منبــر: على هامش « التحوير الوزاري» في القيم السياسية

بقلم: منصف عاشور
لا عيب ولا غرابة ولا تناقض من التأكيد، وبوضوح تام، على أن الإشكال

هو بالأساس سياسي، والجوانب القانونية التي رافقت التحوير، على أهميتها، تبقى ثانوية، خاصة في ظل الضبابية لنص الدستور. وهنا يجدر التذكير بأن يوسف الشاهد وقع اقتراحه وتعيينه بإرادة شخصية من لدن رئيس الجمهورية وهو ما أكده وردده مرارا عديدة رئيس الحكومة نفسه معترفا بأنه يدين بذلك إلى رئيس الجمهورية بالأساس. وعلى قاعدة هذه الإرادة السياسية قام البرلمان بتوفير الغطاء المؤسساتي فحسب، مستفيدا من التوافقات السياسية. وهذه حقيقة لا جدال فيها، وبالتالي نقول للذين يكتشفون الْيَوْمَ فضيلة المرجعية الدستورية والمقاربة القانونية لتبرير التمشي الذي اتبعه رئيس الحكومة: كفى مغالطة، الموضوع هو بالأساس سياسي، ويطرح إشكالا في التطور النوعي الحاصل في جانبه السياسي، في العلاقة بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، من الانسجام الى المواجهة.

كما أن إشكالا آخر يطرحه الأسلوب الذي سلكه رئيس الحكومة في القيام بالتحوير المذكور، ويعد تحولا جذريا في علاقته بالحزب الذي ينتمي إليه، والذي سبق ان زكى تعيينه على راس الحكومة، والذي تطور الْيَوْمَ إلى حد القطيعة.

ولا يمكن مواصلة مغالطة الرأي العام بالادعاء بالقول بتواصل تواجد وتمثيلية حزب نداء تونس في الحكومة، على أساس الاحتفاظ ببعض المسؤولين، الذين انقطعت صلتهم بالحزب بمجرد انضمامهم له، وتصح عليهم قولة صلى وصام لأمر كان يدركه، فلما احتواه ما صَلَّى وما صام. وتغيب فجأة المقاربة القانونية عند المولعين بالقانون وبالدستور للدفاع عن النهج الذي سار عليه رئيس الحكومة، ويسمحون لأنفسهم بالتشكيك في قانونية القيادة الحالية لنداء تونس. والواضح هنا أننا نتحدث عن القانونية وليس عن الشرعية الجماهيرية. رئيس الحكومة يجد نفسه الْيَوْمَ في مواجهة وقطيعة في علاقة بحزبه وبرئيس الجمهورية ويؤكد خياره الجديد القديم في المراهنة على حركة النهضة أولا والوافدين الجدد.

فهل يساهم هذا المنهج في تحقيق التوازن السياسي بين مختلف القوى السياسية، وبالتحديد بين حركة النهضة واتجاهها نحو التغلغل في مفاصل الدولة، وبين ما يدعيه رئيس الحكومة وحليفه الجديد مرزوق من ضرورة دعم القوى الوسطية العصرية؟

دون أن ننفي مسؤوليات رئيس الجمهورية في تراجع هامش التحرك والمناورة لديه، نتيجة السياسات الخاطئة في إدارة شؤون نداء تونس، يحق لنا ان نتساءل لمصلحة من مزيد تعميق تهميش دوره واستبعاد نداء تونس من الحكم؟؟ الرجوع الى اعتماد المحاصصة الحزبية والترضيات الشخصية القائمة على الموالاة كأساس لتكوين الفريق الحكومي وانعدام البرامج والمضامين لا يمكن إلا من إعادة إنتاج الفشل ولا يوحي بعقلية سياسية جديدة ولا بعلاقة جديدة بالشأن العام وهو تكرار رديء للتجارب السابقة.

ويبقى السؤال الجوهري والمستقبلي هل المقاربة التي اعتمدها يوسف الشاهد والاسلوب الذي اتبعه في القيام بالتحوير، ومزيد توتير العلاقة بينه وبين رئيس الجمهورية وحزبه وحتى بعض الأطراف الاجتماعية الهامة، وكذلك دخوله في تحالف مرحلي مع حركة النهضة وفِي أفق انتخابات2019، يجعل منه رهانا انتخابيا ومجتمعيا جديرا بتعاطف جانب من القوى الوسطية العصرية وجزءا هاما من الطبقة الوسطى؟ أم أن الناخبين سيكون لهم رأي آخر؟؟؟

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115