"ترامب" لسكّان العالم "إنّكم لنا ..وإلينا راجعون!!!"

محمد صالح مجيّد  كاتب تونسي

في السّياسة ،عالم المتناقضات، لا عهد لا ميثاق. . واهم وغرٌ مَنْ يُؤمن بصداقة مؤبّدة وبعداوات دائمة...

عدوّ الأمس صديق اليوم.. الخيٌر شرٌير إلى أن يثبت العكس والشرٌير خيٌر إلى أن تنكشف عورته...الصّاعد سلٌما يجد نفسه في هوّة سحيقة من حيث ظنّ أنّه في القمّة..الطهارة والنجاسة خطّان متوازيان نهارا لكنٌهما يلتقيان سرّا في الليل ... السياسة عالم المراهنات وعالم الوحوش الضارية التّي لا ترحم ضحاياها ،والضّباع المتوارية وراء الأكمة ترقب فريستها لتُجهز عليها...
بوجه مكشوف خال من مساحيق الكلام المعسول المنمّق، وبلهجة الحاكم الأوحد الآمر الناهي، تكلم "ترامب" وتوجّه برسالة قويّة إلى كلّ العالم "انا الرئيس..والبقيّة كومبارس... أمريكا أوّلا وثانيا وثالثا ثمّ بقيّة العالم"!!!
لم يجد "كوبوي"العالم وقتا ليتحدّث عن القارّة العجوز "اوروبا"..ألغاها من خطابه ومن حسابه ،بعد ان كانت "جملة" قارّة في "نصّ"خطاب تنصيب كلّ حاكم أمريكي جديد.لقد أعلن سابقا أنّ أمريكا لن تتكفّل مستقبلا بالدّفاع مجّانا عن "أوروبا" ،وعن دول لا تفعل شيئا من أجل حماية نفسها."أوروبا"المتعاظمة باتّحادها الاقتصادي أمست عند "ترامب"مجرّد سوق للمُنتجات الأمريكيّة التي وجب أن تكون لها الحظوة الأكبر، وبرسوم ترضى عنها أمريكا.وكلّ دولة تتجرّأ على الرّفض ستُواجَهُ بالرّدع في شكل رسوم إضافية او منع لتداول سلعها.لم تعد "أوروبا" وفق هذا المنطق الجديد، "محميّة امريكيّة" وحليفا استراتيجيّا،بل أمست"فضاء تجاريّا كبيرا" يخضع إلى رقابة امريكيّة لصيقة.قالها بفظاظة:"استعدّوا للتنفيذ وإلا انتظروا الرسوم والعقوبات الاقتصاديّة"
وإمعانا في إظهار القوّة والتعاظم،وفي مشهد استعراضيّ مقصود وموجَّه،حرص حاكم العالم الجديد على أن يظهر وراءه أرباب المال وصنّاع التكنولوجيا.لقد ارادها رسالة إلى العالم "نحن نعرف عنكم كلّ شيء :مراسلاتكم الإلكترونية،وتحويلاتكم المالية،وانشطتكم التجاريّة، وغرف نومكم وأسراركم، فإن لم تكونوا معنا صنّفناكم أعداء"!!!!
ظهر وراء الرئيس الجديد، كلّ أصحاب المواقع الاجتماعيّة التي يرتادها الشّباب والكهول والشّيوخ في كلّ أرجاء المعمورة..."الفضاء الأزرق" كنز أسرار تتحكّم في شفرته الإدارة الجديدة ومن خلاله هي قادرة على زعزعة أيّ نظام مناوئ خارج عن السّكّة!!.
في المنطق الأمريكي الجديد إسقاط نظام في ايّ مكان من العالم هدف رخيص لا يستحقّ أن تُزهَق من أجله روح جنديّ أمريكي واحد..انتهى زمن الحرب الكلاسيكيّة..."الفايسبوك" و"تويتر" اليوم سلاحان مرفوعان في وجه كلّ مَنْ لا ترضى عنه أمريكا.تتحرّك الأزرار والأقمار الصناعيةفإذا بالحاكم"الظالم لشعبه"!!!يركب طائرة الخوف نحو وجهة غير معلومة..وسيتقاتل اهل البلد الواحد بسلاح أمريكيّ تحرص الولايات المتّحدة الأمريكيّة على توفيره لكل المتحاربين !!
لقد رأى العالم تهاوي قطع "الدومينو"سابقا وسيرى مع قدوم "ترامب" وسائل تحكّم جديدة تجعل سقوط نظام لا يستغرق اكثر من زمن سفرة على متن طائرة من شمال أمريكا إلى جنوبها...
لقد قال "ترامب" علنا وبكلّ وضوح، ما كان يقوله رؤساء أمريكا سرّا في الغرف المظلمة.قديما كان رؤساء أمريكا يقولون كلاما جميلا ويأتون أفعالا قبيحة .."ترامب" مأخوذا بعزّة الانتصار والقوّة،على عكسهم ذهب بعيدا في التغوّل فهو يتوعّد متكبّرا ومتجبّرا،بفعل قبيح لا يتورّع عن كشفه وإعلانه بصلف إذ "مَنْ ذا يُطالب سيّدا في عبده!!!.
إنّ الحرب التّي يتوعّد بها "ترامب" خصومه في أرجاء أرض هو حاكمها الأوحد،ستكون برؤوس "فايسبوكية" "تويترية" "انستاغرامية" "مصنوعة بذكاء"!!!....ويبدو انّ الرّجل قد اطمأن وهو في بداية عهدته الجديدة، إلى ضمان إذعان كلّ العالم لسلطان أمريكا وجبروتها، لأنّه قرّر دون أن يستشير احدا،أن يتوجّه غازيا إلى المرّيخ.واللّه وحده يعلم بماذا سيعود إلى العالم من هذه الغزوة الجديدة.وقريبا سيصبح هذا المتعالي حاكم الأرض والقمر والمرّيخ وما بينهما من مجرّات وكواكب !! 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115