صحيفة معاريف أن 51 بالمئة من الإسرائيليين يؤيدون إنهاء الحرب وإبرام صفقة لإعادة الرهائن حتى لو بقيت حماس في السلطة داخل غزة ، فإن استهداف إسرائيل لقيادة حماس في قطر يشغل مساحة كبيرة من اهتمام الدوائر السياسية والإعلامية على المستويين الإقليمي والدولي، لاسيما مع استضافة الدوحة لقمة عربية إسلامية طارئة أمس 15 الجاري ، وعدم تسمية البيان الصادر عن مجلس الأمن للدولة المعتدية. ولعل من أهم ما جاء خلال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث الهجوم الإسرائيلي على قطر ، ما ورد في كلمة رئيس الوزراء القطري بأنه لم يعد من الممكن التنبؤ بما يمكن أن تفعله إسرائيل، وأن قادة إسرائيل ضمنوا الإفلات من العقاب والمساءلة، ومشدداً على أن دول المنطقة لا يمكن أن تقبل سلوك إسرائيل المتطرف.
وبالتزامن مع تقديرات بعض مراكز الفكر التي تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية راهنت من خلال تلك العملية علي الصدمة الإستراتيجية كوسيلة لتسريع التوصل لصفقة بشأن الرهائن ، وما أعلنته القناة الـ12 الإسرائيلية أن نتنياهو سيعرض على وزير الخارجية الأمريكي - الذي وصل تل أبيب - خطة تهجير سكان غزة -جوًا وبحرًا - بدءاً من الشهر المقبل ، صدر تقرير عن عضوين فاعلين بمجلس الشيوخ الأمريكي ( Chris Van Hollen و Jeff Merkley ) خلصا فيه إلى تطبيق دولة الاحتلال سياسة التطهير العرقي في غزة ، وجاء تقرير “ النائبان عن الحزب الديمقراطي " عقب جولة قاما بها في دول الشرق الأوسط وضمت إلى جانب مصر والأردن ، الضفة الغربية وتل أبيب ، وجاء في مقدمة التقرير الذي صدر في 11 سبتمبر الجاري أن حكومة نتنياهو لا تخشى المجاهرة بسياسات التجويع التي تطبقها على أهالي قطاع غزة.
واستعرض التقرير إجراءات نقل الفلسطينيين من القطاع وهدم المنازل والحصار والتجويع واعتبرها هدف استراتيجي لحكومة نتنياهو . واستشهد التقرير بتصريحات علنية لوزير المالية في حكومة الاحتلال ''سموتريتش'' والذي أكد فيها على أن غزة سيتم تدميرها بالكامل وأن تلك السياسات والتوجهات اللاإنسانية أسفرت عن مقتل ما يزيد عن 63 ألف فلسطيني .
ومن أبرز النقاط التي ركز عليها واضعا التقرير، أنه على الرغم من تخصيص الزيارة بصفة أساسية لبحث الإنساني في غزة ، إلا أنهما ذهبا من إسرائيل إلى الضفة الغربية، حيث وجدا أن حكومة نتنياهو تطبق سياسات لإجبار الفلسطينيين على ترك أراضيهم ، وأنها أيضاً بمثابة " تطهير عرقي " ولكن بتحركات بطيئة مقارنة بما يجري في قطاع غزة. وأشار التقرير إلى اللقاء الذي تم مع الرئيس أبو مازن ثم الانتقال إلى الأردن، ولفتا الانتباه إلى واقعة سلبية إضافية من جانب حكومة تل أبيب التي لم تمنح طائرة إنزال مساعدات أردنية التصريح اللازم ، علماً بأن النائبين كانا يعتزمان المشاركة في عملية الإنزال ؛ ثم انتقلا من الأردن إلى الأراضي المصرية حيث زارا رفح ثم العريش ومقر الهلال الأحمر المصري ، قبل أن يلتقيا بوزير الخارجية دكتور بدر عبد العاطي.
ومن المعلوم أن وتيرة الغضب الدولي تجاه ممارسات الحكومة الإئتلافية في تل أبيب تضاعفت في 2025 ، وهو العام الذي شهد أكبر قدر من انفصال نتنياهو عن الواقع ( عزلة إسرائيل - توجه دولي لفرض تدابير عقابية - ملاحقات دولية لجنود إسرائيليين) وأصبح أسيراً لهوس البقاء ، ولعل أبرز مظاهر الغضب الدولي إعلان صندوق الثروة النرويجي في 11 أوت الماضي إنهاء عقود مرتبطة بإسرائيل وبيع استثماراته في 11 شركة إسرائيلية. وعلى الرغم أن ذلك التحرك لا يعد انسحاباً كاملاً من السوق الإسرائيلية ، إلا إنه تزامن حينها مع القرار النرويجي مع تحركات أوروبية لتقييد مشاركة تل أبيب في برنامج " هورايزون أوروبا " لتمويل الأبحاث، فضلاً عن تنامي زخم الاعتراف الدولي بفلسطين كجزء من حل الدولتين ، مما أجبر نتنياهو على الدخول في مواجهات دبلوماسية ، سواء بإطلاق تصريحات حادة ضد الحكومة الأسبانية أو توجيه اتهامات للرئيس الفرنسي بمعاداة السامية ، وقد وصل نتنياهو إلى مرحلة متقدمة من التزييف وتضليل الرأي العام الدولي حيث برر استهداف قادة حماس في الدوحة بأنه يزيل العقبة الأساسية أمام إطلاق سراح الرهائن وإنهاء الحرب ؛
إجمالاً ، يمكن القول أن تردد واشنطن في تحجيم شطحات نتنياهو ، وتركيزها على إجهاض تحركات كل من محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ، يمنح تل أبيب حصانة ويدفع نتنياهو إلى اختراع ذرائع لإشعال الجبهات واختراق سيادة عدد من دول المنطقة . والاعتداء الأخير على قطر سيقوض مسارات التكامل الإقليمي وستجعل طموحات ترامب بتوسيع مسارات التطبيع مسألة في غاية التعقيد .