فمواطنون قلبت المعادلة لتبدأ من المواطنين وتنتهي إلى صياغة مشروع يحظى بدعم كلّ من شارك في صياغته.
من نحن؟
نحن مجموعة من النّاشطين والعاملين في الحقل النّقابي والحقوقي والثقافي والبيئي والشبابي والنسوي والمدني عامّة. هناك من كانت لهم تجارب سياسية صلب أحزاب لم تستجب إلى اهتماماتهم. وفينا أيضا شباب لم ينخرط في العمل السياسي ويرى في «مواطنون» فرصة ليكون فاعلا عوض أن يكون ديكورا للدّعاية.
«مواطنون» من مختلف المشارب والتجارب والجهات أجمعوا على أنّ البلاد لا تستحقّ استقالة مواطناتها ومواطنيها من الفعل السياسي رغم كلّ المعوقات والدّعاية لسيناريوهات مسبقة جاهزة قبل انتخابات 2019.
مجموعة يحدوها الأمل في استفاقة شعبية تحاسب من تسبّب في الانهيار على جميع الأصعدة الاقتصادية والأخلاقية، اتفقت على إيقاف العبث بمستقبل البلاد.
«مواطنون» تُعَوِّل على وعي فئات واسعة من الشّعب بضرورة إصلاح ممكن للمنظومات التي تشكو عجزا يُنبئ بمستقبل قاتم.
ما يُميّزنا؟
العمل مع كلّ المهتمّين بالشّأن العامّ في كلّ الجهات على صياغة مشروع متكامل وقابل للإنجاز بعيدا عن الوعود الزّائفة والطّوباوية العقيمة التي لا تأخذ بعين الاعتبار راهن البلاد السياسي والاقتصادي.
تعوّل «مواطنون» على الكفاءات الوطنية التي لم تتورّط سياسيا وإعلاميّا. إنّ المبادرة لا يقودها شخص معيّن بل هي ثمرة نقاشات طويلة بدأت منذ أشهر ولا تسوّق لشخص أو حزب أو فكر منغلق.
فالمشروع منفتح على كلّ الأفكار التي ترى فيها المجموعة مصلحة للبلاد في كلّ المجالات.
«مواطنون» لا تستنسخ تجارب مشابهة في عديد البلدان وإنّما تستلهم منها ما يصلح لأوضاعنا.
إنّها مبادرة واعية تمام الوعي بما يُعتمل في ضمير البشرية من حبّ الانعتاق من رأسمال متوحّش لا يحترم البشر والطبيعة.
«مواطنون» تضع المسألة الثقافية والبيئية في صلب اهتماماتها وتعتبرها أولويّة تخترق جميع المجالات الاقتصادية والتعليمية والصحية وغيرها.
«مواطنون» تستخدم وسائل الاتّصال الحديثة وتعوّل على خبرة شبابها في هذا المجال، كما تعوّل على مساندة الرأسمال الوطني الذي تضرّر من استشراء الفساد، والاقتصاد الموازي، والمنافسة غير الشريفة، والسياسة الجبائية العشوائية والمتقلّبة.
«مواطنون» تدافع عن مشروع سياسي يرفض استعمال الدّين في الحقل السياسي كما يرفض العودة إلى أساليب حكم المنظومات السابقة.
لا يدّعي منخرطو «مواطنون» امتلاكهم للحقيقة بل يدافعون عن فكر تنسيبي يعطي الحرية لكلّ من يدافع على حقّ الآخرين في التّعبير عن آرائهم.
يولي منخرطو «مواطنون» أهميّة قصوى لأخلاقيات التّعامل فيما بينهم وتجاه غيرهم، وللاستماع إلى الرّأي المخالف دون السقوط في الشتيمة واستعمال وسائل خسيسة وتبريرها بالدّفاع عن أهداف نبيلة.
إنّ ما يجمعنا يتجاوز العقد السياسي إلى رابط أخلاقي يحول دون إعادة إنتاج ما نشاهده اليوم من ممارسات تشوّه العمل السياسي وتنفّر منه المواطن.
«مواطنون» هي استجابة لرغبة ملحّة لدى شرائح واسعة من الشعب التونسي تبحث عن إنقاذ البلاد ممّا تردّت فيه من عجز على رفع التحديات التي تنتظرها من شغل يضمن حياة كريمة، وحريّة لا يقيّدها سوى الصّالح العامّ.
«مواطنون» تزرع التفاؤل والأمل وتقاوم التشاؤم والاستقالة وتنزع عن الأذهان فكرة أنّ كلّ من يهتمّ بالشأن العام فلغاية انتهازية وغير جديرة بالثّقة.
«مواطنون» استجابة لانتظارات شعبنا وليست رغبة من النّاشطين صلبها لاستغلال مناصب وتحقيق مآرب شخصية.
فهي تجمع كلّ من يرفض حصر اختياراتنا في المواعيد الانتخابية القادمة بين مشروع إسلاموي مقنّع بالمدنية أو العودة إلى المنظومة القديمة تحت شعار مواصلة المشروع الإصلاحي لدولة الاستقلال.
«مواطنون» تستنهض همم كلّ من هم مؤمنون بأنّ لتونس من الطاقات ما يمكنها أن تشقّ طريقا آخر بعيدا عن استنساخ ماض سحيق أو قريب.
فهي تعوّل على طاقات شبابها وإطاراتها في كلّ الجهات والميادين ليأخذوا مصيرهم بأيديهم بكلّ جرأة، ورويّة، وواقعيّة، وذكاء.
«مواطنون» هي ردّ من عديد التونسيين على المواقف «الكسولة» التي تعوّل على «الماكينات الانتخابية» الجاهزة سلفا، وعلى أصحاب رؤوس الأموال الذين يريدون المحافظة على مكاسب مكنتهم منها المنظومة السابقة وضمنتها لهم المنظومة الحالية.
«مواطنون» تريد أن تحرّك المياه الرّاكدة وأن تدحض مقولة «لا مجال لما أفضل».
ولعلّ أفضل ما يمكن أن يكون شعارنا الجامع هو «فلنعوّل على أفضل ما فينا».
نحن نعوّل على التونسيين ليرفضوا، رغم الظّروف القاسية، أن يباعوا ويُشتروا في مزاد السوق الانتخابية.
«مواطنون» تعوّل على الشباب الذي يرفض الانتحار أو الإبحار في قوارب الموت، ويعمل على الدّفاع على حقوق داخل بلاده ويبدع كلّ يوم أشكال تعبير جديدة عن قرفه وقلقه من الحاضر وأمله في غد أفضل.
إنّ العمل صلب الأحزاب هو من صميم العمل السياسي لكن وضع الأحزاب اليوم وفشلها في ممارسة الحكم الرّشيد، والمعارضة المسؤولة، حتّم استنباط طرق أخرى أكثر تشاركية ترى بحقّ المواطنين مساءلة من اختاروهم لتمثيلهم والتعبير عن طموحاتهم وتنزيل هذا المبدأ على أرض الواقع.
إنّ الفعل السياسي لا ينتهي عند انتخاب ممثّلين بل يتواصل عبر المساءلة المستمرّة، وحقّ المراجعة إذا ما أخلّ من ائتمنهم النّاخب على مصير البلاد، أو عند إخلالهم بالعقد الذي قوامه الوفاء بالوعود المقطوعة أو إقناع الناخبين بضرورة التعديل إن اقتضى الحال، دون المساس بالمبادئ العامّة.
لنعوّل على ما هو أفضل للتونسيين:
حبّ الحياة، عشق الحريّة، الانتفاض عند الضّرورة، عدم الانسياق مع المشاريع المغامرتية، الواقعيّة، حبّ العلم والمعرفة، تنسيب المقولات، الصّبر إلى حدود، القدرة على التّضحية عند الاقتناع، نبذ الاستثراء غير المشروع، الاستثمار في الدين، المحسوبية باستغلال الجاه أو العائلة أو الجهة، تسخير الإعلام لمآرب شخصية ألخ.
إنّ الخوف من تشتّت أصوات التقدميين أمر مشروع وجب التنبّه له دون أن يصبح عائقا أمام حريّة النّاشطين غير المنتمين وحقّهم في التنظّم وفق طرقهم الخاصة. ومع ذلك وجب التنسيق والحوار والتحالف، كلّما نضجت الظروف، سواء قبل انتخابات 2019 أو بعدها.
ليست الغاية من هذا النّص تقديم برنامج اقتصادي واجتماعي وثقافي ورؤية جيواستراتيجية للأوضاع، فتلك مهمّة اللّجان التي سيقع بعثها لهذا الغرض بتشريك جميع الجهات والكفاءات قبل انطلاق الحملة الانتخابية المقبلة،
بل المراد من هذا النص الإجابة عن عدد من التساؤلات التي أثارها الإعلان عن تكوين «مواطنون» فيما يخصّ بعضا من ملامح هويتها، و إيتيقيتها، وموقعها في المشهد السياسي، وجملة من مبادئها العامّة.