من النادر أن نجد قاضي تحقيق محل انتقاد لاذع من قبل محامين وغيرهم وصل إلى حد الاتهام الصريح بالتواطؤ في عدم كشف حقيقة ملف شكري بلعيد من قبل احد عناصر هيئة الدفاع في الملف، «هجوم» وصفته جمعية القضاة التونسيين بالشرس ورفعت شعار المدافع عن منظوريها وتنزيهه عن كل تجاوز. «المغرب» سلطت الضوء عن هذا الملف.
قاضي التحقيق بالمكتب 13 كان بالمحكمة الابتدائية بتونس قبل أن ينتقل إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب وتم تعهيده مؤخرا بملف واقعة باردو علما وان احد القنوات التلفزية الخاصة بثت فيدو لتشخيص العملية الذي أثار جدلا واسعا حول كيفية تعامل الإعلام مع المادة القضائية والملفات الإرهابية بصفة خاصة.
تاريخية الانتقادات والمؤاخذات
لا أحد فوق النقد والمحاسبة إن كانت هناك تجاوزات مهما كان المتسبب فيها لأن القانون فوق الجمع هذا ما يفترض تطبيقه لبناء دولة ديمقراطية ومنظومة قضائية سليمة، أصابع الانتقاد والطعن في ثقة قاضي التحقيق بالمكتب13 ليس بالأمر الجديد ولم يأت على خلفية ما حصل في عملية باردو الإرهابية فالبداية كانت مع ملف اغتيال شكري بلعيد إذ عبرت هيئة الدفاع في الملف عن استياءها من تعاطي هذا الأخير مع الملف لأنه لم يستجب إلى عدد من طلباتها التحضيرية ،استياء وصل حد اتهامه بإخفاء الحقيقة والتواطؤ وذلك في تصريح للمحامي علي كلثوم. كما نذكر أن أرملة بلعيد تقدمت بطلب إلى وزير العدل السابق محمد صالح بن عيسى سحب الثقة من قاضي التحقيق الثالث عشر لعدم التعاطي الجدي مع الملف وتعويضه بقاضي آخر يتعهد بالقضية، طلب أجاب عنه بن عيسى بأن أحاله إلى التفقدية العامة بوزارة العدل للوقوف حقيقة الأمور فتبين أنه لا يوجد ما يستدعي سحب الملف منه.على خلفية ما أثاره الفيديو الذي بثته والمتعلق بعملية باردو الإرهابية تجددت مقولة «الأمن يشد والقضاء يسيب» لأن القاضي المذكور قد قرر إطلاق سراح الموقوفين في الملف بعد أن تبين له بأنهم ليسوا المشتبه بهم الحقيقيين. لكن لسائل أن يسأل لماذا هذا القاضي بالذات من بين البقية محل انتقاد واتهامات بالرغم من أن زملاءه بالقطب مكلفون أيضا بملفات إرهابية متشعبة؟ فهل الصدفة لعبت دورها بأن تكون القضايا محل جدل من تعهده أم هناك كلمات مفاتيح وحلقة مفقودة في الموضوع؟
جمعية القضاة على الخط مرة أخرى؟
تدخلت جمعية القضاة في وقت سابق عندما وجهت الاتهامات إلى قاضي التحقيق بالمكتب 13 ودافعت عنه بكل صلابة معتبرة أن هيئة الدفاع عن شكري بلعيد تريد توظيف القضية، ها هو التاريخ يعيد نفسه إذ نجد هذا الهيكل يدافع مرة أخرى على نفس القاضي اذ صرحت رئيستها روضة القرافي مؤخرا بأن «قاضي التحقيق 13 قضى 25 سنة من العمل القضائي ولا يزال والى اليوم لم يثبت بأن له أي انتماء سياسي أو حزبي كما انه وبخصوص أعماله في عديد الملفات وأمام الانتقادات التي واجهها تم إرسال 3 لجان تفقد لهذا الأخير من قبل وزارة العدل ولكنها لم تسجل أي تجاوز في حقه وبالتالي فإن الهجمة التي يتعرض إليها هذا الأخير هي هجمة شرسة وهناك أطراف تريد تشويه القضاء عامة وقاضي التحقيق 13 بصفة خاصة».النيابة العمومية من جهتها وعلى خلفية اتهام علي كلثوم لقاضي التحقيق محل الجدل بأنه لا يريد كشف الحقيقة وهناك تواطؤ في ملف شكري بلعيد فقد تحركت النيابة وفتحت بحثا تحقيقيا في الغرض واستمعت إلى المحامي المذكور.
بطاقة القاضي
سؤال طرحناه لأنه من المؤكد يخامر العديدين خاصة في ظل ما يواجهه قاضي التحقيق الأول بالمكتب 13 من انتقادات واتهامات ، الإجابة جاءتنا من انس الحمادي نائب رئيس جمعية القضاة التونسيين إذ قال عن مسيرة زميله المهنية «قاضي التحقيق الأول بالمكتب الثالث عشر لديه أكثر من 20 سنة من العمل القضائي وكله في المجال الجزائي أي القضايا ذات الصبغة الجزائية كما قضى فترة طويلة في خطة قاضي تحقيق ولا يزال والمعروف عنه في طريقة عمله و تعامله مع الملفات المتعهد بها ومع القضاة والمحامين بأنه يتميز بالحرفية والكفاءة ولا يقبل التدخلات والتوجيه وجدي في تطبيق القانون وان الانتقادات الموجهة لم تأت من جهات محايدة بل أتت من أطراف في القضايا سواء ملف شكري بلعيد أو ملف باردو» هذا وأضاف الحمادي بان زميله ورغم كل الاتهامات التي وجهت له إلا انه لم يخرق واجب التحفظ وهو ليس بالأمر الهين تحمل كل ذلك الضغط» ويعتبر القاضي المذكور من أول من تعهد بقضايا ذات طابع إرهابي باعتبار أن قضية اغتيال شكري بلعيد هي أولى العمليات الإرهابية التي جدت في تونس ما بعد الثورة ليكلف فيما بعد بسلسلة أخرى من قضايا الإرهاب صلب القطب القضائي صحبة سبعة قضاة نحقيق آخرين وأربع نيابة عمومية.
واجب التحفظ؟
جدار الصد المكون من الهيكل القضائي والنيابة العمومية للذود عن قاضي التحقيق الأول بالمكتب الثالث عشر والدفاع عنه ولكن في المقابل نجد هذا الأخير لا يمكنه الخروج عن صمته والدفاع عن نفسه والرد على كل تلك الانتقادات وتوضيح الرؤية لأن القانون يمنع من ذلك وواجب التحفظ خط أحمر؟.فهل هذا التشريع نقمة تجعل القاضي مكبلا أمام الاتهامات أم نعمة تحيد به عن التجاذبات ويسلط طريق القانون للإجابة؟
«تجريح»
صرح عماد بن حليمة لسان دفاع النقابي الأمني عصام الدردوري بأنه تقدم بمطلب تجريح للرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس وذلك لسحب ملف منوبه من قاضي التحقيق بالمكتب 13 لأنه طبقا للقانون فإن «القاضي الذي لك معه خصومة لا يمكن أن يحقق معك في قضية» وذلك لخصومة قائمة بين حاكم التحقيق 13 و عصام الدردوري على خلفية ظهور الدردوري في حصة تلفزية و توجيهه لانتقادات لهذا الأخير و تم بعدها فتح بحث تحقيقي ضد الدردوري.