من بين الملفات التي لاقت اهتماما كبيرا لدى الرأي العام خلال الفترة الأخيرة الحديث المتكرر عن وجود ما بين 120 و150 ألف من العاملين في الوظيفة العمومية ممن تحصلوا على مناصبهم تلك إما بشهائد علمية مزوّرة أو تم انتدابهم بطريقة مخالفة للشروط المعمول بها،رقم فتح الباب إلى طرح الكثير من التساؤلات حول مدى صحّته وهل انه تم الاستناد إلى مصادر رسمية أم أنها مجرّد تخمينات،خاصة وان هناك من تحدث عن تطرق تقرير دائرة المحاسبات لهذا الموضوع وتضمنه لأرقام تخص وزارة التربية، من جهتها انطلقت الحكومة مؤخرا في عملية جرد للشهائد العلمية وتمت إحالة عشرات الملفات على القضاء،في هذا الإطار سلّطنا الأضواء على هذا الملف لمعرفة حقيقة ما يقال.
انطلقت الحكومة منذ السنة الدراسية الفارطة في تركيز منظومة للختم الإلكتروني للشهائد لوضع حد لعمليات التدليس وذلك وفق ما أفاد به نصر الدين النصيبي الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير التشغيل الذي بين أيضا أن عمليات الجرد داخل الوزارات ومؤسسات الدولة متواصلة.
بين 120 و150 ألف شهادة مزورة؟
أثير ملف «الشهائد العلمية المزوّرة والانتدابات المشبوهة» منذ السنة الفارطة تقريبا وذلك على خلفية التفطن إلى عدد من الحالات التي أحيل أصحابها على القضاء لاتخاذ ما يراه مناسبا في شأنهم ولكن بعد تداول تصريحات تتحدث عن ما بين 120 و150 ألف شهادة مزورة أو انتدابات على غير الصيغ القانونية أصبحت المسألة محلّ عديد الاستفهامات والشكوك حول ما إذا كانت هذه المعطيات ثابتة واستند من صرّح بها إلى مصادر رسمية معلومة أم أنها مجرّد تخمينات وتقديرات عشوائية، في هذا الإطار توصلنا إلى أن المسألة لا تتعدى أن تكون سوى تصريحات استند صاحبها إلى ما أسماه «تقديرات» دون ذكر مصدرها.
محكمة المحاسبات على الخطّ
من بين الأرقام التي تم التصريح بها والتي أثارت جدلا واسعا حديث عن وجود 12 ألف شهادة مزورة أو انتداب غير قانوني والمصدر تقرير محكمة المحاسبات،فهل تضمن هذا الأخير تلك المعطيات أو غيرها من الأرقام المتعلقة بتزوير الشهائد العلمية؟،لمعرفة الإجابة تحدثنا مع نجيب القطاري رئيس محكمة المحاسبات الذي نفى نفيا قاطعا تطرق التقرير الأخير أو أي تقرير سابق من تقارير المحكمة إلى مثل هذه المسائل سواء بخصوص وزارة التربية أو غيرها. علما وأن احد الذين تناولوا هذه المعلومة لم يطلع على التقرير للتثبت ولكنه استند إلى مجرّد أخبار متداولة هنا وهناك.
ماذا عن الهيئة العليا للرقابة الإدارية و المالية ؟
لمزيد من التحري والوقوف على حقيقة ما يقال بشأن تلك الأرقام التي وصفت «بالمبالغ فيها» وهناك من اعتبرها «فزّاعة لغاية في نفس يعقوب» تحدثنا مع رئيس الهيئة العليا للرقابة الإدارية المالية عماد الحزقي الذي قال في تصريح لـ»المغرب» حول هذا الموضوع» الهيئة لا تقوم بتقارير من هذا النوع ولكن طبقا لصلاحياتها تتلقى تقارير من التفقديات التابعة للوزارات وغيرها ولكن لم يصلنا شيء في المدة الأخيرة يتعلق بمسألة الشهائد المزورة أو الانتدابات غير المطابقة للشروط،علما وأنه في صورة وجود ملفات فردية فإن القرار النهائي يكون للوزير ولا يعود فيه إلى الهيئة».
«قطرة في بحر»
في ظلّ الحديث عن وجود 120 ألف تونسي أو ما يزيد دخلوا الوظيفة العمومية بشهائد مزوّرة فقد خرجت الحكومة عن صمتها مؤخرا ليصرّح نصر الدين النصيبي الناطق الرسمي باسمها ووزير التشغيل بأن عملية جرد للشهائد العلمية قد انطلق تنفيذها منذ فترة في مختلف الوزارات ولا تزال متواصلة مؤكّدا إحالة 15 ملفا صلب وزارته على القضاء.
من جهة اخرى وعلى مستوى جهوي فقد سبق وأن أحالت المحكمة الابتدائية بالقصرين عشرات الموظفين وطالبي الشغل على التحقيق في قضية تزوير شهائد مدرسية بكل من «القصرين» و»بوزقام «و»الزهور» وقد أسفرت عمليات الاستنطاق على إصدار بطاقات إيداع بالسجن في حق 10 أشخاص مقابل الإبقاء على ستّة آخرين بحالة سراح وفق ما صرح به سابقا الناطق الرسمي باسمها رياض النويوي، في سيدي بوزيد أيضا تعهدت النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية في الجهة بشكاية من وزارة التربية بخصوص تقدم عدد من الموظفين بالمندوبية الجهوية للتربية بسيدي بوزيد بشهائد في إطار ملفات ترقية تبين أنها مدلسة وأن المعنيين بالأمر تحصلوا عليها بطرق غير قانونية من مدرسة خاصة بمقابل مالي رغم أنهم لم يتلقوا أي تكوين وقد تم الاحتفاظ بعدد منهم بما في ذلك أصحاب مدارس خاصة للتكوين وتم فتح بحث ضدهم وإصدار بطاقات إيداع بالسجن في شأنهم وفق ما صرح لنا به الناطق الرسمي باسم المحكمة سالفة الذكر جابر الغنيمي.
حديث عن ما بين 120 و150 ألف شهادة مزورة: رئيس محكمة المحاسبات: «ليست لدينا معطيات من هذا القبيل في أي تقرير»
- بقلم نورة الهدار
- 12:15 01/12/2022
- 1657 عدد المشاهدات
•« مجرد تقديرات» لا سند رسمي لها وهيئة الرقابة المالية لم تتوصل بأي تقرير والملفات المحالة لا تتجاوز العشرات