ندوات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للاتحاد الإفريقي المنعقدة بالرباط: ضرورة بناء جسور الحوار بين الثقافات باعتبارها رافد ثراء في القارة الافريقية

• القوانين والنصوص لا يمكن أن يكون لها أثر ما لم تنزّل في ثقافة المجتمعات

نظّم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للاتحاد الإفريقي بشراكة مع وكالة التعاون الألماني (GIZ) بالتعاون مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالمملكة المغربية، ثلاث ندوات عمل حول مواضيع «حكامة الهجرة وفوائد تحقيق السلام» و «تحسيس منظمات المجتمع المدني بشأن بروتوكول حرية التنقل» و»توعية وسائل الإعلام الإقليمية بخصوص بروتوكول حرية التنقل»، وذلك من 07 إلى 11 نوفمبر بمقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالرباط.
بحضور عدد هام من المسؤولين الحكوميين والدبلوماسيين والخبراء والباحثين في شؤون السلم والأمن والهجرة و ممثلين عن مفوضية الاتحاد الإفريقي وهيئات الأمم المتحدة وممثلي عن منظمات المجتمع المدني بأفريقيا، عقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للاتحاد الإفريقي ندوات تمّ خلالها التطرق إلى مسألة الهجرة في القارة الإفريقية وتداعياتها.
العمل على نشر بروتوكول حرية التنقل
أكد أعضاء المجلس ان تحقيق الأمن والسلم في ظل تنامي موجة الهجرة بالمجتمعات الأفريقية يقتضي سن سياسة اقتصادية واجتماعية تنبني على مقاربة شاملة لتدبير إشكالية الهجرة لتصحيح الصور النمطية الخاطئة عن الهجرة لفائدة تنمية البلدان الأصلية وبلدان الاستقبال.
ويهدف هذا الملتقى أساسا الى محاولة إسماع الأصوات الأفريقية حول سياسة الهجرة على المستوى العالمي، حتى لا تتحوّل بعض البلدان إلى منصات لتجميع المهاجرين مع ضرورة بناء جسور الحوار بين الثقافات باعتبارها رافد ثراء في القارة والعمل على تعزيز ثقة الشعوب الأفريقية في قدرتها.
ويندرج هذا اللقاء في سياق دعم وتطوير مخطط العمل المنهجي المتعلق بالهجرة لقارة أفريقيا 2018-2023 وتفعيل السياسة والهيكلة الأفريقية للسلم والأمن (APSA) وهيكلة سياسة الحكامة الأفريقية (AGA)، تماشيا مع المبادئ التوجيهيةّ المنصوص عليها بأجندة الاتحاد الإفريقي 2063 في هذا المجال.
واعتبارا إلى أنّ القوانين والنصوص لا يمكن أن يكون لها أثر ما لم تنزّل في ثقافة المجتمعات، فقد ركّز المشاركون خلال الندوات على مسألة «توعية منظمات المجتمع المدني الإفريقي بأحكام ومحتوى بروتوكول التنقل الحرّ للأشخاص داخل القارّة»، وذلك انطلاقا من ضرورة التفعيل الشامل للسياسة الأفريقية للسلم والأمن، للحيلولة دون اندلاع النزاعات وتعزيز السلم والاستقرار واستدامة الأمن الجماعي والحكامة الرشيدة بالقارّة.
من جهته اعتبر وليام كارو رئيس أمانة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الافريقي ان توعية منظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام بأهمية بروتوكول حريّة التنقل ستساهم في نشر الوعي داخل الحكومات والمجتمعات حول قضايا المهاجرين واهمية اعتماد هذا البروتوكول وضرورة تجسيده على ارض الواقع.
وقد أكدت نادية بوعيدة رئيسة لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب على اهمية التجربة المغربية الرائدة في مجال الهجرة وعلاقتها بالأمن والسلم.
واعتبرت ان المملكة المغربية كانت من ضمن الدول السباقة في اعداد سياسة عمومية تستجيب لحاجيات المهاجرين وتوفر لهم الدعم والمآزرة من أجل اندماج كامل.
كما تطرقت ،خلال مداخلة لها، الى مختلف المكتسبات القانونية والإدارية والاجتماعية والصحية والتعليمية التي حققها المهاجرون وذويهم بالمغرب الذي لم يعد بلد عبور بل أصبح بلد استقبال واستقرار للعديدين على حدّ تعبيرها.
«ارساء التعديدية السياسية وحرية التعبير والاختلاف»
من جهته تطرق عزالدين حميدان  عضو المجلس الاقتصادي و الاجتماعي  و الثقافي الافريقي، في مداخلة له خلال الندوة، الى «ظاهرة الارهاب» في مختلف الدول الافريقية وتداعيات ذلك على مختلف المجتمعات.
واعتبر في هذا الاطار ان الدول الافريقية مجبرة على محاربة الاسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي الى الانحدار خاصة الى بؤر الارهاب وذلك من خلال عملها على نشر التعليم وتوفير الشغل سواء في القطاع العام او بتشجيع المبادرة الخاصة في اطار مشاريع صغرى وتوفير سبل العيش الكريم والصحة والسكن. كما دعا الدول المعنية الى العمل على نشر قيم التسامح والتعايش السلمي من خلال مناهج التعليم وفي دور العبادة مهما كانت الاديان والعمل على ترسيخ ثقافة التضامن الاجتماعي.
كما شدّد على ضرورة الاعتماد على اصلاح واعادة ادماج من تمّ التغرير بهم لتبني الفكر الارهابي دون ان يقوموا باعمال ارهابية ضدّ الدولة بدل وضعهم في السجون ونبذهم وعزلتهم. ذلك الى جانب ضرورة «ارساء أنظمة الحوكمة في الممارسة السياسية وتكريس مفهوم دولة القانون وممارسة الديمقراطية في المجتمعات الافريقية بدل السياسات الفردية والكليانية والشمولية».
ودعا عزالدين حمدان الى ضرورة ارساء التعديدية السياسية وحرية التعبير والاختلاف ضمن المجتمعات الافريقية، والعمل على ضمان حرية التنظيم وتكوين الجمعيات المدنية المستقلة والانصات الى مشاغلها واعتبارها قوة اقتراح مجتمعية من شأنها ان تكون رافد إصلاح اجتماعي واقتصادي وسياسي للدولة وشريكا في ترشيد الحكم.
توصيات المجلس الاقتصادي الاجتماعي والثقافي
وخلص المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الى انه حتى يتحقق النجاح لدى المجتمع المدني، فانه ينبغي توفر الإرادة الكاملة والايمان بأهمية وجود فكرة التجارة الحرة وحق كل فرد في القارة الافريقية في حرية الحركة، الى جانب توفر بيئة ملائمة للعمل تهيئ المجتمع المدني على القيام بعمله بشكل أفضل دون خرق للقانون الداخلي للدولة، ولكن يبقى الهدف في النهاية نشر الممارسات الجيدة، والتوعية بأهمية تعديل ممارسة معينة في الدولة إذا استلزم الأمر.
ذلك إلى جانب ان الايمان بفكرة المخاطرة والشجاعة للحصول على الهدف المطلوب تحقيقه في سياق ما تم عرضه من قبل. وضرورة إدخال تكنولوجيات ووسائل عمل جديدة داخل هيئات المجتمع المدني، وذلك من أجل تحليل المخاطر الناجمة عن التطور واستحداث توصيات وممارسات جديدة. والعمل على إنشاء اتحاد قاري بين المنظمات، يشمل منظمات القارة الافريقية، وذلك من اجل تبادل الممارسات الجيدة والتحديات.
أمّا في ما يتعلق بالهجرة في سياق السلام والأمن وحقوق الإنسان الناجمة عن التغيرات المناخية والاقتصاد الاجتماعي فقد شدد المجلس على ضرورة عمل مراصد الهجرة بالقارّة الافريقية على خلق منصات رقمية لتحديد هويات وأعداد الأشخاص المتضررين من الهجرة القسرية والنزاعات والكوارث والأزمات المناخية. و حث الأجهزة الرسمية بدول القارة على التعاون مع المجتمع المدني من أجل حسن الإحاطة بهؤلاء الأشخاص المتضررين.
ذلك الى جانب السعي إلى توظيف القدرات الفنية ومؤهلات هذه الفئات وتحويلها إلى عنصر دافع للتنمية بدول الاستقبال. اضافة الى سعي دول الاستقبال بالتعاون مع مراصد الهجرة بالقارة إلى توفير الظروف الملائمة لتأهيل الفئات المتضررة من الهجرة القسرية والنزاعات والأزمات المناخية.
ودعا مجلس الأمن والسلم الافريقي الى العمل على التنسيق مع الحكومات والأطراف الفاعلة في مناطق الازمات على استباق تعكر الأوضاع وتخصيص فرق دبلوماسية تابعة للاتحاد الافريقي للوساطة أو البحث عن تمويل من الهياكل القارية والدولية حتى يتسنى حل الوضعيات المعقدة للفئات المتضررة من التهجير والنزاعات والأزمات المناخية .
وشدد على ضرورة إعطاء دور فاعل للمجتمع المدني الإفريقي وتوفير مستلزمات عمله مادية كانت او بشرية مؤهلة والإنصات إليه كقوة اقتراح لحل هذه الأزمات.
من مبعوثة المغرب إلى الرباط : فتحية سعادة

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115