وعكس ما يدعيه رئيس الجمهورية من أن مشكلة غياب المواد الأساسية راجع بالأساس إلى الاحتكار والمضاربة واخفاء هذه المواد وتخزينها وتضخيم عمليات المضاربة في وسائل الإعلام، وتأكيده في عدة لقاءات جمعته بوزراء الداخلية والعدل على تشديد الخناق الأمني والقضائي على هؤلاء "المجرمين" الذين توعدهم ذات ليلة من مقر وزارة الداخلية بـ"حرب دون هوادة"، تظهر الإحصائيات التي تحصلنا عليها أن الملاحقات الأمنية للمواطنين والتجار والايقافات العشوائية في صفوفهم أفضت إلى إطلاق سراح حوالي 92% من المظنون فيهم والمتهمين بممارسة الاحتكار والمضاربة خلال السبعة أشهر الأولى التي تلت إصدار مرسوم الإحتكار بالرائد الرسمي، حيث تم إطلاق سراح 2318 شخصاً من أصل 2542 مظنون فيهم في الفترة الفاصلة بين 11 مارس 2022 و 7 أكتوبر 2022.
وبالرغم من تشديد العقوبة الجزائية لجريمة الاحتكار التي أصبحت تصل إلى السجن مدى الحياة ودفع خطية مالية يمكن أن تصل لـ500 ألف دينار، فإن هذه الإحصائيات خير دليل على الطابع العشوائي لهذه الإيقافات بهدف إرضاء شهوات من وضع هذا المرسوم الذي أثبت فشله في تحقيق الهدف الذي وضع من أجله. كما تكشف هذه الإحصائيات أن ما تصوره وزارة الداخلية ومن ورائها قيس سعيد على أنها نجاحات أمنية ليست إلا مسرحيات شعبوية وبطولات وهمية الهدف منها ترويع التجار مما انعكس سلبا على المعيش اليومي للمواطنين والتغطية على فشل سياسات الحكومة وخياراتها الإقتصادية.