في نهاية سبعينات القرن الماضي وأتذكر أنني أصبت بالهلع وخوف شديد وأنا أطالع مأساة هذا المثقف بين براثن أجهزة المخابرات وأقبية السجون كنّا شبابا مازلنا نكتشف الفضاء العام وشيئا من الالتزام السياسي وكنّا نتبادل الكتب وقصص كبار الأدباء الملتزمين تحت المعاطف خوفا من أعين البوليس السياسي أو أحد مخبريه الكثيرين . وأتذكر أن أحد الأصدقاء والذي كان يزودنا بهذه الكتب والنشرات والمجلات الممنوعة أسرّ لنا أنه تحصل على كتاب هام يجب أن نطالعه ونناقشه في أقرب فرصة - وبعد انتظار طويل لأن الكتاب تلقفه والتهمه عديد الأصدقاء قبلي تمكنت من الحصول عليه في شكل نسخة مصورة وضع عليها غلاف لإحدى قصص نجيب محفوظ لتضليل البوليس أو أي عين فضولية .
قرأته في ليلة ولم انقطع عن القراءة حتى انتهيت منه .انتابني شعور من الهلع والرعب والفزع لما تعرض له هذا المسجون في أيدي زبانية الأنظمة الاستبدادية .فهذه القصة أعطتنا وصفا دقيقا لساعات التعذيب الطويلة التي يتعرض لها المساجين السياسيون.فالإشاعات والأقاويل التي كانت تتداولها الألسن بكثير من الحذر أصبحت حقيقة نجحت رواية «شرق المتوسط» في تصوير كل دقائقها لدرجة أننا عشناها مع السجين السياسي وهو بين براثن الجلاد.
اكتشفت عالم السجن الرهيب من خلال هذه الرواية وقد نجح عبد الرحمان منيف في إعطاء طابع إنساني وعالمي لروايته من خلال عدم تسميته البلد أو الجهة التي وقعت فيها هذه الجريمة وكأنه يريد الإشارة إلى أن الاستبداد والتعذيب ليس خاصية نظام أو بلد معين بل هي ظاهرة مشتركة تتقاسمها عديد البلدان واكتوى بلهيبها عديد المناضلين السياسيين
ومنذ رواية «شرق المتوسط» عرف الأدب السجني تطورا مهما في أصقاعنا بمستوى الاستبداد الذي عاشته أغلب بلداننا .فقرأنا «كريستال» النقاش عند صدوره في 1982 ثم توالت الإصدارات التي يمكن تصنيفها في خانة الأدب السجني من قبل مساجين سياسيين سابقين يساريين أو إسلاميين .واتفق مع الصديق فتحي بلحاج يحيى لأشير إلى أن هذا الجنس الأدبي
عرف مرحلتين تاريخيتين مهمتين:
الأولى غلب عليها هاجس الشهادة أو témoignage على ظروف السجن ومعاناة المساجين والتي يرمي من ورائها الزبانية الى كسر صمودهم ووأد إنسانيتهم فكانت القتامة وسوداوية المجال السجني تغلب على هذه الكتابات لتترك الكثير من الخوف من وحشية الآلة القمعية – إلا أن هذا التمشي تناسى جوانب أخرى لها نفس أهمية التعذيب في حياة المساجين كالتضامن ونضالات المساجين إلى جانب الحياة اليومية داخل الفضاء السجني والتي لن تقتصر على الألم بل كانت أيضا مؤثثة بالفرح والضحك والابتسامة .
ثم جاءت المرحلة الثانية في الأدب السجني لتتجاوز الشهادة ولتستنبط جنسا أدبيا بذاته وليجعل من المحنة السجنية مجالا للإبداع والسرد الروائي . فكانت لنا مساهمات هامة في هذا المجال أذكر منها كتاب الصديق فتحي بلحاج يحيى « الحبس كذاب ..والحي يروح» وكتاب محمد صالح فليس «عم حمدة العتال» وأخيرا كتاب الصادق بن مهني «سارق الطماطم».
ويندرج كتاب عز الدين الحزقي الصادر منذ أيام عن دار النشر كلمات عابرة تحت عنوان «نظارات أمي» والذي نحن بصدده اليوم في إطار الخانة الثانية من الأدب السجني – فالبرغم من قتامة الوضع والآلام والعذاب فقد نجح عزالدين الحزقي في السفر بنا في مختلف جوانب هذه التجربة الأساسية في تاريخنا المعاصر بكثير من المتعة والإنسانية – لمسنا من خلال هذا الكتاب الجوانب السياسية لهذه التجربة معاناتها وآلامها وكذلك جوانبها الطريفة والنبيلة .
ولعل الخيط الرابط لجملة هذه الخواطر والحكايات اليومية لتجربة السجن هو هذا الصراع اليومي الذي يخوضه السجين من اجل الحفاظ على حريته بالرغم من أغلال السجان .
فهدف آلة الاستبداد من خلال إيداع شباب المناضلين هو كسر صمودهم ووضع جدران السجن لإيقاف مجال الحلم عندهم .ويبقى التحدي الرئيسي للمساجين هو الإفلات من هذا الحبس وإرادة الحاكم والسجان لسلب أحلامهم – وفي رأيي نجح كتاب عزالدين الحزقي في تصوير هذه المعاناة والصراع الذاتي مع الأنا .ويشير في بداية الكتاب «السجن كما الجميع يعلم» مكان مغلق صنعه الحاكم ليحرم المعتقل من تخطي الجدران ورؤية العالم خارج القضبان أما السجين الفعلي فهو المقتنع بجرمه والراضخ للعقاب لذلك تراه يحكم الأغلال حول عنقه وينصاع لمشيئة السجان» ويضيف في نفس الصفحة « لم أكن مقتنعا بجرم اقترفته يوم احكموا الخناق علي بقوانين السلطان.لذلك ودون إرادة واعية مني كنت اخرج من السجن كل ليلة طيلة الألفي ليلة والليلتين الأخريين اللتين أضيفتا رغما عني بالسجن المدني» وسيؤكد هذه النتيجة في نفس الصفحة « طيلة سنوات السجن لم أتذكر أنني حلمت مرة واحدة بالسجن أو بأحداث داخل السجن كنت اقضي ساعات الليل في منامي خارج المعتقل وفي عديد الحالات آخذ معي في أحلامي بعضا من رفاقي».
ستشكل هذه الفكرة الخيط الرابط لكتاب عزالدين الحزقي وهذا الهوس في الحفاظ على حريته بالرغم من الجدران والقضبان التي وضعها السجان وسيؤكد من جديد هذه الفكرة في عديد الأمكنة من الكتاب فيقول مثلا في نصف الكتاب « كانت عيناي ترتطم حيثما توجهت بالجدران الرمادية الموحشة الملطخة ببقايا دماء وأثار حروف قديمة مبهمة وبصمات أصابع .تمكنت اخيرا من تطويع تلك الآثار القذرة وتحويلها إلى مشاهد وصور لحيوانات ورموز وبشر .أحركها بمجرد تغيير اتجاه رموش العينين من زوايا مختلفة» (ص 126)
وتتمكن هذه الفكرة حد الهوس بالكاتب ليعود إليها لتأكيدها خوفا ربّما من أن ينساها أو يغفل عنها القارئ .فيعود لتأكيدها في المرحلة الأخيرة للكتاب قائلا « لم أجد لي جوابا مقنعا لذلك استسلمت للخيال .سرحت مع الماضي ورحت إلى سنوات الصبا .لم أتذكر أنني حلمت مرة واحدة بالسجن أو بأحداث داخل السجن» (ص 171)
ولم تكن هذه الفكرة مجرد موقف منهجي بل كانت أساس الكتابة السردية في كتاب عزالدين الحزقي فعلى طريقة السينمائيين اتبع الكاتب طريقة المراوحة (va et vient) في الطريقة السردية بين الداخل والخارج فتجدنا نتابع ما يصير داخل السجن من أحداث ونقاشات ليقودنا دون أن نشعر خارج القضبان ويتجول بنا في قريته ومختلف المدن التي عاش فيها من قفصة وسوسة و خاصة مدينتي صفاقس وتونس العاصمة .وهكذا سيكون الكتاب دعوة مستمرة وملحة للهروب من محيط السجن الخانق والكئيب إلى الحياة وعالمها الحالم .
وفي رأيي والى جانب الأساس أو الفكرة الأساسية للعملية السردية فأنني اعتقد أن قراءة كتاب «نظارات أمي» ضرورية لثلاثة أسباب على الأقل – السبب الأول يكمن في رأيي في الكتابة السلسة والممتعة فنجد الكثير من الطرف والنكت والهزل الذاتي إلى درجة تجعلنا نضحك باستمرار وبدون انقطاع إلى حد الانتهاء من قراءة الكتاب – واذكر عديد المواقف المضحكة كواقعة «السطرنج» أو فكرة الذهاب للبحر للسباحة لأحمد كرعود في وقت كانا فيه محل تفتيش من البوليس السياسي أو واقعة مقابلة تونس ضد مصر لتصفيات كاس العالم وإذ كان التاريخ الذي ذكره الكاتب خاطئا باعتبار أن المقابلة دارت في ديسمبر 1977 وليس في سبتمبر كما ذكر والمزحة حول يوم وفاة ماو.
ولعل من أحلى الصفحات هي التي يدون فيها النقاشات الطويلة والمضنية التي كان يدخلها المساجين من اجل قضايا تافهة كالترفيع في معدل السجائر لأحدهم .
إلا أن هذه الطرائف لا تعني أن هذا المناخ كان ورديا فيعود إلى واقع التعذيب وشراسة السجان والزبانية .فيقول مثلا عند الحديث عن مساجين محاولة انقلاب 1962 « كانوا موزعين على أنحاء المكان مغلولي الأرجل – لكي يقضي أحدهم حاجته كان عليهم جميعا أن ينهضوا معه حتى ولو كانوا نياما صيفا أو شتاء .هنا مع أسلاف الجرذان التي نسمعها الآن تتحرك وتسبح في المجاري» بين أرجلنا عاش أولائك الرجال سنوات العذابات المريرة هنا تعايشوا معهم وتأقلموا مع هذا البرد القاتل والرطوبة الخانقة لم يروا الشمس في اليوم إلا دقائق معدودات وكانوا لا يأكلون إلا من بقايا القاميلات» (ص 23) ولم تكن هذه المعاملة خاصة بهؤلاء المساجين بل شملت كل المساجين السياسيين ومن ضمنهم مجموعات اليسار الجديد والإسلاميين .ويشير عزالدين الحزقي إلى نقلهم لمعتقل برج الرومي السيئ الذكر « لم تمض دقائق حتى حل بالمكان فيلق من حراس وعصابة من مساجين الحق العام أصحاب المؤبد الذين يستعملهم السجان وقت الحاجة ..كانوا جميعا مسلحين بالسياط والهراوات أخرجنا بالقوة من الغرفة وقد صموا الأذان بصيحاتهم الهستيرية وسبابهم البذيء وشتائمهم المعهودة .كنا
نهرول بين صفوفهم مباشرة نحو الكهف المشؤوم أذاقونا طعم أدواتهم كلها بعد أن مزقوا ثيابنا .أنزلونا دهاليز المعتقل تحت السياط والعصا وأوجاع الجروح الدامية .اختلط صياحنا نتيجة الأوجاع والآلام بوقع السياط على الأدبار ونحن نركض وهم يصيحون» (ص 20) ويشير الكاتب في عديد الأماكن الأخرى إلى شراسة التعذيب وعنف السجان وضراوة حصص التعذيب التي كانوا يخضعون لها وكانت هذه المعاملة وعنف وتفنن الجلاد في تسليط أقسى أنواع العقاب أكثرها ضراوة وراء ظهور تطور نضالات المساجين – ويقول عزالدين الحزقي « بما أن الحق لا يتجزأ والسرية هي للضرورة ولا تعوض العلنية واصلنا النضال والضغط على الإدارة كي تتحقق مطالبنا كاملة في الإعلام وتوفير الظروف الإنسانية الملائمة مثل الزيارة في المكتب عوضا عن «البارلوار» وتعويض بساط الحلفاء بأسرة احتراما للذات البشرية وغيرها من المطالب التي لم ننفك نتشبث بها والنضال من اجل تحقيقها منذ الأيام الأولى في اعتقالنا» (ص 29)
ويشير كذلك عزالدين الحزقي إلى جانب آخر مهم ميز الحياة السجنية وهو التضامن بين المساجين فيقول «أخطاؤنا متشابهة رغم نسب تفاوتها لا يخلو منها احد منا لكن الذي يوحد بيننا هو ذلك النوع من التضامن الذي تأصل فينا واستبطناه كرد فعلي على القمع الذي أريد به التفرقة وكذلك الصدق الذي كان يدفعنا للعطاء بكل سخاء ودون مقابل من اجل الأفضل فكان أن نسج ذلك فينا عبر سنين النضال خيوط حب تحدت الخلافات وصمدت في وجه غوائل الدهر ،أحببنا بصدق، وناضلنا بصدق، وتصارحنا بصدق ،واختلفنا بصدق» (ص 177)
إذن نجح عزالدين الحزقي في كتابة وسرد هذه الوقائع بطريقة مركبة ومعقدة ولم ينساق إلى كتابة من نوع الأبيض والأسود بالرغم من الآلام التي عاشها فاللحظة السجنية لا تقتصر على القهر والتعذيب وكآبة الزنزانة وحدة القضبان بل فيها كذلك الصمود والابتسامة و المزحة والطرفة والأمل .
الجانب الثاني الهام في هذا الكتاب يخص القراءة السياسية لأبناء الاستقلال لتاريخنا المعاصر .ولئن كانت هذه القراءة مقتضبة باعتبار الخيار السردي الذي اتبعه الكاتب فهي في رأيي هامة وتشير إلى قراءة جيل كامل لتجربة الدولة الوطنية .فقد عاش هذا الجيل بكل جوارحه وبكثير من الفخر والاعتزاز تجربة الحركة الوطنية وحصولنا على الاستقلال – يقول عزالدين الحزقي في هذا الإطار «رقصت ،غنيت وابتهجت، كما رقص وابتهج وغنى كل المحتفلين بغرة جوان 1955 يوم عاد بورقيبة من فرنسا ومعه وثيقة الاستقلال الداخلي فرحت بالاستقلال التام يوم 20 مارس 1956 كأغلبية أطفال ذلك الزمان .ركضت ببوحسينة مع أولاد النابلي أصدقائي بالمدرسة وعلا صياحنا بباب البحر وباب الجديد وعلى طول وامتداد كرنيش «بوجعفر» بسوسة وتعالت أصواتنا منشدين حماة الحمى عشنا أيضا 25 جويلية 1957 يوم الإعلان عن بعث الجمهورية الأولى في تاريخ البلاد .يوم عالق لا يمحى من الذاكرة» (ص 101)
إلا أن هذا الدعم اللامتناهي والانخراط في برنامج الدولة الوطنية سيبدأ بالتراجع والانفراط ليصبح معارضة قوية .ويمكن تحديد نقاط القطيعة بين دولة الاستقلال وأبنائها في عدم تحقيق وعود التنمية والحرية وتطور عبادة الشخصية .فمن الناحية السياسية سرعان ما تحولت الدولة الوطنية إلى دولة الحزب الواحد والفكر الواحد والزعيم الواحد .
أما من الناحية الاقتصادية والاجتماعية فان برامج التنمية لم تمكن من تحقيق العدالة الاجتماعية والتقدم الذي طالما وعدت به .ستكون هذه النتائج وراء القطيعة بين دولة الاستقلال وأبنائها والتي ستكون وراء المعارضة والمحاكمات والتعذيب والآلام . ويشير عزالدين الحزقي في كتابه «نحن دون إرادة منا ننتمي إلى جيل الاستقلال جيل المحاكمات العديدة المتتالية بالمحاكم المختلفة الشعبية منها والعليا بتهم محاولات انقلابية فاشلة وخصومات فئوية وتصفيات حسابات سياسية» ( 146)
أما الجانب الأخير والذي يشد في هذا الكتاب فهو جرأة الكاتب بالحديث عن المشاكل والاختلافات التي شقت تنظيمات اليسار الجديد.وقلة هي الكتب التي تجرأت على فتح صفحات الاختلافات والتناقضات ليبقى من هذا التاريخ سوى الوحدة .
ويشير عزالدين الحزقي إلى عديد المسائل الخلافية ومن ضمنها الخطأ في تقييم الوضع فيشير « كان من المنطقي والبديهي أمام ذلك الحشد وتلك الاستعدادات أن نتوقى الحذر أكثر فأكثر وان نتوقف عن التوزيع وعن النشاط المكثف .غير أننا قرأنا الأخبار التي بلغتنا قراءة خاطئة» ( ص78) – كما يثير الكاتب عديد المسائل الخلافية الأخرى كتراجع التفكير في التنظيم لصالح الحركية .
كما أشار إلى مسالة هامة وخطيرة وهي الانقلاب الذي قامت مجموعة القادمين الجدد على القيادات التاريخية .
وفي رأيي تبقى المسألة السياسية هي الخلاف الذي شق هذا التنظيم وكل حركات اليسار الجديد في بلادنا والعالم وتخص مسالة الحريات الديمقراطية – وقد اعتبرت هذه التنظيمات أن مسالة الحريات هي قضية بورجوازية إصلاحية وان هدفها يبقى التغيير الثوري. شكل هذا الموقف خطأ تاريخيا لاتزال حركات اليسار تعاني منه إلى يومنا هذا في تبعاته وساهم إلى حدّ كبير في تهميشها .ويشير الكاتب إلى هذه المسألة عند تلقيهم في السجن الدعوة من المجموعة الليبرالية في الحزب الدستوري بقيادة احمد المستيري للإمضاء في ماي 1977 على لائحة الحريات تحت عنوان
« دعوة من اجل احترام الحريات العامة في تونس» وقد جوبهت هذه الدعوة بالرفض « من الأغلبية الساحقة على أساس أن هذه المجموعة صاحبة اللائحة هي باختصار مجموعة بورجوازيين، العديد منهم كان في الحكم مع بورقيبة ويعد الالتحاق بهم مهانة ودعما مجانيا لهم ووصمة عار تلطخ الجبين» (ص 143)
في نهاية هذه القراءة لي ملاحظة وسؤال – الملاحظة تخص مسألة الإعدام والتي نجدها في اغلب كتابات الأدب السجني باعتبار أن المحكومين بالإعدام تجاوروا مع المساجين السياسيين .وتشير مختلف هذه الكتابات الى المعاناة والموت البطيء الذي يعيشه هؤلاء السجناء في رواق الموت وفي انتظار تنفيذ حكم الإعدام .معايشة المساجين السياسيين لظرف ومعاناة المحكومين بالإعدام جعلتهم بعد خروجهم من السجن من أكثر المدافعين عن إلغاء هذه العقوبة الوحشية .
أما السؤال فهو موجه إلى الكاتب ويخص اختيار «نظارات أمي» كعنوان للكتاب . سؤال طاردني منذ بداية مطالعتي للكتاب .طبعا لن أعطيكم الإجابة عن هذا السؤال فقط أشير للقارئ أنه سيجد الإجابة في آخر فصل من الكتاب وهو من أحلى الصفحات حساسية وحبّا وعطفا لوالدة الكاتب .
«نظارات أمي» كما كل تجارب الأدب السجني تشكل مساهمات هامة من حيث هي دعوة للغوص في ذاكرتنا الجماعية واستحضار لنضالات أجيال كبيرة من الدستوريين واليساريين والقوميين والإسلاميين حتى لا ننسى وكي لا ننسى هذا الجانب المظلم من تجربتنا وكي ننعم اليوم بالحرية والديمقراطية .