خالد بودالي نائب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الافريقي: «إذا لـم تستيقظ الشعوب الافريقية ستفقد نمط عيشها الأصلي»

• «توفير الظروف الملائمة لتأهيل الفئات المتضررة من الهجرة القسرية والنزاعات والأزمات المناخية»

شدّد نائب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الافريقي خالد بودالي على ضرورة عمل مجلس الأمن والسلم الإفريقي على التنسيق مع الحكومات والأطراف الفاعلة في مناطق الازمات لاستباق تعكر الأوضاع وتخصيص فرق دبلوماسية تابعة للاتحاد الافريقي للوساطة أو البحث عن تمويل من الهياكل القارية والدولية حتى يتسنى حل الوضعيات المعقدة للفئات المتضررة من التهجير والنزاعات والأزمات المناخية. ودعا الى اعطاء دور فاعل للمجتمع المدني الإفريقي وتوفير مستلزمات عمله مادية كانت او بشرية مؤهلة والإنصات إليه كقوة اقتراح لإيجاد حلول لظاهرة الهجرة.
• لو تقدمون لنا لمحة بسيطة عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي؟
تمّ تأسيس المجلس سنة 2004 من طرف لجنة وزارية وتحديدا على مستوى وزارات الخارجية بالدول الأعضاء. وقد تمت المصادقة عليه من قبل رؤساء الدول.
• ما أهم أهدافه وما مجالات عمله؟
يهتم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بصفة عامة بمواكبة وتنفيذ برامج الاتحاد الافريقي والعمل أساسا على أجندا 2063. وذلك إضافة الى محاولة تقريب وجهات النظر بين الجهات الخمس لافريقيا وتنفيذ البرامج على ارض الواقع بناء على ما نكتسبه من خبرة في المقاربة التشاركية بين المسؤولين الرسميين وبين الشعوب والمواطنين الافارقة.
هذا بالاضافة الى العمل على انجاز برامج وتقديم تقارير استشارية والعمل مع القطاعات العشرة للاتحاد الافريقي.
• كيف تكون تمثيلية الدول الأعضاء في المجلس؟
لكل الدول الاعضاء في المجلس الاقتصادي والاجتماعي تمثيلية منظمتين على المستوى الوطني، اضافة الى ان لكل دولة منصب جهوي. عموما فان لكل دولة اربعة مناصب بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للاتحاد الافريقي (منظمتان على المستوى الوطني وواحدة على المستوى الجهوي وواحدة على المستوى القاري).
• حسب رأيكم، ماهي الأسباب التي تدفع بالمواطن الإفريقي للهجرة خاصة في اتجاه اوروبا؟
الهجرة الى اوروبا خاصة في اقليم الشمال قد أصبحت ثقافة وحلما يجب تحقيقه لدى الشباب. وبما أنها ثقافة فقد ترسخت في عقول الشباب مع محاولة اللجوء الى جزيرة معينة فيها حلم معين رغم ما تقوم به الدولة من اعطاء فرص (كالدراسة والتكوين) او تشجيع على العمل (كإعطاء قروض) الّا ان فكرة الهجرة تبقى مرسخة لدى الشباب.
بصفة عامة تعتبر الظروف الطبيعية والاقتصادية والتنموية العامل الاساسي، وتبقى فكرة خلق مبادرات تنموية مستدامة للشباب شغلنا الشاغل على المستوى الإقليمي وخاصة إقليم الشمال.
على الدولة هنا أن تقوم بطرح جملة من الحلول لإعطاء الشباب فرصة لتحقيق العيش الكريم وتمكنه من الاستقرار المادي والمعنوي.
نعلم ان التغييرات المناخية والانقلابات التي شهدهتها بعض الدول الافريقية وعدم الاستقرار الامني والنزاعات القبلية التي تعيشها بعض الدول كذلك عدم توفير فرص الشغل الى جانب الشحّ في الأفكار التنموية من قبل بعض الدول مما يجعل الشباب الإفريقي يفضل المغادرة وربما الموت عوض ان يعيش في منطقة معينة. مع ذلك فان ظاهرة الهجرة لم تكن وليدة اليوم، فداخل القارّة الإفريقية يهاجر المواطنون من جهة الى أخرى ومن بلد الى اخر. لكن المغامرة في قوارب الموت في اتجاه الدول الأوربية ثقافة يجب على الدولة وكل الفاعلين فيها من منظمات مجتمع مدني ووسائل اعلام ان يقوموا بتغييرها.
لتونس مثلا كل المكونات حتى تكون من بين أفضل واجمل الدول المغاربية وبلدان شمال افريقيا. التعليم ممتاز والأطر المسيرة جيّدة جدّا كذلك الشأن بخصوص الثقافة التونسية المميزة، لكن الاستقرار السياسي والاقتصادي والامني يعتبر من اهم العوامل التي تأثر بطريقة او بأخرى على الشباب وعلى وضعياتهم داخل الدولة.
• ما الحلول التي ترونها كفيلة بالحد من هذه الظاهرة؟
الحلول بالأساس هي التنمية المستدامة. هنا تكون مسؤولية الدولة كبيرة جدّا حيث انها مجبرة على تشجيع ابنائها وخلق مجالات اخرى وحلول، حتى ولو كانت جزئية، من أجل ادماجهم داخل المجتمع وتمكينهم من فرص قد تفتح لهم الأفاق والابواب كالتكوين المهني المجاني للشباب الذين ينقطعون بصفة مبكّرة عن الدراسة، وامكانية توفير قروض صغرى...
كما انه يجب على الدولة ان تكون لها تأثيرات على الشركات الوطنية و الاجنبية من خلال تحديد برنامج يشترط فيه ادماج عدد معين من اليد العاملة المؤهلة لذلك.
كما يجب على الدولة ان تقوم بتشجيع الاستثمار وتتمكن الدولة من ذلك يجب ان تبني سياسية داخلية مشجعة للاستثمار. سياسة تثبت للمؤسسات الأجنبية انّ الأرض خصبة للاستثمار، من خلال تحطيم السدّ المنيع الذي يعيق المستثمرين كالعراقيل الإدارية وأصحاب المصالح الشخصية.
• هل حقق»الصندوق الإئتماني الأوروبي للطوارئ من اجل افريقيا» نتيجة تذكر في الحد من ظاهرة الهجرة؟
النتيجة لن تأتي من الصندوق وانما تأتي من المنبع اساسا. والمقصود بالمنبع هنا الدولة ومؤسساتها، حيث انه يجب عليها ان تعمل على توفير العيش الكريم ومواطن الشغل لمواطنيها والانخراط اكثر في مستقبل الشباب وتقديم الحلول والمبادرات التنموية .
بصفة عامة سياسات الاتحاد الأوروبية، سياسات غطائية فقط نظرا لوجود مصالح تربطها ببعض الدول الإفريقية. أي غطاء على ما سيحصلون عليه خاصة من دول شمال إفريقا.
اذا نظرنا الى اتحاد المغرب العربي مثلا، لو انخرطت هذه الدول في تنفيذ هذا المشروع لكانت الدول المعنية متكاملة. وبالتالي يرتفع النمو الاقتصادي بدرجتين او بثلاثة وهو ما من شأنه ان يعطي فرص عمل لأكثر من خمسة ملايين نسمة من الشباب تقريبا.
كما ستنخفض المواد المستوردة وتبعا لذلك ستنخفض الديون الخارجية وهو ما يعطي للمجموعة الاقتصادية جملة من الحلول التي ستكون لصالح المواطن.
نحن كمجتمع مدني ومفكرين وأكاديميين ننتظر من الطرف السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، لذلك نوجه انذار الى الشعوب الافريقية وندقّ ناقوس الخطر فاذا لم تستيقظ خلال العشرية القادمة سنفقد ونمط عيشنا الأصلي كدول مغاربية.
• هل هناك طرق معينة لتفادي ذلك؟
رغم اختلافاتنا السياسية ورغم التوجهات الاستراتيجية بحكم ما يقع في العالم وبروز تكتلات مختلفة، فان مصلحة الشعب يجب أن تكون في الدرجة الاولى والعليا .
فالدول الأروبية رغم اختلاف اللغات والانتماءات والاديان، تتفق على شأن واحد وهو الاقتصاد لان الاقتصاد يصب في مصلحة المواطن. وهذا ما نطلبه كشعوب افريقية، فيمكن للسياسيين ان تكون لهم اختلافات لكن في ما يتعلق بالمجالات الاقتصادية والاجتماعية يجب المحافظة عليه.
• كيف ينظر المجلس للقوانين الخاصة بالهجرة في الدول الإفريقية؟
بالنسبة للقوانين هناك اتفاقية إطار للهجرة 2018 - 2030 وهذا ما نحاول ترويجه ونشره داخل الدول. وليست كل الدول تهتم بشؤون الهجرة باستثناء إقليم الشمال مثلا وبعض الدول ذات السيادة والتي تعاني من تفاقم ظاهرة الهجرة. هنا اقول يجب العمل والانخراط أكثر في الشؤون الأمنية ومحاربة الجريمة المنظمة. خاصة وانّ ما يوصف بـدول العبور» تمّ استغلالها من قبل الجريمة المنظمة. وما لاحظناه انّ الجريمة المنظمة اصبحت تتعامل بذكاء مع الدول المعنية وكلما تطورت الاجهزة الامنية تطورت الجريمة المنظمة.
وكان قد أنشأ مؤخرا في 2017 تقريبا مركز الهجرة بالمغرب باقتراح من الملك. ويعمل هذا المركز أساسا على جمع المعلومات ومحاولة ايجاد اطار قانوني يواكب سياسة الاطار الافريقية التي تمت المصادقة عليها في 2018 - 2030.
المسألة هنا أن جميع السياسات الافريقية يتم تطبيقها في جهات معينة ولا تطبق في بقية الجهات. وتتفاعل الجهات الأكثر تضررا مثلا إقليم الشمال .
• هل توصل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي إلى بعض الحلول بخصوص الهجرة غير النظامية؟
مسؤولية المجلس هنا تقديم تقارير استشارية رسمية الى المسؤولين على مستوى مفوضية الاتحاد الافريقي ودورنا هنا هو محاولة القيام بدراسات ميدانية لمختلف الجهات والعمل عبر طريقة مقاربة تشاركية عبر مختلف منظمات المجتمع المدني لدراسة الحالات لان المجتمع المدني يكون قريبا أكثر من المواطنين.
كما اننا طرحنا، خلال اللقاء الأخير لاعضاء المجلس، العديد من الحلول والاسئلة واستحضرنا العديد من التجارب كما استندنا في ذلك الى العديد من الخبراء والديبلوماسيين والاكادميين.
• ما اهم التوصيات التي خلص اليها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بخصوص ظاهرة الهجرة؟
في ما يتعلق بالهجرة في سياق السلام والأمن وحقوق الإنسان الناجمة عن التغيرات المناخية والاقتصاد الاجتماعي فان المجلس دعا الى ضرورة عمل مراصد الهجرة بالقارّة الافريقية على خلق منصات رقمية لتحديد هويات وأعداد الأشخاص المتضررين من الهجرة القسرية والنزاعات والكوارث والأزمات المناخية. و حث الأجهزة الرسمية بدول القارة على التعاون مع المجتمع المدني من أجل حسن الإحاطة بهؤلاء الأشخاص المتضررين.
كما يجب السعي إلى توظيف القدرات الفنية ومؤهلات هذه الفئات وتحويلها إلى عنصر دافع للتنمية بدول الاستقبال. وسعي دول الاستقبال بالتعاون مع مراصد الهجرة بالقارة إلى توفير الظروف الملائمة لتأهيل الفئات المتضررة من الهجرة القسرية والنزاعات والأزمات المناخية.
ذلك الى جانب ضرورة عمل مجلس الأمن والسلم الإفريقي على التنسيق مع الحكومات والأطراف الفاعلة في مناطق الازمات على استباق تعكر الأوضاع وتخصيص فرق دبلوماسية تابعة للاتحاد الافريقي للوساطة أو البحث عن تمويل من الهياكل القارية والدولية حتى يتسنى حل الوضعيات المعقدة للفئات المتضررة من التهجير والنزاعات والأزمات المناخية . و إعطاء دور فاعل للمجتمع المدني الإفريقي وتوفير مستلزمات عمله مادية كانت او بشرية مؤهلة والإنصات إليه كقوة اقتراح لحل هذه الأزمات.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115