في مواقع التواصل الاجتماعي اعتبرتها وزارة العدل مخالفة لمقتضيات المرسوم عدد 54 المؤرخ في 3 سبتمبر 2022 والذي يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، مما اثار حالة من الاستنكار ومن المنتظر أن يعبر المحامون المحالون عن رفضهم لما يحدث بتحرك احتجاجي.
أثارت هذه المسألة جدلا كبيرا في صفوف أهل المهنة وعدد من المتداخلين في مرفق العدالة بصفة عامة والذين اعتبروا أن هذا النوع من الإحالات يتنزل في إطار تكميم الأفواه، وفيه استهداف مقصود لعدد من أصحاب العباءة السوداء.
وقد أثارت وزارة العدل مؤخرا جملة من التتبعات ضدّ مجموعة من المحامين بلغ عددهم أكثر من ثلاثين محاميا ، حيث قامت ليلى جفّال بتوجيه مراسلات للوكيل العام بمحكمة الاستئناف بتونس من اجل فتح أبحاث تحقيقية في حق محامين من بينهم المهدي زقروبة والأزهر العكرمي وذلك من اجل شبهة ارتكابهم لجرائم اتصالية من خلال نشرهم لتدوينات أو قيامهم بتصريحات إعلامية اعتبرت أنها مخالفة لمقتضيات المرسوم عدد 54 المؤرخ في 3 سبتمبر 2022 والمتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال، فقد أذنت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس بإحالة المحامي مهدي زقروبة على أنظار قاضي التحقيق من اجل استغلال أنظمة الاتصال ومعلومات لنشر إشاعات كاذبة ونسبة أمور غير صحيحة بغاية التشهير بالغير وتشويه سمعته والإضرار به ماديا ومعنويا والتحريض على الاعتداء عليه وبث خطاب الكراهية وكان المتضرر موظفا عمومية، تأتي هذه الإحالة على خلفية نشر زقروبة لتدوينة انتقد فيها كيفية تعاطي عدد من قضاة التفقدية مع الملفات المحالة على أنظارهم، أما إحالة الأزهر العكرمي الذي حضر في موفى الشهر المنقضي أمام قلم التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس فكانت على اثر تصريح قال فيه أن إعفاء القضاة كان استنادا إلى تقارير إرشادية وقد تم تأخير الاستنطاق إلى منتصف الشهر الجاري لتوفير قاعة جلسة حتى تكون الظروف أفضل وذلك نظرا لحضور عدد كبير من المحامين للدفاع عنه، العكرمي من جهته وصف قضيته بأنها سياسية بامتياز نظرا لمعارضته وعدد آخر من المحامين لمسار 25 جويلية.
أمام هذه الإحالات المتكررة والتي وصفت بالمقصودة اقترح الأزهر العكرمي مؤخرا بان تنتفض المحاماة لايقاف ما اسماه بالعبث، في هذا السياق قال في تصريح لـ«المغرب» إنه «علينا أن نقوم بردّ الفعل تجاه ما تقوم به وزرة العدل بإحالة أكثر من ثلاثين محاميا على التحقيق من اجل مواقفهم وآرائهم واستعمال المرسوم عدد 54 ضدهم، وذلك بهدف تصفية حسابات سياسية، فلا بد من إنارة الرأي العام وتوضيح بأن ما يحدث اليوم غير طبيعي، وسنعبر عن رفضنا له بردة فعل احتجاجية سيحدّد نوعها وزمانها لاحقا».
من جهة أخرى هناك عدد آخر من المحامين الذين أحيلوا على القضاء ولكن لا بمقتضى المرسوم عدد 54 وإنما جراء حوادث أخرى من بينهم كثير بوعلاق الذي من المنتظر أن يمثل أمام قلم التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس يوم 14 ديسمبر الجاري وذلك على شكاية تقدمت بها رئيس الدائرة الجناحية السادسة بالمحكمة الابتدائية بتونس وأعضائها من اجل تهمة التطاول على هيئة محكمة جلسة وهضم جانب أعضاءها وتهديدهم في جلسة علنية وذلك استنادا إلى مقتضيات المرسوم عدد 79 المؤرخ في 20 أوت 2011 والمتعلق بتنظيم مهنة المحاماة. كما تمت في أكتوبر المنقضي إحالة المحامية عضوة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات الأستاذة حياة جزار وزميلها أيوب الغدامسي عضو فرع منوبة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، على مكتب التحقيق من أجل تهم هضم جانب موظف عمومي من الصنف العدلي طبقا لأحكام الفصول 125 و126 من المجلة الجزائية، وذلك على خلفية شكاية تقدمت بها قاضية ناحية قرطاج منذ 2020 بعد تكليفهما بالدفاع عن احد ضحايا التعذيب.
إحالات رغم اختلاف أسبابها قوبلت بالرفض من قبل المنظمات والجمعيات الحقوقية ومن قبل الهيئة الوطنية للمحامين وفرعها الجهوي بتونس وغيرهم من ممثلي المجتمع المدني الذي اعتبروا المسألة خطيرة ومخالفة للقانون وفيها تهديد للحريات ونيلا من مقوّمات المحاكمة العادلة، في هذا السياق فقد صرّح العروسي زقير رئيس فرع تونس للمحاماة خلال مثول الأزهر العكرمي أمام التحقيق بأن مثل هذه الإحالات سواء على معنى المرسوم عدد 54 أو غيره يعتبر مساس من الحريات وهذا أمر مرفوض تماما وفق تعبيره.