أكثر من 100 شكاية وفتح أبحاث تحقيقية في شبهات فساد وإرهاب ضدهم: القضاة المعفيون بين قرارات المحكمة الإدارية وإجراءات وزارة العدل في انتظار موقف المجلس

تواصل السلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل إبلاغ ردّها ضمنيا بأنها لن تنفذ قرارات المحكمة الإدارية بتوقيف إعفاء 49 قاضيا وقاضية، وذلك من خلال إصدارها لبلاغ

عشية السبت الفارط تحدثت فيه عن وجود أطراف تسعى إلى تعطيل مسار المحاسبة وتدعي عدم وجود ملفات وعدم إثارة تتبعات جزائية وقد تعهدت النيابة العمومية بــ109 ملفا تتعلق بالقضاة المعفيين وقد زاد هذا البيان من حالة الاحتقان التي تعيش على وقعها الساحة القضائية وينتظر أن يدخل القضاة في تحركات احتجاجية جديدة خلال الأيام القادمة.
أولى مؤشرات عدم تنفيذ الأحكام الإدارية التي بعثت بها وزارة العدل بعد أيام من صدور هذه الاحكام إعلان وجود إجراءات تتبعات جزائية ضدّ كل القضاة المشمولين بالإعفاء على معنى الأمر الرئاسي عدد 516 المؤرخ في غرة جوان المنقضي.
من «فرحة «الإنصاف» إلى «قفص الاتهام»
في الوقت الذي كان ينتظر فيه انتهاء الأزمة التي دامت أكثر من ثلاثة أشهر بتنفيذ قرارات إيقاف التنفيذ الصادرة عن المحكمة الادارية والمتعلقة بـ49 قاضيا من بين المشمولين بأمر الإعفاء أخذ الملف منعرجا جديدا زاد من حدّتها خاصة مع قرب انتهاء العطلة القضائية، فوزارة العدل وبعد اعلانها أن هؤلاء القضاة محل إجراءات تتبعات قضائية وقدّمت تفاصيل جديدة تفيد بأنها قد أحالت 109 ملفات على أنظار النيابة العمومية التي أذنت بدورها بإحالة عدد هام منها على القطب المالي وقطب مكافحة الإرهاب وتم فتح أبحاث تحقيقية في الغرض من أجل عدة جرائم كالفساد المالي والرشوة وغسيل الأموال والجرائم الاقتصادية والديوانية بالإضافة إلى جرائم ذات صبغة إرهابية كالتستر على تنظيم إرهابي وتعطيل الإجراءات والانحراف بها علاوة على جرائم أخرى كمساعدة شخص على التفصي من تفتيش السلطة العمومية واخفاء ما تثبت به الجريمة والتفريط في وسائل الإثبات الجنائي وغيرها من الجرائم المتمثلة في التدليس واستغلال خصائص الوظيف والأضرار بالإدارة وجرائم التحرش الجنسي ومخالفة القوانين المنظمة للأسلحة والذخيرة وفق نص بيانها، معطيات وصفت بالخطيرة ولكن يبقى السؤال لمَ لم تقدم وزارة العدل هذه الملفات التي تمس من الأمن القومي إلى المحكمة الإدارية عندما طلب منها ذلك خاصة وأنها في وقت سابق أعلنت أن الملفات جاهزة، كما أعلن رئيس الجمهورية قبل إصدار الأمر عدد 516 بان القرار جاء بناء على ملفات ومعطيات ثابتة لا تدع مجالا للشك، تساؤلات يطرحها اليوم القضاة ويطالبون الوزيرة ليلى جفّال بتوضيحها وبتقديم حيثيات هذه الشكايات للرأي العام.

إشترك في النسخة الرقمية للمغرب

اشترك في النسخة الرقمية للمغرب ابتداء من 25 د


المجلس الأعلى المؤقت للقضاء العدلي «في مفترق طرق»
أعلمت وزارة العدل المجلس المختص بآخر مستجدات القضاة المعفيين ومدته بقائمة في المشمولين بالتتبعات الجزائية (109 ملفا) باعتباره يستعد للإعلان قريبا عن الحركة القضائية علما وانه لم يعلن الشغور في الخطط محلّ الإعفاء وبقي ينتظر قرارات المحكمة الإدارية ليجد نفسه اليوم بين مطرقة تنفيذ أحكام باتة لا تقبل الطعن بأي شكل من الإشكال وسندان التتبعات المثارة من وزارة العدل ضدّ عدد من القضاة المعفيين بناء على عمليات جرد وأبحاث قامت بها التفقدية العامة والتي وجهت فيها اتهامات خطيرة جدّا تتعلق بشبهات جرائم فساد وأخرى إرهابية. فما المجلس الأعلى المؤقت للقضاء العدلي؟
عمليات الجرد متواصلة وتتبعات أخرى محتملة؟
أوضحت وزارة العدل في بيانها أن التتبعات المثارة كانت نتيجة تعهيد التفقدية العامة بمهمة جرد مكاتب القضاة المعفيين قصد تحديد المسؤوليات مما اقتضى اتخاذ الإجراءات القانونية في شان بعض المكاتب وإحالة تقارير الجرد على النيابة العمومية المختصة التي أذنت بفتح الأبحاث الجزائية اللازمة بشأنها. مؤكدة على أن عملية الجرد بخصوص بقية المكاتب ما تزال جارية، وفي ردّها على بيان ممضى من قبل رئيسة المحكمة الابتدائية ببنزرت بالنيابة والتي بينت فيه أنه تم إغلاق مكتب الرئيسة ( من بين المعفيين) من جهة غير معلومة وخارج التوقيت الإداري مما حال دون التصريح بالأحكام والأذون الاستعجالية فقد بينت وزارة العدل أن وضع المكاتب تحت طائلة الجرد لا يعطل سير العمل ولا يؤثر على حقوق المتقاضين ومنذ 1 جوان 2022 لم تقع إثارة أي إشكال في شانها وذلك على خلاف ما يدعيه البعض، معتبرة أن الغاية من ذلك تعطيل إتمام عملية جرد المكاتب والتأثير على مسار المحاسبة وفق نص البيان.
الأزمة تحتدّ وتحركات منتظرة
أحدث التتبعات الجزائية المثارة مؤخرا منعرجا جديدا في معركة القضاة والسلطة التنفيذية التي انطلقت منذ جوان المنقضي على خلفية إعفاء 57 منهم بأمر رئاسي من أجل شبهات مختلفة، فلجأ المعفيون إلى القضاء الإداري للطعن أمر إعفاءهم، حيث اصدر الرئيس الأول للمحكمة الإدارية بتاريخ 10 أوت الحالي إحكاما تقضي بإيقاف تنفيذ 49 قرار إعفاء مستندا في ذلك على عدم توفر ما يفيد سبب الإعفاءات من قبل الوزارة وعدم وجود تتبعات جزائية وتأديبية ضدّ الطاعنين طبقا لمراسلة المجلس المؤقت الأعلى للقضاء العدلي،ورفض 7 مطالب لأن أصحابها لديهم ملفات جزائية، هذه الأحكام وبالرغم من أنها نافذة وباتة إلاّ أن السلطة التنفيذية يبدو أنها اختارت عدم تنفيذها استنادا إلى التتبعات القضائية المثارة لاحقا وفق قراءة عدد من القضاة الذين وصفوا اغلب الشكايات بالمفتعلة والمستندة على تقارير أمنية إرشادية، هذا وقد صرّح رئيس الجمهورية قيس سعيّد خلال كلمته التي ألقاها بمناسبة ختم الدستور الجديد أنه «لا يعقل لسلطة مؤسسة في إشارة للمحكمة الإدارية أن تراقب إرادة السلطة التأسيسية الأصلية». مشهد ينبئ بدخول مرحلة جديدة من «الأزمة» واحتدام الصراع بين القضاة الذين يعتبرون قرارات المحكمة الإدارية باتة لا بد من تنفيذها تطبيقا للقانون وبين السلطة التنفيذية الممثلة في وزارة العدل التي تواصل إتباع إجراءات قضائية من جرد وتتبعات جزائية في ردّ ضمني منها بعدم الاستجابة لقرار الرئيس الأول للمحكمة الإدارية، علما وأن هناك قضايا طعون منشورة في الأصل من اجل إلغاء الأمر عدد 516 المتعلق بالإعفاءات. «تصعيد» وزارة العدل سيقابله تصعيد آخر من الهياكل الممثلة للقضاة حيث من المنتظر أن تخوض سلسلة جديدة من التحركات الاحتجاجية ولكن هذه المرة على عدم تنفيذ الأحكام الإدارية الباتة وما أسموه «بافتعال الملفات»، كما يتم الإعداد إلى سيناريوهات أخرى على المستوى القانوني والقضائي ينتظر الإعلان عنها خلال الأيام القليلة القادمة ،علما وأن القضاة المعنيين يمكنهم التشكي الجزائي والإداري بخصوص عدم تنفيذ قرارات إيقاف إعفاءاتهم.

المشاركة في هذا المقال

من نحن

تسعى "المغرب" أن تكون الجريدة المهنية المرجعية في تونس وذلك باعتمادها على خط تحريري يستبق الحدث ولا يكتفي باللهاث وراءه وباحترام القارئ عبر مصداقية الخبر والتثبت فيه لأنه مقدس في مهنتنا ثم السعي المطرد للإضافة في تحليله وتسليط مختلف الأضواء عليه سياسيا وفكريا وثقافيا ليس لـ "المغرب" أعداء لا داخل الحكم أو خارجه... لكننا ضد كل تهديد للمكاسب الحداثية لتونس وضد كل من يريد طمس شخصيتنا الحضارية

النشرة الإخبارية

إشترك في النشرة الإخبارية

اتصل بنا

 
adresse: نهج الحمايدية الطابق 4-41 تونس 1002
 
 
tel : 71905125
 
 fax: 71905115