كفانا من تكرار مسرحيّة رؤية هلال شهر رمضان وعيد الفطر

الإسلام جاء للعلم ونور المعرفة و جاء لجمع شتات الناس و وحدتهم ..

و جاء للتقدّم و مواكبة تطوّرات الزمان و التناغم مع مصالح البشر ومتطلّبات حياتهم في صيرورتها التي تفاجئنا سرعتها..
دار الإفتاء بشكلها الحالي و رؤية هلالي شهر رمضان وعيد الفطر و الإخبار عن المناسبات الدينية ودخول بقيّة الأشهر القمرية بالشكل الحالي و استقلال كلّ دولة بموعد رمضانها وعيدها كلّها ظواهر بعيدة عن روح الدين وإلزاميّة وحدة المسلمين و تقدّمهم .. ما نعيشه في هذه المسائل وغيرها ينمّ عن تخلّف كبير وتعطيل أكبر ورجعية عظمى ..
ننادي بالرقمنة وننادي بالتكنولوجية وننادي بالمواكبة من جهة .

ونحن لا نزال نكررّ عرض مسرحيّة مجّها النّاس ووتّرت أعصابهم بعذاب الإنتظار والتردّد والإرتجال ..
مسرحيّة تستعذب بعض القوى الرجعيّة لتصرّ على عرضها بشكل رثّ على ركح حطّمته سرعة الحياة وتطوّرها..
فكفانا من دار إفتاء باليّة التصوّرات و رجعيّة الوسائل وضيّقة الفهم ..
كفانا من مشهد بائس لشيوخ وعمائم فوق الأسطح والهضاب في شكلانيّة يترصّدون هلالا نعرف منذ أشهر لحظة ولادته ولحظة إكتماله ..

هاتوا لنا مجلسا أعلى للإفتاء فيه الفلكي و الطبيب ورجل المالية و رجل الإقتصاد و غير هؤلاء من أهل العلم والإختصاصات ..
و كفانا من عادة رؤية للهلال بشكل مسرحي معطّل متخلّف في حين أنّنا طوال العام نعتمد المواقيت الفلكية و الحسابات العلمية في مواقيت صلواتنا ومواعيد الأذان وتحديد بقيّة الأشهر القمريّة ..

ما المانع أن نقتصر على «الرؤية الحسابية» و لنفهم حديث رسول الله صلّى الله عليه و سلّم الوارد في صحيح البخاري « إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا « فهما جديدا فلنفهم «إذا رأيتم» أو «لرؤيته»  فهما حديثا متطوّرا ..

ما المانع أن نفهم هذين المصطلحين بمعنى «علمتم» أو «تيقنتم» أي بمفهومها الواسع الشامل العلمي فالرؤية التكنولوجية الحسابيّة هي المقصودة اليوم من حديث الحبيب صلّى الله عليه وسلّم ..أليست ثقتنا في العلم والأرقام اليقينيّة أقوى من ثقتنا في وسائل الرؤية البشريّة القاصرة التي تحتمل الشكّ والريب ؟

أليس الشكّ ممّا يبطل عباداتنا إذا حلّ فيها ؟

و كفانا من فرقة بين دول المسلمين وبقيّة الدول في العالم التّي اتحّدت لتكون قوّة في العملات و المصالح والتجمّعات الكبرى و نحن لا زلنا تفرّقنا سجدة ورفعة ويوم صيام وقبض وسدل ..

فمتى تنجلي غمامة الإفتراق ؟

ومتى نتخلّص من هذه الصور والمشاهد المملّة ونحن ننتظر ظهور المفتي في توقيت مضطرب يتلو نصّا مضطربا أجوفا ؟

ومتى نعرف أنّ كلّ جذب إلى الوراء يسقطنا ؟

ومتى ندرك أنّ كلّ تمسّك بما نعتقد أنّه القاعدة الصحيحة يجعل كلّ تجديد مرفوض ؟

و متى نؤمن بتجاوز الموروث البالي و نتسلّح بالجرأة و نخرج من سجن النمطية و التكلّس ؟…هل من ثورة دينيّة فعلية تجديدية ..؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115