في ندوة صحفية حول «المبلغون عن الفساد إلى أين؟»: شهادات لعدد منهم، حديث عن حصول تنكيل ودعوة رئيس الجمهورية إلى التدخل

عقدت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والنقابة الوطنية للصحفيين ندوة صحفية أمس الثلاثاء 4 اكتوبر الجاري تحت عنوان «المبلغين عن الفساد إلى أين؟»

كما تم الاستماع إلى جملة من الشهادات لعدد من المبلغين الذين تعرضوا إلى عمليات هرسلة وطرد من العمل وأصبحوا محلّ تتبعات، وقد سجّلت هذه الندوة حضور ممثلين عن المجتمع المدني وغيرهم من المتابعين لهذا الملف.
على المستوى التشريعي سنّت تونس القانون الأساسي عدد 10 المؤرخ في 7 مارس 2017 المتعلق بالإبلاغ عن الفساد وحماية المبلغين، والذي ينص الفصل 19 منه من باب آليات وشروط حماية المبلغ على أن «ينتفع المبلّغ بناء على طلب منه أو بمبادرة من الهيئة وبشرط موافقته بالحماية من أيّ شكل من أشكال الانتقام أو التمييز أو الترهيب أو القمع. كما تتمّ حمايته من أيّ ملاحقة جزائية أو مدنية أو إدارية أو أيّ إجراء آخر يلحق به ضررا ماديا أو معنويا إذا كان كل ذلك بمناسبة الإبلاغ أو تبعا له.تسند الحماية بقرار من الهيئة ويتمّ تنفيذ قرارات الحماية بالتنسيق مع السلطات العمومية المعنية بتوفيرها وخاصة الأمنية وفق التشريع الجاري به العمل.وتنسحب الحماية على الأشخاص وثيقي الصلة بالمبلّغ المشار إليهم بالفصل 26 من هذا القانون.ويستثنى من الحماية من يقدّم عمدا، تبليغا بقصد الإضرار بالغير دون وجه حقّ».

وقد اعتبر رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلم خلال افتتاحه للندوة الصحفية حول المبلغين عن الفساد أن نتائج شعار «مكافحة الفاسد» الذي رفع في ظل الحكومات التي تعاقبت على تونس بعد الثورة لم تكن في المستوى المطلوب ولم تتم معالجة هذا الملف وقد أصبح الفساد منظومة كاملة لا مجرد ظاهرة وفق تعبيره، هذا وقال بخصوص «المبلغين عن الفساد داخل المؤسسات والإدارات وهياكل الدولة لذلك اعتقدوا أنهم محميون وتجندوا لتقديم ملفات ومعطيات تتعلق باخلالات لكنهم تعرضوا إلى شتى أنواع الهرسلة والظلم والفصل عن العمل والتتبع الجزائي وهذا خطير جدّا».
من جهته دعا الأسعد الذوادي رئيس المعهد التونسي للمستشارين الجبائيين المبلغين عن الفساد إلى تقديم عرائض جماعية إلى محكمة حقوق الإنسان بجنيف ومكتب الأمم المتحدة المختص في الجريمة والمخدرات بالنمسا باعتبار انه معني بتطبيق اتفاقية الأمم المتحدة من كل الدول الموقعة عليها والتي تنص على ضرورة حماية الشهود والضحايا والمبلغين والخبراء ولكن الدولة لم تلتزم بهذه الأحكام ، هذا وقال أيضا «الفساد في تونس تحول إلى صناعة وأصبح مقننا فمقاومته تنطلق من تقارير محكمة المحاسبات وتقرير التفقدية العامة بوزارة العدل وتقرير هيئة الحقيقة والكرامة ولكن هذه التقارير ظلت مقبورة لا تحال على النيابة العمومية وذلك بصفة متعمدة».

وقد قدّم عدد من المبلغين شهاداتهم بخصوص ما تعرضوا إليه من هرسلة وسوء معاملة على خلفية تقديمهم لملفات فساد تتعلق بمؤسسات وهياكل صلب الدولة وغيرها، هالة مجدوبي عن الجامعة التونسية للرياضات الجوية صرّحت بأنها أبلغت عن سلسلة من الاخلالات الإدارية والمالية الذي قام بها رئيس الجامعة سالفة الذكر والذي كان يعقد اتفاقيات مع أطراف مشبوهة لكنها تعرضت إلى الطرد كذلك التهديد وتقديم شكايات ضدّها في سرقة المال العام وخيانة مؤتمن لكن القضاء أنصفها.

أشرف بن عائشة مبلغ عن صفقات فاسدة واخلالات إدارية تتعلق بالشركة الوطنية للسكك الحديدة، وقدّم في الغرض ملفات إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد آنذاك تتعلق بسوء التصرف وإهدار المال العام وأخرى تتعلق بعمليات مشبوهة بشأن التقاعد والخطط والترقيات والشهادات الجامعية والتلاعب في تعويضات حوادث القطارات وغيرها ، في المقابل تم عزله من العمل وقد اتصل بجميع السلط وتحصل على قرارات حماية من الهيئة كذلك على حماية أمنية وبدل تنفيذ القرارات وإعادته إلى عمله تم التنكيل به وتقديم شكاية ضدّه في تسريب وثائق وفق قوله.

هناء عياد قدمت شهادتها كمبلغة عن الفساد في شركة بترولية بصفاقس وقد وصفت تلك الاخلالات بأنها تمس من الأمن القومي ولكنها تعرضت بدورها إلى الهرسلة وتقديم قضية ضدّها بتهمة تسريب وثائق سرية ، أما داود الخضراوي فقد طرد بسبب تبليغه عن فساد مالي وإداري بالشركة الوطنية لعجين الورق والحلفاء بالقصرين وبعد تقديمه لمراسلة الجهات المعنية بتنفيذ قرار الحماية اتصل به شخص طلب منه تقديم مطلب التماس وما يفيد وضعيته الاجتماعية الصعبة ولكنه رفض ذلك وقرر رفع شكاية ضدّه وفق تعبيره.

حاتم الرصايصي قدّم نفسه بأنه مبلغ عن الفساد منذ 2011 حيث تقدم بجملة من المقترحات لتطوير محكمة المحاسبات لكنها لم تعجب عددا من القضاة وعلى رأسهم كاتب عام المحكمة الذي قام بنشر ملفه الشخصي في بهو محكمة المحاسبات لا لشيء إلاّ لأنه تصدى لجملة من الممارسات التي قام بها على غرار انتداب ابنته بمناظرة شكلية، كما رصد جملة من التقارير التي تثبت نهب للمال العام وسرقة أموال تتعلق بهبة الأمم المتحدة لم تحل على النيابة مبينا ان الكاتب العام قام بممارسة ضغط على القضاة وعلى الرئيس الأول للمحكمة الإدارية بهدف تجميد الشكايات التي قدّمها في الغرض كما تم طرده ورفع شكايات ضدّه وفق تعبيره. وقد طالب المبلغون الحاضرون رئيس الجمهورية بفتح هذا الملف في القريب العاجل.

 

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115