كمبريدج البريطانيّة. ليس كلّ يوم ولا كلّ سنة يتخرّج التونسيون من هذه الجامعة الشامخة. جامعة كمبريدج هي من أعرق جامعات الدنيا. انتشر صيتها في الأرض وهي اليوم من أكبر كبار الجامعات. درست سمر سمير المزغنّي في هذه القلعة الشامخة ومنها نالت شهادة الدكتوراه. ولأنّ الحديث مع سمر مهمّ وقد أتت نجاحا هو عنديّ استثناء، اتصلت بالشابّة التونسيّة عبر الشبكة وكانت بيننا مراسلات عدّة. سألتها عديد الاسئلة وتفضّلت هي بالإجابة.
• هل من توضيح سيّدتي عن سيرتك الذاتيّة وكيف وصلت الى جامعة كمبريدج؟
أنا من عائلة تونسيّة وكنت درست في المدارس العموميّة كغيري من التونسيين. أبي هو المحامي سمير المزغنّي وأمّي هي أستاذة جامعيّة. كلّ هذا عاديّ. فقط، أنا حظيت بتربيّة لصيقة، بوسط عائلي مشجّع. كان أبوايّ حريصين كلّ الحرص على تحفيزي والدفع بي الى الأمام والتألّق. دون وجس أو حدود تعرقل. كانا يدفعانيّ دفعا ويملآن رأسي ثقة وتطلّعا. الوسط العائلي هو العنصر الأهمّ في الدفع بالأبناء. للمدارس ولا شكّ دور مهمّ. لكنّ يبقى دور العائلة هو الأهمّ والأبقى. كان أبي رحمه الله دوما شادّا إزري. كما كانت أمّي لا تدّخر جهدا لإنارة سبيلي ومدّ يد العون. بما لقيت من حظوة وحبّ من والديّ، قوي عود الأمل فيّ. كبرت ثقتي في نفسي. اتسع سقف أحلامي...
منذ كنت بنيّة، بدأت في الكتابة، كتابة القصص للأطفال. في ما أذكر، كتبت وعمري يومها 14 سنة أكثر من عشر قصص نشرت للأطفال تباعا وهي اليوم في السوق متوفّرة. بطبيعة الحال، لكتابة القصص يجب أوّلا قراءة القصص. لمّا كنت بنيّة والى يوم الناس هذا، كنت أقرأ الكتب ولا أنتهي. أنا شغوفة بالأدب، بالمطالعة. كذلك، شدّني طموح وتطلّع. يجب أن أشارك الناس في الكتابة. أخذت قلمي وكتبت قصصا وأحيانا شعرا... أذكر أنّي نشّطت برامج تلفزيّة تحثّ الصغار على المطالعة. تروي لهم حكايات بهيّة...
خلاصة القول. للعائلة دور مهمّ في اعداد النشء. أمّا المطالعة وقراءة الكتب وما اليها فهي أساسيّة لتكوين الطلّاب خيالهم والرفع من أفاقهم. يجب أن أضيف نقطة أخيرة. أنا استفدت كثيرا ممّا أتيت من مساهمات تطوّعية في العمل الميداني والجمعيّاتي. العمل التطوّعي هو فرصة للتقريب بين النظري والفعليّ، بين الكتاب والناس...
• ماذا درست في كمبريدج وما هو مضمون أطروحة الدكتوراه التي أعددت؟
لمّا حان زمن طرح الاشكال والاعداد لأطروحة مختصّة وهذا يكون بعد دراسة تؤهّل الطلبة وتمكّنهم من حسّ ومن منهجيّة، اخترت موضوعا له علاقة باختصاصي وهو الاعلام. كان الاشكال المطروح في البحث هو ادراك التمثيل الاعلامي للمسلمين في بريطانيا بالعودة الى الصحف البريطانيّة الكبرى وبالمقارنة مع ما كان يصدر في الصحف التي ينشرها المسلمون هناك. خلال هذه المقارنة-المقاربة بين هذين النوعين من الإصدارات تمكّنت من رسم ملامح التمثيل الاعلامي للمسلمين المقيمين في بريطانيا وسعيت الى ابراز ما كان لهذا التمثيل من بناء ومن أبعاد... نحن اليوم نحيا زمن الاعلام وبقدر التمكّن من الوقوف على خاصّيات وسائل الاعلام وتبيّن ما تحمله هذه من ظاهر ومن باطن يكمن الإدراك وبالتالي يمكن النقد والتجاوز.
• في المستقبل، ما هي مشاريعك وهل تنوي العودة الى تونس؟
ما من شكّ سأعود بعد سنوات قليلة الى تونس وفيها سوف أحيا وأشتغل وآخذ وأعطي. تونس، رغم الخمس سنوات التي قضّيتها في بريطانيا لإعداد الاطروحة، هي بلدي وأنا لها في شوق وحبّ. تونس هي وطني ثم هي خاصّة مصدر أملي وإلهامي...
أمّا ما أنوي فعله فهو العود الى الكتابة. يشدّني حنين كبير الى الكتابة وسوف أعود الى كتابة الأدب والقصص. لا فقط قصص الصغار بل وأيضا قصص تشدّ الكبار. هذا ما أرجوه وهذا ما سأفعله قريبا...