التي آلت اليها الحال بعد ما يقرب عن عشر سنوات من التضحيات والتطلعات: ففي الثلاثية الأخيرة، لم يَنمُ الاقتصاد الوطني بأكثر من 1،1 في المائة، ولم يتزحزح مؤشر البطالة عن نسبة 15،3 في المائة المعهودة منذ قبل اندلاع «الثورة». العجلة الاقتصادية مكبّلة والتحول الاجتماعي بقي معطلا بالتمام، وكأن «الثورة» لم تكن ولم تحدث...
ليس هذا فحسب: إذ أن ازمة الهيكل الاقتصادي والاجتماعي للبلاد خلقت اقتصادا موازيا نَمَا وترعرع خارج الإطار الشرعي والقانوني وتوطّد الى حد انه اصبح، على منوال اقتصاد المافيا، ينهك الحركة الاقتصادية العلنية ويتحدى السلطة الشرعية للدولة ويرهقها. وما كان هذا ليصل إلى هذا الحد من التأزم الا لاقترانه مع الأزمة السياسية والحكومية التي طالت
مؤسسات الدولة وهياكلها الحكومية والإدارية وأُطرَها المجتمعية والحزبية والنقابية وغيرها. وعلى عكس ما كان مأمولا فيه غداة «الثورة» من تحول الى الأفضل وتطور الى الأحسن، فإن الفساد بكل أشكاله انتشر على جميع الأصعدة وطغى في البلاد. ومن علامات تأزم الوضع انعدام الشعور بالمسؤولية شبه الكلي لدى الأطراف الماسكة بزمام الحكم وسعيُها الى التملص منها وعملُها العلني على تعطيل المؤسسات الحكومية وتغليب مصالحها الخاصة على المصلحة العليا للبلاد ومناوراتها لتجديد عهدتها الانتخابية او الفوز بمناصب وزارية بكل الوسائل.
ونحن اليوم على أبواب تجديد العُهدة الرئاسية والتشريعية لمدة خمس سنوات، نرى لزاما علينا ان نحذّر جميع مواطنينا ومواطناتنا من فقدان الثقة في العمل السياسي ومن التشكيك في قدرة المواطن-الناخب على التأثير على مجرى الأمور وتحويل مسارها الذي لمسناه لدى الكثير من المواطنين في المناسبات الانتخابية السابقة والمتمثل في العزوف الانتخابي وفي عدم اكتراث الناس بالمصلحة العامة للبلاد. هذا التباعد عن الشأن العام لا يخدم الا مصلحة المنتفعين من خلق الفراغ السياسي والذين جعلوا من السياسة حرفة، لا هدفا نبيلا او ميدا عمل في الحياة.
• من جهة أخرى، يجب تكريس العهدة الخماسية القادمة لتدارك الأخطاء والاختلالات الجسيمة الموروثة عن العهدة السابقة ولمواجهة التحديات العظيمة التي ستحدد مصير بلادنا في العقود القادمة. ومن ركائز العمل السياسي وأهدافه لمدة العهدة الآتية:
• تركيز الأمن في كامل ربوع البلاد • مقاومة الفساد والإرهاب بكل انواعهما، • تطبيق الدستور بأمانة وصدق، • تنصيب المؤسسات الدستورية وتمكينها من القيام بمهامها على الوجه الأكمل، • إعادة هيبة الدولة وسلطتها، • تطبيق مبادئ «دولة القانون» والشرعية القانونية، • احترام الحقوق والحريات الواردة في الدستور والتشريع التونسيين وفي المعاهدات الدولية المصادق عليها، • العمل على بعث الحركية الاقتصادية والتنموية في كل مجالاتها، • العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والتضامن الجماعي بين جميع الفئات والطبقات الاجتماعية وتعميم تلك السياسة في كل انحاء البلاد وجهاتها.
• لا جدال في أن هذه التحديات وهذه المسؤوليات الكبيرة والمصيرية تستوجب تجديد النخبة السياسية للبلاد لإفساح المجال امام وجوه جديدة تتحلى بالنزاهة والوطنية والكفاءة والصدق وبقدرتها على تحمّل المهام العظيمة التي يفرضها الوضع الحالي.
• إن هذه المسؤولية المصيرية العظيمة، وإن كانت موضوعة على كاهل جميع المواطنين والمواطنات وبالخصوص على كاهل النخب السياسية التي سيصطفيها الشعب في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، فلا جدال في انها تتمركز في رئاسة الدولة، أعلى منصب في الهرم الدستوري والسياسي للبلاد.
• ونظرا لأهمية الدور الأساسي المناط بهذا المنصب السامي ونظرا الى أن الوضع الحالي يملي علينا التوجه الى شخصية وطنية تتمتع بجليل الاحترام والمعترف لها بكامل الكفاءة والقدرة على تحمّل المسؤوليات الرئاسية الواردة في الدستور، فإني اقترح مساندة ترشح المواطن عبد الكريم الزبيدي لمنصب رئيس الجمهورية، ونهيب بجميع المواطنين والمواطنات الى مساندة ترشحه والى التصويت له ومنحه الثقة الكاملة في أداء هذه المهمة السامية والمصيرية.
عاشت تونس، عاشت الجمهورية التونسية
بقلم: الصادق بلعيد