وبإذن من النيابة العمومية بمختلف أصنافها في تنفيذ جملة من الإيقافات التي شملت رجال أعمال وسياسيين وإعلاميين ووزراء سابقين و قضاة وغيرهم ممن تمت إحالتهم على ذمة قضايا مختلفة هي اليوم محل بحث وتدقيق من قبل قضاة التحقيق سواء في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب أو في القطب المالي كذلك في المحاكم العادية، في انتظار ما ستؤول إليه الأبحاث.
هذه الإيقافات لاقت انتقادات كبيرة من قبل المعارضة،كما اعتبر لسان الدفاع عن الموقوفين أن ملفات منوبيهم خاصة قضية التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي "بالفارغة"، في المقابل هناك من ثمّن هذه الخطوة وطالب بضرورة محاسبة كل من يثبت القضاء تورطه في هذه القضية أو في غيرها من قضايا الفساد المنشورة لدى قضاة التحقيق بالقطب القضائي المالي أو تلك التي لا تزال في طور البحث الأولي.
وقد شهدت الفترة الأخيرة وتحديدا منذ تاريخ 11 فيفري المنقضي جملة من الإيقافات التي شملت سياسيين وإعلاميين وقضاة ورجال أعمال ووزراء سابقين وغيرهم، فهناك من تم إيقافه على ذمة قضايا ذات صبغة إرهابية مثل قضية التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي على غرار كمال اللطيف وخيام التركي وعبد الحميد الجلاصي وشيماء عيسى ورضا بالحاج وغازي الشواشي، كذلك هناك من أحيل على التحقيق من أجل شبهات فساد مالي وإداري وتبييض أموال واختلاس مثل نور الدين بوطار وحطاب بن عثمان والطيب راشد وغيرهم، ملفات هي اليوم من منظور حكام التحقيق في كل من القطب القضائي الاقتصادي والمالي والقطب القضائي لمكافحة الإرهاب التي انطلقت في أعمالها من اجل كشف كلّ الحقيقة وإعطاء كل ذي حقّ حقه، إما بالإدانة أو بالبراءة، القضاء اليوم أمام مهمة دقيقة في قضايا وملفات حساسة أثارت جدلا كبيرا في ظلّ الوضع الاستثنائي الذي تعيشه البلاد ويعوّل فيها رئيس الجمهورية قيس سعيّد على القضاة الشرفاء للعب دور كبير في مكافحة الفساد والإرهاب وفق تعبيره.
في ظلّ تسارع الأحداث خلال هذه الفترة ومع ارتفاع نسق الإيقافات والأبحاث في عديد القطاعات اختلفت المواقف والقراءات لهذا المشهد فهناك من يعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح للحدّ من ظاهرة الفساد التي استفحلت ومحاسبة كل من ثبت تورطه بصفة مباشرة او غير مباشرة في إهدار المال العام، كما هناك من يراها مسار خاطئ والهدف منه هو تصفية الخصوم السياسيين، وأمام هذه الوضعية والآراء المتباينة فالجميع ينتظر توضيحا رسميا سواء من الجهات القضائية المتعهدة بالملفات المنشورة لديها أو من قبل الجهة الأمنية وتحديدا وزارة الداخلية لإنارة الرأي العام ووضع حدّ لكلّ التأويلات من خلال كشف المعطيات المسموح بها حول تلك القضايا مع احترام سرّية التحقيق.