البنوك المركزية وكوابيس «البتكوين»..

في الآونة الأخيرة، تعيش العديد من البنوك المركزية سلسلة من الكوابيس المزعجة بسبب الصعود الصاروخى

لعملة البتكوين المشفرة التي اخترقت حاجز 50 الف دولار والمرشحة لبلوغ عتبة 100 الف دولار للبتكوين الواحد موفى هذه السنة...
كابوس مرشح للاستمرار لسنوات أخرى إذا لم تهتد البنوك المركزية فى اقرب الأوقات للوصفة المثالية فى التعامل مع العملات الرقمية المشفرة عموما والبتكوين بشكل خاص !

1- الكوابيس المٌعلنة :
في مواجهة مدّ العملات الرقمية الجارف تخوض البنوك المركزية ومن خلفها جميع الحكومات معركة وجودية حقيقية، لا بقاء فيها إلا للأصلح وفق النظرية التطورية وذلك باعتبار :
- أن العملات الرقمية المشفرة من جنس البتكوين تحظى اليوم بدعم غير مسبوق من عمالقة الواب واللاعبين الرقمين الكبار فى مقدمتهم شركة Tesla التى أعلنت عن استعدادها لبيع منتجاتها من السيارات مقابل العملات الالكترونية بالإضافة إلى شرائها لعملة البتكوين بقيمة 1.5 مليار دولار، وانفتاح «غوغل» ومنصة «باى بال» Paypal على العملات الرقمية المشفرة من خلال فتح محافظ مالية خصوصية ...
- تقوم على فلسفة تداولية افقية لا مكان فيها للبنوك المركزية والوسائط البنكية والمالية التي من شانها إذا توسعت رقعة تداولها ان تنسف النظام المالي الدولي برمته...
- ستحرم في المنظور القريب الحكومات من عائدات جبائية حيوية لتامين ديمومتها وبالتالي ستٌصيب الدول فى مقتل...
- ستحدث حالة من الفوضى العارمة الخارجة تماما عن نطاق السيطرة داخل الاسواق المالية بالنظر لطابعها الاستثماري المضاربي investissement spéculatif المحفوف بالمخاطر العالية...
- تٌستخدم كرافعة مثالية لتبييض الأموال وتمويل الأنشطة ذات العلاقة بالجريمة المنظمة والإرهاب...
- مع اتساع جغرافية تداولها على نطاق واسع، من المتوقع ان يصبح البتكوين العملة-المرجع للاقتصاديات الموازية بامتياز وما سيترتب عن ذلك من انهيار كامل في منظومة المدخرات والاحتياطيات النقدية المودعة لدى البنوك...

2- المٌسكّنات الممكنة:
تراهن البنوك المركزية في مواجهة البتكوين وأخواتها على تحقق عدد من السيناريوهات منها :
- فقدانها للمصداقية الائتمانية بحكم التقلب السريع والمفاجىء لقيمتها السوقية ...
- تشتغل العديد من الحكومات على توظيف رسوم جبائية عالية على عمليات تداول واستخراج البتكوين في محاولة منها للحد من تداولها...
- من خلال اطلاق نداءات متكررة للتخويف الممنهج من تداول البيتكون واخواته، تحاول البنوك المركزية الى كسب مزيد الوقت فى انتظار نهاية «فقاعة البيتكون» la bulle du bitcoin المحددة في سنة 2040 وفق خوارزمية «ساتوشى» المؤسس المفترض لعملة البتكوين...
- بفعل جائحة الكوفيد- 19 تتكثف حاليا جهود العديد من البنوك المركزية على تعزيز عملاتها الرقمية المحلية فى إطار إستراتيجية احتواء containment strategyظاهرة العملات المشفرة من نوع البتكوين...
- المراهنة على تضخيم الانعكاسات البيئية السلبية لعمليات استخراج البتكوين (راجع أحد مقالاتى السابقة) في إطار سياسات اتصالية معادية للبتكوين...
- الخ
فهل تكفي هذه الوصفات العلاجية والمراهم الموضعية على إيقاف نزيف البتكوين ؟ سؤال قد لا يقدر على الإجابة عنه حتى أشهر المنجمين في العالم !

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115