ويفتح الباب لطرح الكثير من التساؤلات حول منظومة حقوق الإنسان ككل في تونس ومدى تطبيقها ونجاعتها واستجابتها لمتطلبات المرحلة سواء من الناحية التشريعية أو على مستوى الممارسة، اليوم وفي ظل الشعارات التي رفعت منذ الثورة ما الذي حققناه في مجال حقوق الإنسان؟
بلغة الأرقام المتعلقة خاصة بالعنف المسلط على النساء وبالاستغلال الجنسي والاقتصادي للأطفال والقضايا المنشورة أمام قضاء العدالة الانتقالية وغيرها من المسائل فان أقل ما يقال عنها أنها مفزعة ومتعارضة تماما مع مبدإ ضمان حقوق الإنسان ومع الشعارات ومع القوانين فالموجود على ارض الواقع عكس المنشود تماما.
«لا للإفلات من العقاب»
شعار رفع ولا زال في عديد المناسبات سواء من قبل ممثلي المجتمع المدني أو المنظمات والجمعيات الحقوقية وحتى السياسيين ولكن عند مقارنة النظري بما يحدث منذ سنوات والى اليوم على ارض الواقع فالمسألة تصبح متشعبة ولا مجال للمقارنة بين الموجود والمنشود، فما نعيشه اليوم هو «إفلات من العقاب» بكل المقاييس، فعندما تجد آلاف القضايا المتعلقة بضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا تزال ومنذ أكثر من أربع سنوات منشورة أمام الدوائر الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بمختلف محاكم الجمهورية والى اليوم لا يوجد أي حكم والسبب امتناع أغلب مرتكبي الانتهاكات على حضور جلسات المحاكمة بل أكثر من ذلك فهناك من غادر البلاد، وبالرغم من صدور بطاقات جلب في حق الكثيرين إلا أنها بقيت حبرا على ورق ولم تنفذ والنتيجة هروب من العدالة، قضايا معطلة و»ضحايا» تعذيب وقتل واختفاء قسري واغتصاب زمن بن علي وبورقيبة ينتظرون إلى حد اليوم إنصافهم ورد الاعتبار لهم علّ ذلك ينسيهم ما عاشوه من مشاهد موجعة ولو بعد سنين. كذلك ملف شهداء وجرحى الثورة الذي لا يزال إلى اليوم محلّ جدل كبير بالرغم من صدور القائمة بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية والنتيجة آلاف الطعون والاعتراضات منشورة لدى المحكمة الإدارية بصدد النظر فيها.
«بين الأرقام والواقع»
من جهة أخرى وبالرغم من الترسانة القانونية الموجودة اليوم والمتعلقة بحقوق الإنسان إلا أن تطبيقها على ارض الواقع كشف العديد من الثغرات التباين فيما بينها وهو ما جعل عديد المتداخلين يطالبون بتعديلات، أما فيما يتعلق بمدى تطابقها مع الأرقام والإحصائيات التي كشفتها تقارير منظمات حقوقية وهيئات وطنية سواء حول العنف والجرائم المرتكبة في حق المرأة والطفل من استغلال اقتصادي وتشغيل قسري وعنف ينتج عليه فقدان أحد الأعضاء وأحيانا يؤدي إلى الموت فإن المسالة تصبح خطيرة ولا بد من مرجعة منظومة حقوق الإنسان ككل.
تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان: «ضحايا» الانتهاكات ينتظرون الإنصاف والواقع يعزّز «الإفلات من العقاب»
- بقلم نورة الهدار
- 12:36 12/12/2022
- 1025 عدد المشاهدات
احتفت تونس مؤخرا كسائر بلدان العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان الموافق لــ10 ديسمبر من كل سنة، وبالنظر إلى المسألة من زاوية الواقع والموجود يختلف الأمر كثيرا