و بدون دخول في تفاصيل التفاصيل أن نعرّف اليوم 2020 بمصطلح يطوي الكثير من المكونات. لنقل أن من خصوصيات يومنا هذا الاقتصاد المفتوح و المعلومات المفتوحة وخضوع المعارف العلمية للجدوى.
هل نفذ العالم العربي الإسلامي (وتونس جزء منه) إلى المكونات الأساسية للمعاصرة؟ الجواب قطعيا «لا» إذا استثنينا بعض الجزئيات والاستثناءات، «والاستثناء لا يشكل القاعدة».
• نظرة إلى التاريخ
لقد أنجب عالمنا «نجباء» حاولوا عبر السنين التأسيس للدخول في عالم الحداثة الّذي دخلته أوروبا بقوة وبوضوح منذ القرن 18 . وفي هذا الإطار توضع محاولات قيمة لمفكرين تلاهم سياسيون عملوا جاهدين في هذا الاتجاه.
يمكننا ذكر أتاتورك و بورقيبة و الطهطاوي وخير الدين على سبيل المثال ومن أجل الإيجاز وإذا نظرنا إلى ماض ليس بالبعيد نجد أن مسلمين حاولوا الولوج إلى الحداثة قبل الغرب بقرون عدة بالارتقاء إلى وعي واضح بسلطة العقل في توجيه المعرفة وتوظيفها .
لنعد إلى تونس( بلدنا الّذي يهمّنا بالأساس). لقد حاول بورقيبة بمن معه على جميع مستويات النشاط السياسي التأسيس للمواطنة و الجمهورية في ظروف مأساوية ساد فيها الفقر المادي و الرمزي وكان عصرا ذهبيا حققت فيه خطوات جميلة في إطار هذا الـتأسيس. ولكنه تأسيس في ربوع يعم فيها الجهل.ولا مجال للمقارنة بين أوروبا التي فرضت سلطة العقل ومضت في انتصار بعد الانتصار في مجالات الثورة الاقتصادية والسيطرة على الموارد المالية منها والبشرية في ربوع العالم. أما تونس فهي بلد صغير (له تاريخ عظيم ) بموارد ضعيفة ووضع اقتصادي واجتماعي متخلف ومأساوي .
• كيف اللولوج؟
اختيار المعرفة بديهي و لكنّنا في بداية الطريق في حين أن العالم قطع قرونا من الطريق. تقريبا 20 سنة من البناء تخللته أخطاء جمّة و صراعات عنيفة انتهت بشيخوخة المؤسس الّذي لم يقرأ حسابا لشيخوخته وانقلاب 1987. هذا الانقلاب فتح الباب أمام اللّامشروع وأمام الفوضى الاقتصاديّة إذ قبر المشروع المعرفي (انهزمت الجامعة التي كانت في بداية الطريق) وحدث كلّ ما نعرفه. .وجاءت الثورة كتعبير صارخ لاستحالة المواصلة في منوال بدون منوال و طريق بدون رؤية وانعدام «المشروع المجتمعاتي» كان للثورة أنصار فكريون ولكن لم يكن لها سياسيون. وقعت صياغة الدستور في خضّم صراعات رهيبة. دستور لم يأت بالجديد أمام المشروع التأسيسي. قفز بلدنا بعد 10 سنوات من الثورة إلى 60 سنة إلى الوراء و تعرفون الحاضر: إفلاس،صراعات،لا عقل،لا معرفة.
• أقبر المشروع مرة أخرى
ما العمل اليوم ؟
وجب التأسيس إلى الغد البعيد من أجل حضارة معاصرة مستقبلية تركّز فيه أوّلا أسس الحداثة وثانيا تبني من أجل 300 سنة في المستقبل من أجل معاصرة فعلية.
أسس هذا المجتمع الجديد يبدأ اليوم بالعمل و العمل و العمل الدؤوب لكل الفاهمين من أجل سلطة العقل و تراكم المعرفة في جميع مجالات الحياة والشروع في عميلة البناء العظيم: بناء المواطن للـتأسيس لثقافة معاصرة (لا تخجل ولا تجهل جذورها)، عصرنة الاقتصاد والبدء في إنتاج بحث علمي فاعل وحقيقي يشيد تونس 2350 ، تونس الجديدة، تونس التي يكون لها مكان بين الأمم والشعوب .
قد لا يفهمني الكثير من الناس و لكن الأمل مسموح، وخاصية البشر الأولى تتمثل في الأمل والطموح ثم البرمجة ثم العمل.
وجهة نظر: في التأسيس من أجل المعاصرة
- بقلم المغرب
- 09:30 15/07/2020
- 1130 عدد المشاهدات
بقلم: عز الدين الفرجاني
استنتاج واضح : بعد مرور 65 سنة على استقلال تونس من الاستعمار، لم يدخل بلدنا بعد عالم المعاصرة .كيف يمكن لنا بإيجاز