و إعادة ما تم اقتراحه من طرف معارضي التوجه الحكومي...
ولكن ما حدث انني التقيت في شهر جويلية من سنة 2016 في باريس بثلاثة شبان من تونس طموحين وهم بصدد المشاركة في دورات تدريبية و تربصات و امتحانات.
المشكلة ان هؤلاء الشباب عبروا لي عن حيرتهم إزاء توقف شركة الطيران سيفاكس ايرلاينز حيث لم يعد لديهم أي إمكانية بديلة للعودة الى تونس وهم بصدد اجراء مناظرات. فطمأنتهم ان كل شركات الطيران لديها عقود مع شركات التامين وعليهم ان يذهبوا فقط الى المطار للمطالبة بتذاكر بديلة وهو امر عادي و طبيعي ان تتكفل سيفاكس ايرلاينز بإيجاد حلول تمكنهم من العودة الى تونس اعتبارا إلى ان هذه الشركة هي المسؤولة عما حدث (من انقطاع رحلاتها).
كنت أتوقع حينها ان هذا الامر سيتم بكل سهولة نظرا وان هذا هو المعمول به في جميع الدول و مع كافة شركات الطيران بالعالم.
ولكن و في الأيام الأخيرة التقيت بشابين من هؤلاء الذين كنت التقيتهم سابقا بباريس و قد كنت طمأنتهم حول وضعيتهم آنذاك وفوجئت لما اعلمني هؤلاء انه قد اضطرت عائلاتهم لاقتناء تذاكر طيران أخرى للعودة (الشيء الذي اثقل كاهل عائلاتهم ماديا) بعد ان يئسوا ان تعترف شركة سيفاكس ايرلاينز بحقوق التعويض و لم تقم بما هو معمول به و تركتهم على ارصفة باريس يبحثون عن مخرج للعودة رغم اتصالاتهم العديدة بالشركة التي اختفت بعد أيام قليلة... الشيء الذي يؤلمني ان هذا السلوك من طرف هذه الشركة هو مثال حي لنشر ثقافة الإحباط و تدمير المصداقية في المؤسسات علما ان صاحب هذه الشركة هو عضو في مجلس الشعب وينتمي الى حزب في السلطة.
وتساءلت أولا كيف يمكن ان يحصل هذا السلوك الغريب حيث لا أتصور ان صاحب هذه الشركة ليس لديه الإمكانيات المادية لتعويض هؤلاء الطلبة واعتقد انه يمكنه ذلك حتى عند الاقتطاع من جرايته التي يتقاضاها من مجلس الشعب؟
والسؤال الثاني كيف يمكن قبول هذا السلوك من طرف الحزب الذي ينتمي اليه مالك هذه الشركة ومن طرف مجلس الشعب ككل؟
وفي النهاية اعتقد ان القضية ليست قضية إمكانيات مالية بل هي قضية أولا وأخيرا اخلاقيات وضمير. وهي رسالة سلبية وقاتمة للشباب التونسي. لعلني أصبحت الان أكثر فهما من قبل لآليات نشر ثقافة الإحباط وفقدان الثقة بمؤسسات الدولة.
ويمكن توسيع حلقة ثقافة الإحباط من خلال امثلة عديدة من بينها الذين تحصلوا على الكاباس ولم يتم توظيفهم بعد ثم عدم نشر القائمة النهائية لشهداء الثورة وعدم نشر قائمة المنتفعين من التعويض والمبالغ التي تحصلوا عليها الى غير ذلك ...
وفي كلمة ان من يساهم في نشر ثقافة الإحباط هو الذي يساهم بصفة مباشرة في تدمير المجتمع التونسي وتدمير المسار الديمقراطي.