مرور 12 سنة على اندلاع الثورة التونسية: ملف الشهداء والجرحى لا زال بين القضاء الإداري وقضاء العدالة الانتقالية

قرر رئيس الجمهورية في السنة الفارطة تغيير تاريخ الاحتفال بذكرى الثورة من 14 جانفي 2011 إلى 17 ديسمبر 2010 اليوم مرّت اثنتي عشرة سنة على اندلاع أولى شرارات

الثورة التونسية من سيدي بوزيد لتمتدّ فيما بعد إلى كامل ولايات الجمهورية وصولا الى يوم 14 جانفي بإسقاط النظام ومغادرة الرئيس بن علي وقتها البلاد، موعد سجّله التاريخ وكان الأمل في تحقيق جملة من الأهداف التي من أبرزها الشغل والحرية والكرامة الوطنية من خلال بناء تونس الجديدة القائمة على القانون والمؤسسات. لكن هل تحقق هذا الأمل المنشود اليوم؟ هل ردّ اعتبار الشهداء والجرحى الذين سقطوا خلال الثورة؟

استند رئيس الجمهورية قيس سعيد في قراره المتعلق بتغيير تاريخ الثورة إلى أن شراراتها انطلقت في 17 ديسمبر 2010 وقد تم احتواؤها في 14 جانفي 2011 بالعاصمة عندما رفع شعار «ديقاج» في وجه النظام وإسقاطه.

وقد سقط عديد من الشهداء على خلفية الاحتجاجات والمواجهات منذ اندلاع الثورة بين المحتجين الذين خرجوا للمطالبة بالتنمية والحق في العيش الكريم وبإسقاط النظام وبين قوات الأمن وقد تعهد بملف الاحداث القضاء العسكري منذ 2011 وفتح أبحاثا تحقيقية ضدّ الرئيس الأسبق وعديد الإطارات الأمنية والوزراء السابقين وغيرهم منهم من كان بحالة إيقاف ومنهم من هو بحالة سراح كما يوجد من هم بحالة فرار، بعد سلسلة من الجلسات أصدر القضاء العسكري أحكامه الابتدائية بتاريخ 19 جويلية 2012 و التي تراوحت بين 10 سنوات سجنا والمؤبد من أجل تهم تعلقت بالقتل العمد والمشاركة في ذلك ومحاولة القتل العمد في حق الشهداء والمصابين، وقد تم استئناف تلك الأحكام لتقوم محكمة الاستئناف العسكرية بإعادة تكييف التهم وعليه تم الحطّ من العقوبات السجنية فكان أقصاها خمس سنوات في حق المسؤولين والأمنيين والنتيجة الإفراج على جميع المتهمين المودعين بالسجن، تم التعقيب وقررت « محكمة القانون» النقض والإحالة أي إعادة النظر في هذه الملفات ولكن بتركيز دوائر العدالة الانتقالية وبذلك أخذت تلك الملفات منعرجا جديدا.

طبقا للقانون الأساسي المتعلق بالعدالة الانتقالية تم تكليف هيئة الحقيقة والكرامة بقيادة هذه السفينة وتلقت آلاف الملفات من بينها ملفات شهداء الثرة ومصابيها وباستكمال أعمالها إحالتهم على أنظار الدوائر القضائية المتخصصة في العدالة الانتقالية التي انطلقت منذ 2018 تقريبا في فتحها لكن الى حد اليوم لا تزال تلك القضايا منشورة ولم يصدر أي حكم في أي منها لأسباب مختلفة أبرزها هروب مرتكبي تلك الانتهاكات أو الجرائم من العدالة فمنهم من غادر البلاد ومنهم من امتنع عن حضور الجلسات بل أكثر من ذلك فقد تم إصدار بطاقات جلب ولكنها عادت دون تنفيذ وهو مشهد يكرّس دون شكّ الإفلات من العقاب.
من جهة أخرى وعلى مستوى ردّ الاعتبار للشهداء والمصابين حصلت عديد المنعرجات منذ 2011 والى حد اليوم فبعد أن كان هذا الملف في عهدة وزارة العدالة الانتقالية تم تركيز كتابة دولة كلفت بالملف وهي مجدولين الشارني آنذاك لينتهي به المطاف في الهيئة العليا للحقوق والحريات الأساسية التي ضبطت قائمة في الشهداء والجرحى وأحالتها إلى الرؤساء الثلاث منذ 2018 وفي أكتوبر 2019 نشرتها الهيئة على موقعها الرسمي لتنشر في مارس 2021 بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، خطوات أثارت جدلا كبيرا متواصل الى اليوم والنتيجة آلاف الطعون أمام المحكمة الإدارية تنتظر الفصل فيها، ملف وبعد مرور أكثر من 11 سنة لا يزال معلقا بين القضاء الإداري والقضاء الانتقالي.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115