمقراطي للبلاد، والحال أنه فشل/عرقل مثله داخل حركته ؟
العبرة أن كرسي السلطة هو مرض خبيث ودائم، فما بالك إذا كان جالسه صاحب كرسي آخر منذ أكثر من أربعة عقود، و عندها تتضاعف أخطاء التقدير.
وكلما تقدم الأكبر في السن تفاقم هذا المرض، و من أعراضه الجانبية فقدان الأخلاق والقيم والمبادئ لمناعتها عند المريض، و ذلك دون رجعة.
مما ييسر توسع شبكة المصالح و تضاربها داخل العائلة و داخل الحركة و الأتباع في السلطة، بما يجعل الزبونية أداة سلطة، و المؤدى هو «حركة التجمع الإسلامي».

2 - الأوسط كان بإمكانه تسليتنا، بقيسياته كما مرزوقيات الأسبق، فالجامع بينهما هي الدنكوشوتيات، و إن كان النضال زمن الإستبداد يفصلهما، الا أن زمان 2021 لم يعد زمان 2012.
ولو كنا في 2012، زمن القلابس، لأقترح ظريف على الأوسط الرجوع الى دستور 1861، فهو كذلك كان ضحية الباي و حاشيته.
أما و نحن في 2021، فالتراجيديا امتجزت بالكوميديا إذ يسود الشعور بالعجز تجاه «صوت العرب» الخالي من كل مضمون أو فعل أو عمل، وفاقمته الأزمات السياسية و المالية والصحية والاقتصادية و الاجتماعية المتصاعدة.
تبقى الإشارة الى أنه الرئيس بالخطإ، فلولا عبد الكريم الزبيدي و نبيل القروي والإسلام السياسي وصفحات الخارج، لما أمسى الأوسط رئيسا.
وعلينا أن لا نغفل عن أن الزمن كفيل بكشف الخطإ و التحيل، و أن الممارسة تعري الأجسام والأوزان، وصولا الى أن المعني أضحى يشكل حالة نفسية فريدة، و الحال أننا في ثلث العهدة، بما يرجح منطقا أن القادم أتعس.
يبقى أن النزاهة تفرض الاعتراف بإقرار الأوسط لمشروعين ضخمين عزيزين عليه (القطار السريع من بنزرت الى بنقردان و المدينة الصحية بالقيروان)، لكن تبقى الفوارق بين النوايا و الإنجاز.
3 - الأصغر هو الصدفة بعينها، و الصدفة هي ظاهرة يعجز العقل على فهمها و بالتبعية على تفسيرها وصولا الى إستخلاص النتائج. و غني عن البيان أن المنطق و العلم يأبيان معاشرة الصدفة، سيما إذا كانت مردها خيار الأوسط الأجوف والساذج لمصلحة الأصغر التابع و المضمون الذي سارع بالإرتماء في أحضان الأكبر الماكر و صاحب الجلد الخشن، وبذلك فقد أغلق المثلث بالصدفة.
ويحدث أن تفعل الصدفة بصاحبها ما لا يفعله العدو بعدوه، بما في ذلك إسناده لنفسه أخطر وزارة بعد أن أقفل الأوسط صانع الصدفة التحوير الوزاري في خرق جسيم للدستور.
فالأصغر و فريقه يجسدان «حكم الرداءة»، سيما أن حكم التكنوكراط يشكل انحرافا عن الديمقراطية.
ما سبق يؤكد أن الإنتقال الديمقراطي مرتبط بالأساس بالأشخاص، أكثر مما هو مرتبط بالنصوص، و ما يزيد في هذه القناعة أن تونس لم تشهد و لو جزءا من الإنسداد الراهن طوال رئاسة الباجي قائد السبسي من 2014 الى 2019.

4 - الاستنتاج، فرادى فكل واحد من الثلاثة، بإخراجه و بمقادير، خان الثورة، و هو نكسة أو نكبة، بحسب الأوزان و الأوجاع والأتباع.
أما جماعة فالكارثة أعظم، فهم «الفتنة الكبرى»، و الفتنة إذا بقي الحال على حاله مؤذنة بالخراب قبل 2024، بعد أن أصبح مجال «الظلم والحيف والفساد» (توطئة الدستور) أوسع، تمثلا إن لم يكن واقعا، مما كان عليه في 2010.
فالثلاثة مسؤولون «أمام الله و التاريخ والشعب»، ومن الإجحاف أن نعيب الدستور، فالعيب فيهم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115