إذ يعتبر الإتحاد الأوروبي ثمرة لوحدة الإرادة الجماعية من أجل بناء مستقبلٍ زاهر لمواطنينا.
في هذا اليوم، نحيي ذكرى الإعلان التاريخي لروبرت شومان لعام 1950. لقد مثل هذا الخطاب الذي ألقاه على أنقاض الحرب العالمية الثانية رؤيةً للتعاون بين الأمم الأوروبية حددت أسس الإتحاد الأوروبي الذي نعرفه اليوم.
بعد أكثر من 70 عاماً، تظل رهن هذه القيم حيّة أكثر من أي وقت مضى. كما اكد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، خلال زيارته الأخيرة، فإن هذه الإرادة المشتركة لبناء فضاء سلام وازدهار تمثل جوهر علاقتنا مع تونس.
يعد تعزيز رؤية التعاون الثنائي ضرورياً اليوم أكثر من أي وقت مضى نظراً للمخاطر التي تمر بها الإنسانية من أزمةٍ صحية وتغيرات مناخية وسياسات الإستقطاب في العالم.
على غرار فيروس كورونا وجب على تضامننا عدم الإعتراف بالحدود التي تفصلنا إذ وحدها إستجابةٌ جماعية وعالمية من شأنها أن تكون فعالة في مجابهة هذا الوباء. لهذا ورغم الصعوبات التي نمر بها في أوروبا قررنا الوقوف إلى جانب جارنا وشريكنا تونس. في إطار برنامج #TeamEurope (بمساهمات الدول الأعضاء والبنك الأوروبي للاستثمار) بذل الإتحاد الأوروبي قصارى جهده لضمان استفادة بلدان الجوار والبلدان التي تمر بظروف صعبة من مبادرة Covax.
على الرغم من خطورة هذا الوباء، غير أنه قد يشكل فرصة هامة لزيادة توطيد علاقاتنا وتحديث اقتصادنا على أسس جديدة. إذ يمكن للاتحاد الأوروبي وشركائه في جنوب المتوسط أن يحولوا التحديات المناخية والبيئية والتحولات التكنولوجيا والرقمية إلى أفاق رائدة للتنمية المستدامة وذلك من خلال التعاون والعمل المشترك، بما يساهم في انتقال بيئي عادل وشامل.
من أجل تحقيق هذا الهدف، سيستغل الاتحاد الأوروبي كافة الموارد والأدوات المتاحة لديه بما في ذلك التعاون مع المؤسسات المالية و سيحرص على إيلاء اهتمام خاص للبعد الإنساني والفرص التي يمكن أن يوفرها للشباب في هذا الإطار.
نعم، تونس شريك متميز للاتحاد الأوروبي، هذا ليس شعارا دبلوماسياً إنما هو انعكاس لعلاقة وطيدة بين الشريكين لا يجمعهما حوض المتوسط فحسب بل تاريخ وقيم و تطلع نحو مستقبل مشترك.
قبل عشر سنوات، تظاهر التونسيون والتونسيات من أجل المطالبة بالشغل والحرية والكرامة وتفاقم الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية التي مرت بها تونس يشير إلى أن هذه المطالب لا تزال رهن التحقيق. إن وضع الإصلاحات اللازمة تعترضه صعوبات هامة. إلا أن أثر تنفيذها من شأنه أن يكون أهم.
خلال الستة الأشهر الأولى من عملي في تونس تمكنت من رصد الجهود التي يبذلها المسؤولون التونسيون للخروج من الأزمة وخلق مناخ اجتماعي واقتصادي ملائم. كما اشاركهم قراءتهم باعتبار أن الخروج من الوضع الراهن لا يمكن أن يكون إلا عن طريق حسن سير مؤسسات الدولة باعتماد حوكمة رشيدة وإدارة عمومية حديثة وفعالة وشفافة ومكافحة معززة للفساد. كما أعتبر أن التحول الرقمي والاقتصاد الأخضر يمثلان عاملين إضافيين مهمين.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أننا كنا وسنبقى إلى جانب تونس في مساعيها وجهودها نحو وضع الإصلاحات اللازمة.
إذ تواجه تونس والإتحاد الأوروبي تحديات واضطرابات غير مسبوقة يقبع شبابنا في قلبها. في مواجهة مستقبل مجهول وغامض يلجأ جزء من الشباب التونسي الى خيارات محفوفة بالمخاطر على غرار المجازفة في رحلات بحرية غير نظامية، وذلك بحثا عن ظروف عيش طيبة.
إن ضمان مستقبل هؤلاء الشباب هو مسؤوليتنا المشتركة. إذ يساهم توفير فرص تنقل الشباب في تقارب شعوبنا وفهمهم لبعضهم.
من خلال لقاءاتي بالشباب في تونس، أيقنت أن سبل التعاون بيننا ترتكز أساسا على دعم الشباب، لاسيما من خلال توفير فرص التدريب الملائمة لاحتياجات سوق الشغل و تعزيز اهتمامهم ومشاركتهم في الشؤون العامة عن طريق دعم منظمات المجتمع المدني.
وتحظى تونس، في هذا الإطار، بالتمتع المتميز بعديد البرامج الأوروبية مثل برنامج التبادل + Erasmus و عدة برامج اخرى لدعم البحث العلمي و الابتكار و الثقافة مثل Europe Horizon
و Europe créative.
علاوة على ذلك تساهم الشركات الأوروبية في لعب دور اقتصادي اساسي من خلال اكثر من 3000 استثمار اوروبي في تونس مما يوفر 300.000 موطن شغل.
لقد مثلت تونس قبل عشر سنوات منارة التغيير في المنطقة، مما يجعل ترسيخ هذه الإنجازات يمثل ركيزة نجاح شراكتنا.
لقد خططت بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس لتنظيم عدة مسابقات و فعاليات في إطار شهر اوروبا لسنة 2021 مثل مهرجان الفيلم الأوروبي، و حفلات ليالي أوروبا الموسيقية بالإضافة إلى إطلاق النسخة الثانية من جائزة لينا بن مهني لحرية التعبير. أدعوكم لمتابعة هذه الأنشطة على صفحتنا في شبكات التواصل الإجتماعي.
لنحتفل اليوم بالبحر والمستقبل الذين نتقاسمهما.
سفير الاتحاد الأوروبي في تونس ماركوس كورنارو يكتب لـ«المغرب»: تونس والاتحــاد الأوروبـي: مستقبل مشترك لضفتي المتوسط
- بقلم المغرب
- 11:15 17/05/2021
- 1050 عدد المشاهدات
غدا، 9 ماي، هو يوم تاريخي ومهم لكافة الأوروبيين، إذ نحتفل بمشروع سلام و وحدة في أوروبا و بصداقتنا مع تونس،