على أنها لن تكون عودة كسابقاتها وستكون استثنائية بجميع المقاييس وعلى عديد المستويات، فالحركة القضائية لم تنشر بعد ،كما أن مصير القضاة المعفيين والصادرة في شانهم أحكام إدارية بإيقاف تنفيذ قرارات اعفائهم لازال مجهولا وجميع التحركات الاحتجاجية واردة.
تعيش الساحة القضائية منذ ان اصدر رئيس الجمهورية للمرسوم عدد 516 المؤرخ في غرة جوان 2022 تعيش حالة من الاحتقان والغضب في صفوف القضاة عامة والمشمولين بقرار الإعفاء بصفة خاصة.
ستعود في منتصف هذا الشهر الحركية للمحاكم بكامل تراب الجمهورية مع انتهاء العطلة القضائية في ظلّ أجواء اقل ما يقال عنها أنها ضبابية ومحتقنة لعدّة أسباب أبرزها عدم نشر الحركة السنوية للقضاة رغم استكمال المجلس الأعلى المؤقت للقضاء العدلي لأعماله وإحالة الحركة على أنظار رئيس الجمهورية قيس سعيّد، وهناك أنباء متداولة مفادها أن المجلس قرر إدماج القضاة المعفيين (49 قاضيا) الصادرة في حقهم أحكام من الرئيس الأول للمحكمة الإدارية تقضي بإيقاف تنفيذ قرارات إعفائهم وهو ما يعزّز فراضية اعتراض رئيس الجمهورية على ذلك خاصة وأنه قد لمّح سابقا لذلك في إشارة إلى الأحكام الصادرة ضدّ السلطة التنفيذية، في انتظار رفع الستار عنها لمعرفة الحقيقة الكاملة، علما وأن حالة من الاحتقان في صفوف القضاة وكلّ المتداخلين في مرفق العدالة صاحبت هذا التأخير في ملف الحركة القضائية الذي يشهد ولأول مرة مثل هذه المنعرجات علما وأن المرسوم عدد 11 المؤرخ في 12 فيفري 2022 والمتعلق بار ساء المجلس الأعلى المؤقت للقضاء لم ينصّ على موعد محدّد لنشر الحركة القضائية ويعطي لرئيس الجمهورية أجل 21 يوما لإبداء رأيه في الحركة إما بالمصادقة عليها أو بالاعتراض الكلي أو الجزئي.
من جهة أخرى لا زال ملف القضاة المعفيين في مفترق طرق خاصة بعد رفض وزارة العدل تنفيذ الأحكام الصادرة عن القضاء الإداري والتي أوقفت تنفيذ 49 قرار اعفاء من بين 57 طعنا أحيلت على الرئيس الأول المحكمة الإدارية، والأكثر من ذلك أحالت الوزارة 109 شكاية على أنظار القضاء ضدّ كلّ القضاة المشمولين بالإعفاء وقد فتح تحقيق في عدد كبير منها من أجل تهم مختلفة منها ما هي ذات صبغة إرهابية ومنها ما يتعلق بفساد مالي والقائمة تطول، في انتظار سماع المعنيين بالأمر الذين وبمقتضى الحكم الإداري استرجعوا الحصانة التي تتطلب توجيه مطلب للمجلس الأعلى المؤقت للقضاء العدلي من اجل رفعها حتى يتسنى للجهات القضائية استكمال أعمالها التحقيقية، هذا ويوجد مخرج آخر بيد المجلس سالف الذكر باعتبار ذلك جزءا من تنفيذ الأحكام حيث ينتظر القضاة المعنيون بفارغ الصبر القرار الذي اتخذ بشأنهم وهل تم إدماجهم في الحركة القضائية أم أن المجلس المختص غيّر موقفه بعد أن تم إعلامه بالإحالات الجزائية علما وأن المجلس لم يعلن عن الشغورات في تلك المناصب والخطط، وهناك أنباء تفيد بأنه أعاد ادمجاهم ولكن في غير خططهم في إطار إيجاد مخرج للأزمة. في انتظار الإجابة على عديد التساؤلات يبقى الغموض والاحتقان هما عنوان العودة القضائية التي يمكن أن تكون بطعم الاحتجاجات.