رسالة قارىء: احذروا السّفر إلى تركيا يا شباب تونس

محمد أمين بن عبد الله

أنا محمّد أمين بن عبد الله تونسي الجنسيّة، مهندس وصاحب مؤسّسة اقتصاديّة وقارئ لجريدة المغرب أودّ برسالتي هذه اعلامكم والقرّاء بما كان لي في تركيا من سوء.

كنت في الشهر هذا توجّهت الى تركيا لقضاء شأن له علاقة بأعمالي. في اليوم الموعود ركبت شركة الطيران التركيّة وتوجّهت الى اسطنبول. في المطار، كبقيّة المسافرين، أدليت بأوراقي وبما يثبت هويّتي. لكن وبعد النظر، رأى الموظّف المكلّف في شرطة الحدود أنّي محلّ شبهة وأن تحريّات اضافيّة يجب أن تجرى. للأتراك الحقّ في التحرّي والتثبّت. هذه المنطقة جميعا تغلي وفيها هيج يتزايد... مددت أوراقي كلّها. أظهرت ما كان لي من مال. شرحت لهم أسباب الزيارة ومتى سوف اعود الى البلد... لا أحد في الشرطة، في الديوانة فهم ما أقول ولا أراد أن يتبيّن. لا أحد أراد أن يشرح لي الأسباب ولا أحد كان يسمع ما أقول...

 

أخذوني. حملوني الى غرفة مغلقة، لا نوافذ فيها، كلّها أسمنت مسلّح. هي زنزانة محكمة وفيها تكدّس نحو 80 من البشر جاؤوا من كلّ البقع وبخاصّة من تلك التي تشهد حروبا وقنابل... سألت وكلّي الحاح وأمل الشرطة أن يشرحوا لي الأسباب، أن يبيّنوا لي معنى هذا الحجز الذي أنا فيه. لا أحد يجيب. الكلّ يهدّد... في الزنزانة سطل ماء منه جميعا نشرب ولا شيء آخر. كنّا من كلّ الجنسيات وكلّنا في قلق، في ارهاق من طول الوقوف ومن جوع يأكل. اتصلت بالقنصليّة التونسيّة فلا أحد في القنصليّة يجيب. بعدها اتصل والدي من تونس بالقنصليّة وكان ردّ القنصليّة أنها في عجز وان لا أحد يقدر على اخلاء سبيلي. احتججت على الحرس وطلبت بيانا وتوضيحا فلا أحد من الحرس أجابني عن أسباب الحجز ومتى سيقع النظر في وضعي ومتى أعلم ما كان من مصير...

بعد نحو 15 ساعة من الوقوف في زنزانة ممتلئة بشرا من كلّ الوجوه، في الغد صباحا، جاءني شرطي وقال لي هيّا لتركب الطائرة وتعود من حيث أتيت. دعوته أن يشرح لي ما حصل لي من طرد، من نكد، من تنكيل. لا أحد في اسطنبول يعرف أو يجيب... في آخر الطائرة التركيّة وتحت الحراسة، ها أنا أعود وفي قلبي حرقة وفي جسمي تعب منهك. حمدت الله أن أفرجوا عنّي، أن أجلس على كرسي كالبشر، أن أكل وأشرب كبقيّة المسافرين، أن أعود الى بلدي...

في مطار تونس سألت الشرطة وأهل الديوانة عمّا كان لي من طرد من اسطنبول؟ سألتهم ان كان اسمي يحمل شبهات لا أعلمها فأتبيّن. لا شيء لدى السلطات القمرقيّة فيه شكّ أو ريبة... كان ايقافي وسجني وطردي من تركيا، في ما أعلم، بلا سبب...
ما بقي يحزّ في نفسي ويؤلمني هو تلك المعاملة السيّئة، ذاك النفي لكلّ صفة البشر. بعد نظر، أدركت أن تونس في وضع متعوس وأنّ التونسيين أصبحوا في الدرك الأسفل من الحضيض والزج بهم كالنعاج وبلا سبب هو أمر ميسّر... لن أعود ثانيّة الى اسطنبول. لدى الأتراك، التونسيون هم لا يسوون شيئا ومعاملتهم بمثل هذا السوء أمر عاديّ... سمعة تونس انتهت. أبناء تونس هم اليوم في أسفل السافلين... أسوق ما جرى لي حتّى يدرك الناس من حولي ما يحصل في تركيا من غطرسة ومن تنكيل وحتّى يتبيّن الناس مخاطر السفر الى اسطنبول.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115