وتجٌار يطاردون بضائع فرٌت من محلٌاتها مستسلمة لمياه جارفة ...ومحطٌة نقل برٌي اختار المسؤولون القدامى ان تكون محاذية لواد وفي منخفض من الارض ، هاجرتها سيارات النقل واستقرٌت في ناصية الشارع تستقبل ركابا استنجدوا بمهاراتهم في القفز على البرك ليفوزوا بمقعد في سيٌارات شاردة...وسيارات تمشي الهوينى بعد ان غطٌت المياه عجلاتها المطٌاطيٌة، واعاقتها عن السير العادي ...على هذا المشهد الكارثي استيقظت قابس بعد ليلة تهاطلت فيها الامطار بغزارة في غير وقتها المعتاد...مرٌة اخرى تاتي امطار الخير التي سرعان ما تتحول إلى اخطار تهدٌد المنازل والمحلات التجارية ، لتكشف ترهٌل بنية تحتية امست غير قادرة على استقبال الأمطار بفرح ..مع كلٌ قطرة ماء منتظرة او غير منتظرة يمتزج الشعور بالفرح
عند الأهالي بالخوف من تحوٌل الخير المنتظر إلى حيرة دائمة تنضاف إلى المشهد المأسوي لترسم على الوجوه علامات الوجوم والألم...لم نكن صوتا نشازا عندما نبٌهنا في اكثر من مناسبة إلى أنٌ الاكتفاء بإحصاء الخسائر وجبر الضرر لن يمنع من حدوث الكارثة ..ولم نكن مناوئين للاستقرار والسٌلم الاهلي عندما ذكٌرنا بأنٌ اللامبالاة ستؤدٌي إلى ما لا تحمد عقباه..ولم نكن منجٌمين عندما أشرنا إلى ان جرف المياه لمعتمد مطماطة ذات يوم حزين لم يندمل جرحه بعد .،سيؤدٌي إلى ما هو أشنع إذا ما وقع الاكتفاء بإحصاء الخسائر وجبر الضٌرر دون الذهاب مباشرة إلى أصل الداء لاستئصاله..في قابس كغيرها من مدن تونس التي نريدها ان تكون جميلة وآمنة، قنوات صرف صحٌي تزكم الأنوف بالروائح الكريهة، وتلفظ أوساخها التي تجاوزت الطرقات إلى الوادي الذي حُفِر ليحمي المدينة من الفيضانات ...كلٌ مدن العالم حوٌلت وديانها وانهارها إلى شريان حياة إلا قابس التي تحوٌل فيها الوادي إلى مصبٌ للفضلات ولمياه الصرف الصحي ...
في قابس أيضا،طرقات تُرمٌَمُ وتٌجمٌَلُ في كلٌ مرٌة لتسرٌ المارٌ المتعجٌل، ثم تأتي الأمطار»غسٌالة النوادر والبنادر» لتزيل المساحيق الكاذبة، ولتكشف غياب المواصفات المكتوبة على اوراق الخديعة، ولتطرح اكثر من سؤال عن إبرام ... الصفقات.
لن يجدي البكاء على الأطلال نفعا... ولن ينفع التجٌار التعويض مع بقاء الخطر الداهم يترصٌد محلاتهم وسلعهم ..والواجب الآن بعيدا عن الإدانة المجانية والاتهام العمل على وضع خطة استراتيجية واضحة المعالم تنأى عن الحلول الترقيعية وتمرٌ مباشرة إلى وضع حلٌ جذري يجعل المدينة تستقبل الامطار باستبشار بعيدا عن كوابيس الاخطار.
محمد صالح مجيد