يحصل حاليا غليان في الشارع سببه انقسام ثقات تونس في القانون حول موقف رئيس الجمهورية التونسية.
سمح الاستاذ قيس سعيد وهو من ثقات تونس و بما كتب في سياق اليمين الدستورية قبل الثورة لنفسه بإتخاذ موقف ليس بالديني و لا الإيديولوجي و لا السياسي فشرف الله هو الكلمة ما بالك الانسان و سأوفر رأيه القانوني لانه الان في الحكم رغم اني ارى اليمين بدعة في دولة علمانية لكن بما انها لازلت موجودة قانونا فتوظيفها حق له متى سمح له القانون بذلك.
في ما يخص نقطة الفرق بين القانون الدستوري و القانون الاداري فهما كآختصاصين وجهان لعملة واحدة بمعنى ما وليس اطلاقا اي هما وجهي السلطة التنفيذية؛ القةنون الاداري هو الذراع التنفيذي لأحكام الدستور تحت عنوان جامع هو للسلطة الترتيبية العامة le pouvoir réglementaire general يختلف الاختصاصيون من حيث اامقاربة العلمية في الدراسة او التدريس و كذلك الخبرة القانونية المستوجبة ليكون أستاذ القانون فقيها على هذين المعنيين و الاستاذ عياض له القدرة على الفصل في الأمرين و البعض غيره ممن اتفقوا معه و كذلك ممن آختلفوا معه .
بما أنه قد انقسمت الآراء بين مؤيد لموقف الرئيس كالأستاذ امين محفوظ و الاستاذ سليم اللغماني و من يرفض موقف الرئيس كالأستاذ كمال بن مسعود و منى كريم و غيرهم .
سأتناول موقف الأستاذ عياض بن عاشور لأنه فوق الجميع كفقيه في القانون العام Doctrine مختص في المبحثين مع تراكم الخبرة ،هو من تحدث سابقا ففي إختصاص و آليات السلطة الترتيبية العامة le pouvoir réglementaire génèral وامكانية تدخلها في اختصاص التشريع بآعتماد «الأوامر شبه المستقلة» decrets quasi-autonomes بأن طرح نظرية لا يمكن تصنيفها تخص القانون الاداري او القانون الدستوري كانت نتاج فراغ قانوني في الدستور القديم، كذلك كتب سابقا عن حالات الإستثناء في القانون الدستوري و الدستور le droit constitutionnel d’exception عندما كان هناك فراغ قانوني في المسألة قبل الثورة و كانت كتاباته تأسيسية من ذلك انه تحدث زمن الثورة في مقال لخص تجربته فيها مدة عام كامل بعنوان «الثورة التونسية في تجلياتها الدستورية» عن امكانية ان تكون الحياة الدستورية في فترة انتقالية مؤسسة على «اجراءات ترتيبية» mesures reglementaires مبدئية مؤسسة على» توافق سياسي» دون «أساس دستوري» و قال «هذا ما أسميه القانون الدستوري للأستثناء «.
اذا من امكنه الاكثر امكنه الاقل ،ما بالك بأن يعطي رأيه القانوني كفقيه في مسألة نزاع قانوني بين رئيس دولة و رئيس حكومة في نظام برلماني مهما تقلصت فيه سلطات الرئيس يبقى المجال مفتوحا للاجتهاد طالما الموضوع يخص مصلحة تونس والاهم انه لا يؤيد نظام رئاسوي «Regime Présidentialiste» و لا يؤيد برلمان متغول كجمهورية النواب «République des députés « حيث يسعى النواب الى إيجاد رئيس حكومة يخدم مصالحهم.
إذا كان التأويل المعتمد على نظرية «الاجراءات المستحيلة» la theorie des formalités impossibles الموصوفة خصوصا للقانون الاداري يجب ان يتفهمه اي قانوني و لكن لا يجب ان نكون «أرثودوكسيين» في التعامل مع القانون على حساب النتيجة او شكلانيين بمعنى ما .
هو رفض سابقا حل البرلمان و خالف صديقه الاستاذ الصادق بلعيد و لم اكن ادعم رأيه و شرح الخطر الممكن من الحل و المتوجب عنه استقالة الرئيس بقراءة قانونية معينة اعتبارا ان حل البرلمان يفضي لانتخابات تشريعية مبكرة لكن اذا منح النواب الجدد الثقة للحكومة السابقة يجد الرئيس نفسه اما الاستقالة و هو تأويل صارم جدا خاصة ان الرئيس فكر في حل البرلمان ليس لخلاف سياسي بينه و بين رئيس الحكومة و لكن لإعادة الخيار للشعب في انتخاب نواب عنهم حضاريين جديرين بتمثيلهم تمثيلا ديمقراطيا.
وهو اليوم خالف استاذي قيس سعيد و لا ادعم رأيه في مسأله امكانية مباشرة الوزراء عملهم و تجاوز الرئيس و خاصة في تصنيف امتناع الرئيس عن استقبال الوزراء لأداء اليمين كخرق للدستور و آعتبار ذلك خطأ جسيما يرتكبه الرئيس يوجب اعفاءه بقراءة قانونية صارمة جدا لم يكن لها موجب نظرا الى ان الرئيس حفاظا على حقوق الشعب التونسي الذي انتخبه اظطر الى ان يستغل اي إجراء يتمتع به و أذكر ب»فيتو الجيب « اي Poket Veto في أمريكا كإجراء دستوري هناك آستغله الرئيس في تونس لغياب تنصيص عليه بالإيجاب أو بالنفي في الدستور.
سأحاول تشريح موقفه و قبل ذلك توضيح مسألة الاختصاص كما فهمتها من خلال ما درست في الإختصاص الجامع و هو القانون العام ؛فعدة أساتذة في القانون العام لهم تقاطع بين أكثر من إختصاص في هذه الشعبة ؛
فمثلا الاستاذ الناجي البكوش فقيه القانون الجبائي و كانت له آراءه في المسائل الدسنورية المتعلقة باختصاصه الدقيق او المسائل الدستورية العامة قبل الثورة و بعد الثورة برتبة فقيه Doctrine و كذلك الاستاذة ليلى الشيخاوي و الاستاذة راية الشوباني المتخصصتين في القانون الجبائي و المالية العمومية قاموا بقراءات في اطار الجمعية التونسية للقانون الدستوري لتقاطع اختصاصهم مع مسألة القانون الدستوري.
و الاستاذ سليم اللغماني فقيه في القانون الدولي و كتب كثيرا في القانون الدستوري قبل الثورة و بعد الثورة و كانت له إضافاته المهمة و هو برتبة فقيه Doctrine
و الأستاذ فرحات الحرشاني متخصص في القانون الدولي و له قراءاته في الفصل في المسائل الدستورية هو برتبة فقيه Doctrine عدا انه قام بالتدريس في الاكاديمية الدولية للقانون الدستوري لمؤسسها عياض بن عاشور نفس سنة الانقلاب التي كانت» حارس للقانون الدستوري « و ليس الدستور ،تحسبا ،للفصل بين ما هو كائن و ما يجب ان يكون .
و هؤلاء الاساتذة المذكورون ممن تتقاطع اختصاصاتهم مع القانون الدستوري كانوا فريق الخبراء الذي تابع تطورات مسودة الدستور من اول قراءة حتى آخر قراءة كي لا نجد اليوم دستور لا يمكن لاي فقيه تأويله و ينجح بأقل الأضرار
و أقول هذا لأن الرئيس لمح لغياب الاختصاص في مسألة دقيقة احترفها لسنوات رغم ان هذا خطا اتصالي منه فصار الكثير من غير المختصين و حتى بعض القانونيين يرددون ذلك بطريقة ببغائية دون اي فهم و أحيانا تقصدا .
و بالذهاب بعيدا بعض الشىء هناك من فقهاء القانون الخاص من لهم اجتهاد في مسألة الإجراءات المستحيلة كالأستاذ حاتم قطران المتخصص في عدة مباحث من القانون الخاص برتبة فقيه Doctrine في مقال صدر حديثا بعنوان «نحو مقاربة حكم جديدة تنقذ الجمهورية» فصل فيه المسألة من وجهة نظر فلسفة القانون اي بآعتماد حكمة لاتينية Adage Latin تعتبر مبدأ عاما من مبادئ القانون مع أعتماد نصوص تأسيسية في القانون الخاص اذ أعتبر ان بالرجوع لمجلة الالتزامات و العقود «لا يمكن تحميل شخص مسؤولية مستحيلة « و سمهاها الفعل المستحيل «l’acte impossible» و آعتمد على الفصل 64 من المجلة المذكورة الذي ينص «يبطل العقد اذا كان على شىء او عمل غير ممكن من حيث طبيعته او من حيث القانون».
رغم انه هناك من تخصص من حيث بدأ حتى اليوم في أحد هذه الاختصاصات دون الخروج عنها لذلك يتقيدون بآختصاصهم و القانون الدستوري و لا غيره من القوانين علم صحيح بل الاختلاف فيه هي نعمة و أحيانا المقاربة المختلفة تخدم الصالح العام عدا ان البعض كان يسمح لنفسه بتغيير موقفه القانوني عندما يتغير السياق العام فالنص الدستوري ليس نصا جامدا و يسمى هذا un revirement doctrinal
و هناك حتى التغيير على مستوى فقه قضاء محكمة التعقيب كمختصة في القانون الخاص un revirement jurisprudentiel و اثرانا بذلك كطلبة و كباحثين.
و في هذا الصدد اتمنى ان يراجع الأستاذ عياض بن عاشور موقفه المتماشي دون ادراك منه مع طرف سياسي بما لا يخدم مصلحة البلاد خاصة انه من صرح ادق تصريح عن الرئيس و اختبرناه سابقا نحن كطلبة في المعاملات و النقاشات معه «هو محافظ لكن لا يولي لقناعاته الشخصية اولوية كبرى» لم يكن الرئيس يوما ليقوم بانفاذ قناعة شخصية و يتجاوز الآراء الاخرى أقله له حرية التعبير كغيره من المواطنين و لم يدعي يوما انه يؤول صمت الدستور بدل المحكمة الدستورية الغائبة ولاحضنا إلتزامه بواجب التحفظ كي لا يعمق الإنشقاق بين الفرقاء السياسيين و الشعب الذي يثق به و هذا ما يجب ان يفعله اي رئيس عندما يجد نفسه بين ظابطين او واجبين deux impératifs catégoriques.
الرئيس قيس سعيد رفض أمرين في هذه التعديل الحكومي :
الامر الاول تعيين وزراء قد تكون تعلقت بهم قضايا سابقا و هو ليس براي جديد او وزراء مثار شكوك حول تعلق مصالح سياسيين بهم او امكانية تضارب المصالح فالثورة قامت على دولة المصالح و المحسوبية أساسا التي فيها يتم هضم حق تكافؤ الفرص و التهميش قبل اي ترف آخر .
سابقا في علاقة يتعيين الوزير الاول لمستشارين لم تكن علتهم وجودهم في النظام السابق بل تعلق قضايا بشخصهم و كان واضحا في تحفظه) ووفق بلاغ رئاسة الجمهورية كان صرح «ان الأشخاص الذین یروج لتعیینهم فی عدد من المناصب لا تزال قضاياهم جاریة أمام المحاكم، وحتى وإن تأخرت الدوائر المعنیة بالبت فی هذه القضایا فإنه يتوجب انتظار الكلمة الفصل للقضاء قبل الاستعانة بهم في هذه المرحلة في إدارة الشأن العام حتی بمجرد تقدیم مقترحات أو نصائح» و لم يكن ابدا وصما لكفاءات عملت تحت النظام السابق.
الامر الثاني رفضه لتغييب المرأة عن تشكيل الحكومة لأن الوضع يتجه حاليا بعيدا عن خيارات الوزير الاول لارجاع المرأة لبدعة»لبيت الطاعة « و نقد غياب الكفاءات النسائية في الحكومة و استدعاه للوزيرة ثريا الجريبي و لنائبة في البرلمان تعرضت سابقا للعنف و في الدولة ذات الثوابت البورقيبية المحمودة حيث المساس فيها بالمرأة -التي لم تقم بخرق جسيم
لظوابط مدنية- يعتبر مساس بالامن القومي ، و ليس من قبيل تبني الدولة للنسوية سياسيا اي «Feminisme d’Etat» بل قناعة اعلمها عن الاستاذ قيس سعيد من كان يبدو «محافظا» لكن يؤمن بالمرأة لأبعد الحدود و بمقارنة بسيطة نجد رئيس اولمبياد طوكيو في اليابان يستقيل دون تفكير لأنه صرح تصريح ربما عفوي و قال «النساء في الاجتماعات يتحدثن كثيرا» و هو انطباع صحيح احيانا و انا منهم و رئيس الحكومة التونسية يقيل وزيرة لأنها حظرت اجتماع دعيت له و لم تطلب حضوره مخترقة النظام القانوني لوزارتها .
في ما يخص منح الثقة أعتبرت الاستاذة منى كريم المتخصصة في القانون الدستوري البحت و الخبيرة البرلمانية لتمتعها بتجربة مزدوجة و قبل هذه الازمة ان «منح الثقة « منذ اشهر «بدعة دستورية» و ليس واجبا دستوريا بما ان الدستور لم ينصص على وجوب الذهاب لمنح الثقة في البرلمان لان هذه مسألة نصص عليها القانون الداخلي للمجلس في الفصل 6 والذي لا يسمو على أحكام الدستور و لو خالفت هي خيار الرئيس، و لكن كممارسة ديمقراطية أعتبر هذا الاجراء ايجابيا.
و الأستاذة منى وضحت ان «رئيس الحكومة يمتلك صلاحية التحوير الوزاري طبقا لمقتضيات الفصل 92 من الدستور ويتشاور مع رئيس الجمهورية في خصوص وزارتي الدفاع والخارجية وبالتالي لا وجود لسند قانوني لما يسميه البعض «حكومة الرئيس»» و هاتين الوزارتين حساستين في الدولة وهذا يعفينا من كل تأويل خاطئ لسبب هذا السجال.
والحجة المعتمدة من طرف الإتجاه القانوني المعارض لرئيس الجمهورية ان الصلاحية الممنوحة له بمقتضى الفصل 89 من الدستور تدخل في باب «السلطات المقيدة» compétence liée وليس «السلطة التقديرية» compétence discrétionnaire لرئيس الجمهورية مع افتراض وجوب اتمامه لهذا الاجراء «الشكلي» و«الجوهري» و هذا اجتهاد في تأويل النص الدستوري و أعتبره شكلي في ظروف العادية وجوهري في هذا الظرف الحاضر .
ومن المواقف المؤيدة لرئيس الجمهورية طرح الاستاذ امين محفوظ المتخصص في القانون الدستوري و أنا أتبنى هذا الطرح في تأويله لمسأله امكانية رفض الرئيس استقبال الوزراء لاداء اليمين بتأويل للفصلين 89 و 72 مع غياب الحسم بنص صريح ، عندما استنتج ان الرئيس له تأويل النص غير الصريح او الغامض بآعتباره حاميا لتطبيق الدستور و بآعتباره ظامنا لسيادة الدولة و له سلطة تقديرية خاصة في ما تعلق بتحفظ رئيس الدولة على محتوى و شكل التعيينات كما سبق و ذكرت و كذلك اليمين كإجراء» شكلي « لاحظت ان الرئيس حاول جعله «جوهري « و تمسك به بما ان الدستور نصص على تسمية الوزراء حال تعيينهم بعد الانتخابات من طرف رئيس الحكومة المكلف و ليس تسمية وزراء كنتاج لعملية تحوير وزاري لم يتحدث عنها الدستور .
في ما يخص لجوء رئيس الحكومة لرأي المحكمة الادارية كنت اراه محمودا و ظاهرة صحية بل ديمقراطية أعتز بها في بلدي الذي تغيب عنه أغلب مظاهر الديمقراطية و ذلك لو فعلها بعد ان التقى الرئيس في مجلس الامن القومي ، و لكن لا ان يذهب للبرلمان للتصويت على الثقة كانما تصويت على مشروعية رئيس الحكومة قبل الوزراء فذلك عقد الوضع سياسيا وليس قانونيا .
وأسفت على اعتبار الاستاذ احمد صواب اللجوء للمحكمة الادارية ك»هيكل استشاري» لا يتجه في هذه الحالة في حين المحكمة الادارية قبل الثورة هي من أثرت فقه القانون العام في علاقة بالممارسات المارقة على القانون زمن بن علي خاصة ان الأستاذ احمد صواب أفادنا سابقا بتحليلاته القانونية قبل الثورة كقاض و كنت ارى اليوم فرصة مهمة اللجوء لها حرمنا منها رأيها الغريب بالدفع بعدم الاختصاص .
سبق للمحكمة الإدارية أن أبدت الرأي في خصوص النزاعات المتعلقة باختصاص كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بالإستناد إلى الفصل 27 من القانون عدد 40 لسنة 1972المتعلق بالمحكمة الإدارية حيث آعترفت بتخصصها في فصل الإختصاص بين الرئيس و رئيس الحكومة من حيث اصدار أوامر حكومية décrets أو مراسيم décrets-lois كمسألة قانونية بحتة و آعترضت اليوم على آعتماد أحكام الفصل 20 من القانون التاسيسي عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في16 ديسمبر 2011 و المتعلق بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية الذي فوض لها فصل النزاعات في مسألة بدت لها سياسية ،لأن ساعتها قامت بالحلول la substitution لمدة زمنية محددة للأسف.
كذلك لجوء رئيس الحكومة للهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين امر محمود و كنت اتطلع لقراءة الرأي القانوني و لو فعلها قبل المرور لنيل الثقة في البرلمان.
و ارفض الآراء القانونية التي تعترض على توجه رئيس الحكومة للمحكمة الادارية او للهيئة الوقتية لمراقبة الدستورية لأن هذا بدأ يتحول لنقاش من قبيل تحديد «جنس الملائكة» ، لنا كدارسين استفادة من هذا التوجه خاصة في غياب محكمة دستورية ، فلهم دائما اضافتهم غير االملزمة فالمسألة لا تشكل خطرا في الحسم في سياسة الدولة المحسوم فيها سلفا من الحاكمين .
لذلك لم اكن افهم اصوات القانونيين ممن ايدوا الرئيس او عارضوه الرافضة لللجوء لهذه المؤسسات.
خارجيا في الولايات المتحدة في المحكمة العليا حيث أفضل القانونيين و أفضل القراءات الدستورية نجد القضاة أحيانا قنلعاتهم توجه أحكامهم بين داعم للفيدرالية و داعم للمركزية من خلال تحليلاتهم او تحييثهم عند الفصل في مسألة تخص هذين الموضوعين .
وطبيعي ان يكون فقهاء تونس في القانون العام منقسمين لا ارجحه لأغراض شخصية بل لتوجهات و رؤى احيانا فيها يصيبون و أحيانا يخطئون .
لذلك أنزه كافة أساتذة كليتي و باقي كليات القانون عن اي اصطفاف سياسي بل ذلك يعتبر من قبيل المواقف القانونية النابعة من قناعات بعضها شخصية لا يمكن ان نلغيها .
في ما يخص الممارسة الديمقراطية هذا المخاض الدستوري في تونس اعتز به و يعتبر ظاهرة ايجابية و فيه كل هؤلاء الاساتذة المذكورين سابقا اعتمدوا طيلة مسيرتهم و حتى في تدريس الطلبة بمن فيهم استاذي الرئيس نصيبا من القانون المقارن و الممارسات و الطروحات للدول الديمقراطية .
و في سياق آخر ليس لأمريكا ان تعطي دروسا في الديمقراطية و حقوق الانسان بعد فضائعها في الشرق الاوسط كان على رئيسها الجديد اولا ان يسعى لتعافي السياسة الامريكية من ممارسات سلفه ترامب داخليا و خارجيا .
و أذكر هنا في سبتمبر ٢٠١٤ عندما كانت الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمن في منظمةالأمم المتحدة حيث التقاليد تفرض ان يتدخل رؤساء الدول و يقدموا طروحاتهم حول المسألة المطروحة واكرر في الامم المتحدة حيث ارقى منتظم اممي في الممارسة الديمقراطية ذات الثلاثية المقدسة «حقوق الانسان دولة القانون و الديمقراطية «حيث كانت الجلسة مرصودة لتصنيف «داعش» تنظيم ارهابي ما لم يكن بالنسبة لي ينتظر قرارا و لكن عندما تدخلت رئيسة الأرجنتين كريستينا كيرشنير المنتخبة ديمقراطيا في دولة ديمقراطية و التي مرت بأكثر من اختبار في الديمقراطية و قامت بكل احترام بنقد سياسة الكيل بمكيالين الاممية و الامريكية في التصنيفات الارهابية و سياسة الاكاذيب الذي يروجها جزء من الاعلام الدولي برعاية أمريكية تم قطع الكلمة عن كل وسائل الاعلام و تم قطع الكلمة على الانترنيت كما لاحظت و انا اتابع و لو انه لاحقا تم بثها مسجلة و مقضومة وسمعت انه تم قطع الترجمة في حينها.
بقي فقط جرها من شعرها خارج القاعة و هي بدورها نشرت كلمتها مكتوبة و كاملة بلغتها برسم كل قارئ يعني لو تركوا الكلمة تبث مع الترجمة الرسمية لكان في صالحهم هم.
و ليس لفرنسا ان تفرض خيارتها على رجال الدولة في تونس لذلك لا اخشاها في امكانية تدخلها في تونس ، فهي لها الحق في تقييم التجربة التونسية و لكن تعلم محدودية تأثيرها بعد فضائعها في ليبيا و محاولاتها اليائسة في الجزائر و تضارب قرارتها في السياسة الخارجية وحتى داخليا وها هي فرنسا تحتجز الى اليوم المناضل جورج ابراهيم عبد الله بعد انتهاء مدته الحكمية مرتين آخرها سراح مفترض منذ 7 سنوات اي منذ 2013 رهين امضاء من وزير الداخلية المتغير مع كل حكومة فالامر ليس شخصيا و لكن سياسة دولة مجاملة لاهالي القتلى (من سطروا جرائم دولة ) كاننا في دولة بوليسية و ليس دولة ديمقراطية تساوي بين مواطنيها و رعاياها في تطبيق القانون في اهانة صارخة لمبادئها.
إن الأمتين الامريكية و الفرنسية جديرتين بالاحترام و على درجة عالية من الوعي الانساني و تعلمنا من حقوقييها النزهاء مبادئ دولة القانون خلافا للكثير من سياسييهم للأسف.
و هذا الوعي الانساني وحد الحقوقيين من كل البلدان على اختلافات بلدانهم و ساندوا أسباب التحركات الليلية و ليس التخريب اليلي في حين نظرائهم مدوني تونس و حقوقييها من الشباب في السجن لنفس السبب و هذه من علاتنا كدولة تعتبر نفسها ديمقراطية بعض الشيء على الاقل تفاديا للنفاق حق لها ان تصدر مذكرة ايقاف للانتربول لاحتجاز نظرائهم من خارج تونس ان كانت المسألة تعتبر تحريض على التخريب و ليس معنى ابعد من ذلك بكثير لم يخرج عن نطاق الاحترام .
الى اليوم لا اعلم من يوجه خيار الرؤساء كالرئيس الباجي قائد السبسي و الرئيس قيس سعيد في اختيارهم لرؤساء الحكومات من لا يتقبلون مجرد تدخل محمود للرئيس لصالح البلد و يعتمدون سياسة الهروب الى الامام مع القيام بأخطاء اتصالية قاتلة تدخل عامة الشعب في فوضى بعد ان ينقسم فقهاء القانون كظاهرة صحية تدخل عامة الشعب في ارتباك مأتاه استغراب من انقسام ثقات و مراجع تونس و لو انه اختلاف و ليس بآنقسام ، عمقه رئيس الدولة ايضا بتصريحات نارية هو مخطأ في بعضها.
و بالرجوع للأزمة الحالية يجب التذكير انها لن تكون الأخيرة في ما يخص تقاسم السلطة بين رأسي السلطة التنفيذية او le bicephalisme de l’executif حتى في نظام برلماني لازال جاري به العمل حسب الحالة التونسية، و أحيل على تجربة» اليوركية» التي نجحت حسب رأيي في مرتين اولها في التجربة الرومانية زمن الامبراطورية و في التجربة الهندية زمن الاستعمار يعني في حالتين من اصعب ما يكون فلما لا توظف اليوم خاصة ان الأستاذ رافع بن عاشور قد كتب عنها في مقال قانوني « La dyarchie dans la constitution tunisienne « و نقد الوضع في تونس قبل 2019 حيث تفرغ الرئاسة من كل محتوى و اعتبر «ان لرئيس الدولة ان يكون صاحب قرار داخل السلطة التنفيذية لو وجد امامه رئيس حكومة متفهم « و باسقاط على الوضع الحالي اتبنى هذا الطرح و كذلك خالف غيره ممن طرح قابلية اعفاء او عزل الرئيس معتبرا ذلك من صلاحيات المحكمة الدستورية ما هو منطقي جدا و رأي ذاتي مني .
اذا الحل بآستظافة جميع الفقهاء القانونيين و جمعنم بالرئيسين في» لقاء أثيني» لتوحيد الآراء القانونية حول مسألة اليمين و اتخاذ سبيل للخروج من الأزمة لا يستقيم ابدا ان يلتقي كل رئيس على حدة بخبراء قانونيين بل على الخبراء محاولة التوفيق بين رأسي السلطة التنفيذية حتى و ان لم نكن في نظام رئاسي لمصلحة هذا البلد و لاسترجاع ثقة المواطن في الخبراء اولا .
بل و آستبق الاستاذ رافع بن عاشور فرضية أخطر من حالة اليمين اليوم التي لا ارى فيها تداخلا بين الرئيسين بل مشكلة سياسية و هي الأزمة المقبلة ربما و ذلك في نفس مقاله عن «الديوركية» في الدستور التونسي بأن قدم اضاءة على الفصل 93 في نهايته الذي يسمح لرئيس الجمهورية بحضور اجتماع المجلس الوزاري و انه ان حضر الاجتماع يرأسه وطبعا الفصل لم يحسم هل حضور الرئيس «بروتوكولي» ام «فعلي» و قال انه «في افتراض عدم دعوة الرئيس لحضوره و دعى نفسه للحضور فنجد انفسنا في وضعية لا تصدق» ربما تفادى ان يقول «سريالية» اذن عليهم اليوم التفكير في هذه الفرضية التي قد يمر لها الرئيس في الايام القادمة و انصحة بأن يعتمد هذا الاجراء و يقبل اداء اليمين و يدعو نفسه لحضور اجتماع المجلس الوزاري و يواجه خيارات الوزراء المتحفظ عليهم محافظا على واجب التحفظ حولهم و يترك المسألة لوعي المواطن عند مشاهدته الاداء العلني .
وبعد ١٠ سنوات حان الوقت لنهاية فسحة عمل الهواة وترك المجال للمختصين و من أرادوا الإصلاح و إعادة ترتيب الاوراق والأولويات ، كانت العشر سنوات فترة تجريبية ايجاببة من حيث المكاشفة وفسح المجال للجميع ليدلي بدوله سلبا وايجابا والآن يجب ان يتنازل قليلا كل طرف لإنجاح المرحلة قبل الانفجار تلذي تجاوزناه بنجاح في 14 جانفي 2011.